برزت ردود فعل دولية على القرار الاتهامي الذي سلمته المحكمة الدولية الخاصة بلبنان أمس الاول الى السلطات اللبنانية المعنية، إلا أن اللافت كان رأي للصحافي روبرت فيسك في مقال نشر في صحيفة «الاندبندنت» البريطانية أمس، إذ علق فيه على قرار المحكمة، معتبرا انه «أولا السوريون، ثم الإيرانيون، ثم الليبيون».
وأشار فيسك ساخرا الى انه «في البداية كانت سورية المروعة»، مضيفا «بما أن رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري أراد أن يخرج بقايا الجيش السوري من لبنان، فيجب أن يكون السوريون من قاموا بذلك».
ويواصل الكاتب سخريته قائلا «واعتقل أصدقاء سورية في لبنان العملاء الأمنيين الذين كان يجب أن يكونوا قادرين على إبقاء الحريري حيا لو أرادوا ذلك».
موضحا أن «أربعة من هؤلاء اعتقلوا في سجن رومية الذي يصفه بسوء السمعة لسنوات، قبل أن تعلن الأمم المتحدة فيما بعد أنهم أبرياء».
وتابع فيسك «بعبارة أخرى، يجب أن يكونوا الإيرانيين، ومن الأفضل أن يكون الفاعل حزب الله». مضيفا أن «سيمون هيرش، الذي يصفه بأنه واحد من الصحافيين القلائل الجادين الباقين في الولايات المتحدة، كان يحاور الرئيس السوري بشار الأسد بالمصادفة عندما سمع بخبر مقتل الحريري». ولفت فيسك إلى ان «هيرش سجل ما سماه «الشعور بالصدمة الحقيقية» الذي بدا على الأسد لدى سماعه خبر مقتل الحريري».
وذكر فيسك انه بعد ذلك، وخلال عامين، أخبرتنا مجلة «دير شبيغل» الألمانية أنه «حزب الله الذي قتل أكبر رئيس للوزراء في السياسة اللبنانية». لافتا الى أنه «لا أحد في لبنان صدق هذا الأمر».
وربط فيسك بين «ملف المحكمة الخاصة في لبنان وملف قضية لوكربي». وأشار الى انه «عندما سقطت طائرة بان أميركان في لوكربي، قيل لنا جميعا إنهم «الفاعلون» الإيرانيون مدعومون من قبل السوريين».
وتابع «لكن الصحافة تشجعت بعد ذلك على إلقاء اللوم على الليبيين».
بدورها، سارعت الولايات المتحدة إلى الترحيب بصدور القرار الاتهامي في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ووصفته بأنه «خطوة مهمة» نحو العدالة ويضع حدا للإفلات من العقاب الذي كان يسود لبنان في جميع الاغتيالات السياسية.
ودعت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون امس الحكومة اللبنانية إلى الاستمرار بالالتزام بواجباتها ودعم المحكمة الدولية الخاصة بلبنان التي تحقق باغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري متهمة معارضي المحكمة بالسعي لخلق مفهوم خاطئ للاختيار بين العدالة والاستقرار.
وأصدرت كلينتون بيانا هنأت فيه المحكمة «على عملها الجاد والقيام بهذه الخطوة المهمة» بعد إصدار القرار الاتهامي بقضية مقتل الحريري.
ودعت كل الأطراف في لبنان إلى التزام الهدوء «والاستمرار باحترام المحكمة فيما تقوم بعملها بطريقة مهنية وغير مسيسة».
وقالت إن إصدار القرار الاتهامي «خطوة مهمة باتجاه العدالة وانتهاء فترة الفلتان من العقاب للعنف السياسي في لبنان».
ودعت الحكومة اللبنانية إلى «الاستمرار بالالتزام بما يتوجب عليها لدعم المحكمة الخاصة بالقانون الدولي».
ووصفت عمل المحكمة بـ «الشرعي والضروري» واتهمت معارضيها بـ «السعي لخلق خيطا بين العدالة والاستقرار»، مؤكدة ان لبنان مثل أي دولة أخرى يحتاج إلى الاثنين معا.
أما الموقف الفرنسي فقد جاء أكثر توسعا واستفاضة، فكررت الحكومة الفرنسية دعمها عمل المحكمة من أجل مكافحة الإفلات من العقاب، ودعت السلطات اللبنانية الى التعاون مع المحكمة بشكل كامل. وقالت أوساط ديبلوماسية فرنسية إن فرنسا من الدول التي ساهمت في إنشاء المحكمة، وانها طيلة هذه الفترة كررت على لسان أعلى المسؤولين فيها أن على لبنان ان يتعاون مع المحكمة الدولية، و«هذا ما أوضحته للرئيس ميقاتي، والآن الكرة في ملعب الحكومة اللبنانية والسلطات اللبنانية لتنفيذ قرارات المحكمة ومتطلباتها. وعلى الحكومة اللبنانية ان تحترم التزاماتها الدولية، ولم يصل الى باريس حتى الآن أي مؤشر معاكس لذلك من رئيس الحكومة ميقاتي مباشرة، وباريس الآن تحصر موقفها بما التزم لها به ميقاتي».
ولاحظ مصدر فرنسي مسؤول أن رئيس الحكومة اللبناني نجيب ميقاتي أكد لدى تلقي لبنان مذكرات التوقيف بحق المتهمين في جريمة اغتيال الحريري، التزام الحكومة والسلطات اللبنانية بالتعاون مع المحكمة الدولية، «وهذا أمر إيجابي».
وأضاف: «الآن سيكون هنالك معايير للتقييم والحكم على تعاون لبنان والحكومة مع المحكمة الدولية، وستكون هذه المعايير في طريقة تعاون السلطات، وتمويل المحكمة، وأيضا عندما يأتي الوقت للتجديد للمحكمة الدولية... كل هذه المقاييس ستكون عوامل في تقييم أداء الحكومة اللبنانية بالنسبة لتعاونها مع المحكمة الدولية». وقال المصدر المسؤول: «هناك 30 يوما لتوقيفهم ومثولهم أمام المحكمة، وإذا لم يتم ذلك فستكون محاكمة غيابية، ولذلك عواقب من السابق للأوان الكلام عنها».
في الدول العربية لم تصدر ردود فعل لا من دول خليجية، خصوصا السعودية، ولا من مصر... أما في إسرائيل فإن أي بيان أو تعليق رسمي لم يصدر عن حكومة نتنياهو ولكن وسائل الإعلام الإسرائيلية لم تتأخر في تغطية الحدث وركزت على إطلاق توقعات لمرحلة ما بعد القرار: محرر الشؤون العربية في القناة الأولى الإسرائيلية يوفال كينغ قال إن الوضع في لبنان ما بعد صدور القرار الاتهامي هش جدا.
ورغم أن «حزب الله مازال صامتا، ولا تعليقات تصدر عنه، هو في ورطة ولا يعرف كيف يخرج منها».
وفي السياق نفسه، قال الناطق السابق باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية، إيلي افيدار، إن «حزب الله في وضع هش جدا، أكثر مما كان عليه قبل عام أو عامين».
وقالت القناة العاشرة الإسرائيلية إن القرار الاتهامي هو «العاصفة التي قد تشعل لبنان، وربما أيضا كل المنطقة».