بيروت ـ عمر حبنجر
يبدو ان القضايا اللبنانية العالقة هيمنت على جدول اعمال القمة السعودية ـ السورية التي انعقدت في الرياض، عناصر كثيرة فرضت هذه الاولوية، ابرزها زيارة الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد الى لبنان، وتفاقم ملف «شهود الزور» الذي تحاول المعارضة وضعه بموازاة ملف جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري وصحبه، وهو ما يشكل حالة مرفوضة بالمطلق من جانب الرئيس سعد الحريري والقوى المحلية والاقليمية.
وتشارك دمشق حزب الله القلق على الاستقرار في لبنان، من مغبة صدور قرار اتهامي يتناول اشخاصا سوريين ومن حزب الله في جريمة اغتيال الحريري وما تلاها من اغتيالات، وبالتالي فان العاصمة السورية تعتبر مثل هذا قرارا مسيسا، فيما يستبق حزب الله صدوره، بالقول انه «صناعة اميركية اسرائيلية».
اما الجانب السعودي فقد ركز على اهمية التمسك بمظلة التهدئة السعودية ـ السورية في لبنان، كما على ضرورة عدم اصطفاف دمشق الى جانب القوى الحزبية في لبنان.
فيلتمان على الخط
وانضمت الولايات المتحدة الى معادلة المحكمة الدولية والتهدئة اللبنانية عبر مساعد وزيرة خارجيتها لشؤون الشرق الادنى جيفري فيلتمان، الذي وصل الى بيروت بصورة مفاجئة يوم الاحد، كموفد شخصي للرئيس اوباما حيث التقى الرئيس ميشال سليمان في منزله العائلي في عمشيت (قضاء جبيل) ثم التقى النائب وليد جنبلاط في منزله ببيروت واجرى سلسلة اتصالات.
الزيارة لم يعلن عنها مسبقا، لكن من الواضح ان اساسها الرد على زيارة الرئيس الايراني احمدي نجاد، كما رجح رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي حال تضارب المواعيد دون اللقاء بينهما، الى جانب شد عصب المدافعين عن شرعية المحكمة الدولية الخاصة بلبنان.
واعلن فيلتمان في المطار، اثناء المغادرة انه نقل رسالة من الرئيس الاميركي تؤكد دعم بلاده للمحكمة الدولية ولاستقلال لبنان، وقال ان المحكمة الدولية مؤسسة مستقلة وغير سياسية، معربا عن اعتقاده ان المحكمة ستكمل عملها دون تدخل خارجي.
جنبلاط يطلع نصرالله
ولوحظ انه بعد لقاء فيلتمان جنبلاط في منزل الاخير في شارع كليمنصو ببيروت، زار الاخير الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله يرافقه الوزير غازي العريضي وبحث معه طروحات الديبلوماسي الاميركي، والتي اهمها تأكيده دعم الرئيس اوباما القوي لعمل المحكمة، وانه اي اوباما يتصور لبنان دولة مستقلة وذات سيادة ومؤسسات قوية وفعالة، معربا عن القلق من اي عمل يقوض السيادة والاستقرار، وان لبنان ذا السيادة هو من المصالح الحيوية للشعب اللبناني والمنطقة والولايات المتحدة الاميركية وللمجتمع الدولي.
الى ذلك، توقع رئيس المجلس النيابي نبيه بري لـ«النهار» البيروتية ان تظهر نتائج قمة الرياض قبل غد الاربعاء، موعد مجلس الوزراء وكرر القول انه مطمئن الى مسار العلاقات بين دمشق والرياض، وبالمقابل على اللبنانيين أن يشمروا عن زنودهم ويعملوا.
أما بالنسبة لجلسة مجلس الوزراء، فقال: سيبقى موضوع شهود الزور البند الاول، والنقاش حول احالة هذا الملف الى المجلس العدلي، وشدد على ان التهدئة مطلوبة من الجميع وللجميع.
ولاحظ بري ان هناك عملية خلط أوراق تجري في المنطقة.
عون: كل من يحمل السلاح في وجه المقاومة متعاون مع الخارج
من جهته، العماد ميشال عون، اكد ان لا فتنة في لبنان ولا حرب مذهبية، مشيرا الى ان الصراع اليوم هو بين من يريد الاستسلام في لبنان ومن يريد المقاومة. وقال ان قرار السلم والحرب في لبنان ليس بيد حزب الله، بل بيد اسرائيل وأميركا.
عون وخلال مشاركته في حفل طالبي في غزير انتقد صفة المحايد أو المستقل عند الاستحقاقات المهمة في البلد، مشيرا الى ان الوقاحة وصلت بالبعض الى حد الدفاع عن «شهود الزور». وقال: كل من يحمل البندقية ضد المقاومة متعاون مع الخارج ضد مواطنيه.
بالنتيجة فإن قمة الرياض وزيارة فيلتمان ستكونان محل اختبار في مجلس الوزراء اللبناني الذي سينعقد غدا الاربعاء، حيث ستجري مناقشة ملف شهود الزور.
وفي موازاة كلام الرئيس بري تحدثت أوساط حكومية عن اتصالات تمهيدية لهذه الجلسة، وقالت ان اجواء التهدئة مستمرة وان أحدا لا يرغب حتى الآن في الوصول بالامور الى نقطة اللاعودة من خلال انفجار الوضع الحكومي اعتكافا، أو مقاطعة للجلسات أو لغير ذلك، وتوقعت بالتالي ارجاء بث الملف الى وقت آخر.
قمة لبنانية ـ سورية
بدورها، رحبت مصادر سياسية بعقد قمة لبنانية ـ سورية في دمشق اليوم الثلاثاء، أي قبل جلسة مجلس الوزراء الاربعاء، حيث يضع الرئيس بشار الاسد الرئيس سليمان في أجواء لقائه الملك عبدالله بن عبدالعزيز في الرياض.
وتردد ان لقاء الرئيسين يمكن ان يؤخر الى الخميس، لارتباط الرئيس سليمان برئاسة مجلس الوزراء الاربعاء، لكن مصادر اخرى استبعدت الخميس بسبب اضطرار الرئيس للسفر الى سويسرا للمشاركة في القمة الفرانكفونية.