استبق مئات اللبنانيين، يتقدمهم أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت، اجتماع مجلس الوزراء ومجلس الدفاع الأعلى، وتظاهروا أمام قصر العدل في بيروت أمس بعد يومين من تعليق التحقيق في القضية على خلفية تدخلات سياسية وشكاوى قانونية تطالب بتنحية المحقق العدلي طارق بيطار، وهذه المرة الثانية التي يعلق فيها التحقيق في الانفجار وأدى إلى مقتل 220 شخصا على الأقل.
وانضمت فرنسا إلى المحتجين، وأعربت وزارة خارجيتها عن الأسف لتعليق التحقيق، ورأت «أن للبنانيين الحق في معرفة ما جرى».
ودعت لأن يكون القضاء اللبناني قادرا «على العمل بشفافية تامة بعيدا عن أي تدخل سياسي».
وقالت الناطقة باسم الخارجية الفرنسية «الأمر يعود إلى السلطات اللبنانية للسماح باستمرار التحقيق بالموارد المالية والبشرية اللازمة، من أجل الإضاءة على ما حدث في 4 أغسطس 2020، بما يتوافق مع التوقعات المشروعة للشعب اللبناني».وحصل إشكال بين المعتصمين امام قصر العدل اثر انضمام المحامي رامي عليق اليهم، حيث اطلقت هتافات ضد حزب الله.
وتمكنت مجموعة من المحتجين من الدخول إلى الباحة الداخلية لقصر العدل، حيث يقع مكتب المحقق العدلي، وعلقوا لافتة ضخمة تضم صور الضحايا مع تعليق «لن تقتلونا مرتين».
وأمام قصر العدل، رفع الأهالي صور الضحايا ولافتات كتبوا عليها عبارات عدة، بينها «القضية أكبر من قاضي.. القضية الحقيقة» و«الشعب يحمي العدالة» و«لن ننسى»، كما حمل أحدهم صورة مرفقة بمجسم مقصلة ومذيلة بتعليق «نهاية كل فاسد».
وقالت ريما الزاهد، التي قتل الانفجار شقيقها الموظف في المرفأ، لوكالة «فرانس برس»: «نعاني منذ 13 شهرا من تدخلات السياسيين وأرباب الطوائف في مسار التحقيق.. ووصل بهم الأمر إلى حد اللعب على القانون».
وأضافت «عندما علمت بوقف التحقيق، شعرت بأننا نتعرض للخيانة مرة ثانية، ويقتلوننا مرة ثانية (..) كأنهم يقتلوننا ونحن نتنفس».
وعلق بيطار الاثنين الماضي التحقيق بعد تبلغه دعوى تقدم بها وزير الداخلية السابق نهاد المشنوق يطلب فيها نقل القضية إلى قاض آخر ردا على طلب استجوابه كمدعى عليه في القضية.
وخلال التظاهرة، قال وليام نون، شقيق أحد ضحايا فوج الإطفاء الذي كان يحاول إخماد حريق سبق الانفجار، لصحافيين «نحن نطالب بالحقيقة.. ممنوع أن يتهدد القاضي داخل العدلية».
وكان أهالي ضحايا تفجير المرفأ شيعوا قبل يومين، آخر الشهداء، ابراهيم مصطفى حرب، الذي ضجر من انتظار العدالة، فنام جريحا 420 يوما، إلى أن قضى متأثرا بإصابته، وبالحصانات التي كبلت القضاء.
لكن المصادر المتابعة واثقة من ان محكمة الاستئناف سترد طلب تنحية القاضي بيطار، المقدم من المشنوق، في حين يبقى عليه مواجهة دعاوى «الارتياب المشروع» المقدمة ضده من بعض الوزراء والنواب، والتي تهدف بمجملها إلى تعليق مهامه، ريثما تنقضي مرحلة انعدام الحصانة، المستمرة منذ تشكيل الحكومة، وحتى 19 أكتوبر، موعد الدورة العادية الجديدة لمجلس النواب، التي يستعيد بعدها النواب حصانتهم ضد الملاحقة القضائية.
في هذا السياق، غرد الرئيس عون قائلا «التحقيق ليس القضاء، وإذا اخطأ فهناك ثلاث درجات للتصحيح: البداية، الاستئناف، التمييز. لذلك، يجب أن يستمر التحقيق كي يدان المذنب ويبرأ البريء».
وتذكر رئيس حزب الكتائب سامي الجميل ضحايا الانفجار الرهيب وعددهم 220، وقال في تصريح له «لقد أوصلوا البلد إلى المكان الأصعب والأقسى بسبب سياساتهم وتسوياتهم وروحهم التجارية. وأضاف «حزب الله مسيطر على كل مفاصل الدولة وكل شيء يتحرك تحت وصايته». وأسف الجميل لتمكن مسؤول حزب الله وفيق صفا من إخضاع القضاة وتعليق مهمة المحقق العدلي.