«الأنباء» ـ الكويت ـ بيروت - عمر حبنجر ـ داود رمال
سجلت الديبلوماسية الكويتية خلال اليومين الماضيين حضورا لافتا على صعيد الملف اللبناني ومحاولة حل أزمة التوتر في العلاقات بين لبنان ودول الخليج العربي، والناتجة عن دعم ميليشيا حزب الله اللبناني للأنشطة الإرهابية التي ترتكبها ميليشيا الحوثي في اليمن والمزعزعة للاستقرار في دول الخليج.
المساعي التي قادها وزير الخارجية ووزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء الشيخ د.أحمد ناصر المحمد جاءت، كما أوضح، بتنسيق كامل مع دول مجلس التعاون والدول العربية، وهو ما يكرس الثقة بالكويت والدور التقليدي التاريخي لديبلوماسيتها في التعامل مع مثل هذه الأزمات للخروج بحلول تساعد الحكومة اللبنانية على مواجهة مشاكلها الداخلية الكبيرة والمتفاقمة وإقناعها بضرورة عودة لبنان على الأقل إلى مبدأ «النأي بالنفس» وعدم السماح بأي عدوان أو أذى يستهدف الدول الخليجية والعربية الشقيقة والالتزام بالقرارات الدولية وقرارات جامعة الدول العربية، خاصة ان هذه الدول أثبتت تاريخيا حرصها ومحبتها للبنان وشعبه وتسعى لعودته «أيقونة» كما كان. المسؤولون اللبنانيون قابلوا الزيارة باهتمام وتأكيد على التجاوب مع المساعي الكويتية.
ومن قصر بعبدا، جدد الشيخ د.أحمد الناصر التأكيد على أنه يحمل رسالة كويتية وعربية ودولية كإجراءات وأفكار مقترحة لبناء الثقة مجددا مع لبنان.
وللمزيد من التفاصيل:-
عون أكد لوزير الخارجية الالتزام بتطبيق «اتفاق الطائف» وقرارات الشرعية الدولية والقرارات العربية ذات الصلة
أحمد الناصر يقدّم رسالة كويتية - خليجية لإعادة بناء الثقة مع لبنان
اخترقت زيارة وزير الخارجية ووزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء الشيخ د.أحمد ناصر المحمد إلى لبنان الأجواء القاتمة في علاقات لبنان مع الدول الخليجية، وكسرت برسائلها الثلاث، التي تجدد المطلب العربي بالنأي بالنفس والإصلاحات، بعد تأكيد التضامن مع الشعب اللبناني، حاجز الأزمة.
وغطت الزيارة على مجمل الاستحقاقات اللبنانية الداخلية، من حيث الارتياح العام الذي عكسته على مختلف المستويات، استنادا إلى قناعة اللبنانيين بأن ما من تحرك أو مبادرة كويتية في لبنان أو تجاهه ما كانت يوما إلا إلى جانب الشعب اللبناني بدءا من ترؤس سمو الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد للجنة السداسية العربية، إبان الحرب الأهلية (1975 ـ 1976) التي مهدت لإنهاء هذه الحرب عبر اتفاقية السلام في مدينة الطائف في السعودية، مرورا بدعوة رؤساء الطوائف اللبنانية إلى الكويت في سياق معالجة أزماته عدا المساعدات المادية المباشرة.
المصادر المتابعة اعتبرت ان توسيع الانفتاح الخليجي على لبنان مرتبط بقدرة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي على الالتزام الفعلي بمضمون الرسائل الثلاث التي نقلها وزير الخارجية، بعناوينها اللبنانية والكويتية والعربية عموما، وإلا بدا القرار السيادي ليس بيد الحكومة قولا وفعلا.
وواضح ان التحرك الكويتي تجاه لبنان المأزوم بذاته، ومع أشقائه، وضع الحكومة اللبنانية تحت الاختبار مرة أخرى، وهذا ما أدركه المسؤولون اللبنانيون الذين التقاهم وزير الخارجية الشيخ د.أحمد ناصر المحمد، من صراحة المحب التي تحدث بها إليهم، من رئيس الجمهورية إلى رئيس الحكومة إلى وزير الخارجية ورئيس مجلس النواب نبيه بري صباح أمس، والتي يجب ان تكون شأن أصحاب العلاقة وحدهم، وهم الأقدر على التفاهم، دون تدخل طرف من هنا أو هناك، وفق المصدر اللبناني المتابع.
في السياق، أبلغ الرئيس اللبناني العماد ميشال عون وزير الخارجية، خلال استقباله له قبل ظهر أمس في قصر بعبدا، ترحيب لبنان بأي تحرك عربي من شأنه إعادة العلاقات الطبيعية بين لبنان ودول الخليج العربي، انطلاقا من حرص لبناني ثابت على المحافظة على أفضل العلاقات بين لبنان والدول العربية.
وشكر الرئيس عون للناصر المبادرة التي نقلها، والتي تعكس العلاقات المميزة التي تجمع لبنان بالكويت، لاسيما ان هذه المبادرة تحظى بدعم خليجي وعربي ودولي بهدف إعادة بناء الثقة بين لبنان ودول الخليج.
واكد الرئيس عون لوزير الخارجية التزام لبنان تطبيق اتفاق الطائف وقرارات الشرعية الدولية والقرارات العربية ذات الصلة، مشيرا إلى ان الأفكار التي وردت في المذكرة التي سلمها الناصر ستكون موضع تشاور لإعلان الموقف المناسب منها.
وجدد رئيس الجمهورية، خلال الاجتماع، على متانة العلاقات اللبنانية ـ الكويتية، محملا وزير الخارجية تحياته إلى صاحب السمو الأمير الشيخ نواف الأحمد، وسمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد، وشكر لبنان رئيسا وشعبا على وقوف الكويت دائما إلى جانب لبنان في مختلف الظروف الصعبة التي مر بها، إضافة إلى «رعاية اللبنانيين المقيمين في بلدهم الثاني الكويت».
وكان وزير الخارجية نقل في مستهل الاجتماع إلى الرئيس عون تحيات صاحب السمو وسمو ولي العهد والشعب الكويتي، مشيرا إلى تزامن زيارته مع مرور 60 عاما على قيام العلاقات الديبلوماسية بين لبنان والكويت، ومرور 30 عاما على ذكرى تحرير الكويت، مستذكرا موقف لبنان من الغزو العراقي الذي تعرضت له.
وقدم الشيخ د.أحمد ناصر المحمد إلى الرئيس عون المذكرة التي تضمنت أفكارا واقتراحات هدفها «إعادة بناء الثقة بين لبنان ودول الخليج»، مجددا التأكيد «على عدم التدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية، وعدم الرغبة في ان يتدخل لبنان في شؤون دول أخرى».
حضر الاجتماع عن الجانب الكويتي مساعد وزير الخارجية لشؤون الوطن العربي الوزير المفوض ناصر صنهات القحطاني، والقائم بأعمال سفارة الكويت عبدالله سليمان الشاهين، ونائب مساعد وزير الخارجية لشؤون مكتب الوزير أحمد عبدالرحمن الشريم، والمستشار في مكتب وزير الخارجية فواز عبدالله بورسلي، والسكرتير الثاني لإدارة شؤون الوطن العربي سالم علي أبوحديدة.
كما حضر عن الجانب اللبناني: وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بوحبيب، والوزير السابق سليم جريصاتي، ومدير عام رئاسة الجمهورية د.أنطوان شقير، والمستشارون رفيق شلالا وأنطوان قسطنطين وأسامة خشاب.
وفي ختام الاجتماع، دوّن وزير الخارجية كلمة في سجل التشريفات، جاء فيها «تشرفت بلقاء فخامة رئيس جمهورية لبنان الشقيق، حيث نقلت له تحيات أخيه سيدي حضرة صاحب السمو أمير الكويت، وحكومة وشعب الكويت، والتمنيات للبنان بأن ينعم بالمزيد من الاستقرار والأمن والازدهار».
وبعد اللقاء، قال وزير الخارجية في مؤتمر صحافي «نريد لبنان واحة وساحة أمل للجميع وملجأ للمثقفين والفنانين والأدباء والعلوم الإنسانية كلها وهذا لبنان الذي نعرفه».
وأضاف الشيخ د.أحمد ناصر المحمد «نقلت تحيات سيدي حضرة صاحب السمو أمير البلاد وسيدي سمو ولي العهد، حفظهما الله ورعاهما، وحكومة وشعب الكويت للبنان والتمنيات بمزيد من الأمن والاستقرار والرخاء للبنان».
وذكر «كما نقلت السبب الرئيسي لزيارتي إلى لبنان حيث أحمل رسالة كويتية خليجية عربية ودولية كإجراءات وافكار مقترحة لبناء الثقة مجددا مع لبنان».
وأوضح ان «كل هذه الافكار والمقترحات مستنبطة من قرارات الشرعية الدولية وقرارات جامعة الدول العربية وهو الآن بصدد دراستها وإن شاء الله يأتينا الرد على هذه المقترحات قريبا».
وردا على سؤال، قال ان «الذي طالبنا فيه بأن لا يكون لبنان منصة لأي عدوان لفظي او فعلي ونريد مثلما كان منذ 73 سنة متألقا وأيقونة ورمزية مميزة في العالم وفي المشرق العربي وليس منصة عدوان ومكانا آخر لجلب أي حساسية تجاه اهل هذا البلد الجميل وهذا الشعب الشقيق».
واضاف «وأجدد، لا يوجد هناك أبدا أي توجه للتدخل في شؤون لبنان الداخلية وهذه افكار ومقترحات لبناء الثقة، ونرجو أن يتم التعامل معها بشكل مفيد للجميع».
وقال ان الامر «هو فقط تطبيق ما تم الاتفاق عليه مسبقا، من بينها طبعا اتفاق الطائف وإذا كان هناك بعض الالتزامات التي لم تنفذ إلى غاية الآن نصل خلال تطبيقها بشكل ملموس إلى مبتغى الجميع».
وردا على سؤال حول مطالبة لبنان بتطبيق القرار الدولي رقم 1559 الذي ينقسم حوله اللبنانيون، قال «هذا أمر للبنانيين أنفسهم، لكن كل قرارات الشرعية الدولية هي ملزمة لكل دول العالم.. وعلى لبنان وجميع من هو معني بهذا القرار بالذات ان يكون متوافقا مع قرارات الشرعية الدولية».
وأشار إلى توجيه دعوة لوزير الخارجية اللبناني لزيارة الكويت لحضور اجتماع تشاوري عربي يعقد أواخر الشهر في الكويت، لافتا إلى دعوة سابقة مماثلة من سمو رئيس مجلس الوزراء الكويتي لرئيس الوزراء نجيب ميقاتي.
وأضاف «نحن نستضيف ما يقرب من 50 ألف لبناني في الكويت وسعداء بدورهم التنموي في الكويت.. ونرحب باللبنانيين على كل مستوياتهم لزيارة الكويت».
مأدبة غداء على شرف وزير الخارجية
بيروت - كونا: على شرف وزير الخارجية ووزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء الشيخ د.أحمد ناصر المحمد، أقام وزير الخارجية والمغتربين بالجمهورية اللبنانية عبدالله بوحبيب مأدبة غداء عمل رسمية امس بمناسبة الزيارة الرسمية التي قام بها الشيخ د.أحمد الناصر والوفد المرافق إلى بيروت.
وجرى خلال غداء العمل الرسمي بحث مجمل العلاقات الثنائية الوثيقة التي تربط البلدين الشقيقين وسبل تنميتها وتعزيزها في مختلف المجالات، اضافة إلى مناقشة المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية وآخر التطورات التي تشهدها المنطقة.
جاء ذلك قبل اختتام الشيخ د. أحمد الناصر زيارته الى لبنان والتي استمرت يومين، أجرى خلالها جولة من اللقاءات مع الرؤساء الثلاثة ووزير الداخلية.