بيروت ـ ناجي يونس ـ محمد حرفوش
تعقد قوى 14 آذار مؤتمرها الخامس مساء اليوم في فندق البريستول تحت عنوان «المحكمة طريقنا الى العدالة».
وفي معلومات «الأنباء» ان المؤتمر سيناقش وثيقة سياسية تتناول المستجدات الراهنة، لاسيما ما يتعلق بتشكيل الحكومة الميقاتية ومضمون القرار الاتهامي الصادر عن الادعاء الدولي ومذكرات التوقيف المتصلة به، بالاضافة الى ذلك فإن المؤتمر سيحدد آليات عمل المعارضة على جميع الصعد وقضية تنظيم العمل الداخلي لقوى 14 آذار.
وبحسب الوثيقة، فإن قوى 14 آذار تعتبر ان الحكومة المشكلة مؤخرا قد نتجت عن انقلاب مشترك نفذه النظام السوري وحزب الله وليست نتاجا لتداول ديموقراطي دستوري سليم للسلطة، وهي حكومة قصد بها النظام السوري ربط مصير لبنان بمصيره.
وتؤكد الوثيقة تصميم قوى 14 آذار مجتمعة على مواجهة الحكومة بمعارضة سياسية ـ شعبية ـ ديموقراطية ـ سلمية، ومن اجل منع اعادة لبنان الى المرحلة السوداء التي حررته ثورة الارز منها ومن اجل حماية لبنان من حكومة شبيهة من حيث وظائفها وتوجهاتها بحكومة الرئيس عمر كرامي خريف 2004 التي سقطت مع جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري.
وتؤكد الوثيقة ان القرار الاتهامي الصادر عن المحكمة الدولية اتى ليضع حدا فاصلا للاغتيالات السياسية في لبنان، يبدأ من بعده عهد العدالة التي وحدها تؤسس للعبور الى الدولة، وتحمل الوثيقة، الحكومة اللبنانية مسؤولية متابعة هذا الملف وترفض اي مراوغة في التعامل مع المحكمة وقراراتها والتي بدأت بشائرها من خلال البيان الوزاري الذي عبر عن عزم قوى 8 آذار على رفض القرارات التي لا تتناسب مع سياستها المرهونة لصالح حزب الله وسورية.
وترى الوثيقة انه ينبغي ان تتمكن العدالة من تحقيق غايتها، لأن الحكم انما يستهدف افرادا لا جماعة، كما تدعو الوثيقة الى عدم الخلط بين قرار اتهامي وبين حكم قضائي يصدر في نهاية المحاكمة، ذلك ان هذا الخلط يطعن فكرة العدالة نفسها.
الى ذلك، ذكرت المعلومات انه من ضمن الخطوات العملية التي تقوم بها قوى 14 آذار سيصار الى عقد لقاء موسع للجسم الحقوقي في هذه القوى لرسم الخطوات العملية لمواكبة القرار الاتهامي ومتابعة تنفيذه.
نواب 14 آذار
في سياق متصل، علمت «الأنباء» ان نواب 14 آذار سيعقدون اجتماعا يوم غد الاثنين من اجل تنسيق المواقف خلال جلسة الثقة نهار الثلاثاء وخطة العمل على الصعيد البرلماني لجهة معارضة نهج الحكومة.
في هذا الوقت وصف قيادي معارض لـ «الأنباء» كلمة رئيس الوزراء نجيب ميقاتي بعد صدور قرار الاتهام بالرمادية، وقال ان الرئيس ميقاتي يتطلع الى ارضاء طرفي النزاع، اي اهل الشهداء والمتمسكين بالسيادة والاستقلال والحقيقة والمحكمة والدولة والشرعية الدولية ووضع حد للجريمة السياسية، مقابل الاطراف التي تصر على الاستمرار بكل ما يخالف ذلك فكيف سيستطيع ميقاتي التوفيق؟
واضاف: على الدولة اللبنانية ان تلقي القبض على المطلوبين بموجب هذه المذكرات في خلال مهلة شهر وان تبلغ المحكمة بما قامت به وما آلت اليه جهودها من هذا القبيل، فاذا استطاعت ان تقبض على هؤلاء كان به والا فانها تبلغ المحكمة بعجزها عن ذلك.
ولعل الموقف الرمادي الذي من المرجح ان يلجأ اليه ميقاتي بحسب المصدر سيفضي حكما الى ابتداع اسلوب واقعي يقوم على ان الدولة حريصة على الوحدة الداخلية وتحقيق العدالة وعلى ان الجهود ستبذل لتنفيذ المذكرات والتعاون الا ان الجواب سيأتي على قاعدة «ما في اليد حيلة».
تفادي الكأس
بهذا يعتقد المصدر ان ميقاتي سيعمل على تفادي تجرع مرارة الكأس فهو يقف امام حقيقة راسخة لا لبس فيها ولا غموض في اي من جوانبها، يقف ميقاتي امام اصرار المحكمة على تنفيذ القانون والاصول والتزام لبنان بالموجبات وحيث يصر المجتمع الدولي على ذلك كله، اطلاقا من ان الحكومة اللبنانية هي المخولة تنفيذ ما يجب تنفيذه والمسؤولة عن ذلك ومن سيتحمل المسؤولية عن التخاذل والتلكؤ.
التمسك بالحقيقة والعدالة
وسيواجه ميقاتي توجها داخليا حاسما لا رجوع عنه من قبل المعارضة والمجتمع المدني يقوم على التمسك بالعدالة والحقيقة ووضع حد للجريمة السياسية وتنفيذ القرار الاتهامي لانزال العقوبات بالمجرمين على قاعدة قيام الدولة بواجباتها وبسط سلطان القانون وان المتهم بريء حتى تثبت ادانته، ولكن ليس التهرب من تسليمه الى المحكمة.
وتابع المصدر: في المقابل يصطدم ميقاتي منذ تكليفه بالحقيقة المرة التي يتوقعها تحالف النظام السوري وحزب الله والذي انتج الاكثرية الجديدة، الا وهي الوصول الى لحظة سيكشف فيها النقاب عن هوية من قاموا بكل الجرائم والاعمال المخلة بالامن بدءا من اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وهنا عانى ميقاتي من تناقضات عدة فهو يطل بالوسطية شعارا طنانا لا وجود له في زمن الاصطفافات وحيث يزداد الفرز بين خطين لا يلتقيان على الاطلاق، وحاول ميقاتي ان يشكل حكومة تشبهه لكن الامر الواقع فرض عليه حكومة سورية وحزب الله.
واضاف: عمل ميقاتي بعد التشكيل ليعوض بعضا مما اصيب به، الا انه واجه صعوبة بالغة في صياغة البيان الوزاري حتى دنت لحظة الحقيقة فتكررت التجربة نفسها الا وهي هبوط الوحي واستيلاد العبارة الخاصة بالمحكمة والتراجع عما كانت الحكومة السابقة التزمت به وتوفير الغطاء التام لحزب الله وفتح نافذة لأي سلوكية سيلجأ اليها الحزب مستقبلا في موضوع القرار الاتهامي.
واذا قرر حزب الله ان يذهب بعيدا في المواجهة وان يستنفر حلفاءه فإن السيد نصر الله سيدخل مسلسل اطلالاته الثاني وسيلزم الحكومة بكل التوجهات التي سيتبعها مما سيضع ميقاتي امام الحقيقة المرة وستكون الثالثة ثابتة اي انه سيرضخ نهائيا لقدره المحتوم.
وهنا سيفرض حزب الله على ميقاتي بحسب المصدر ان يرفض التعاون مع المحكمة وهو ما قد يحصل بعدم التجاوب، وقد يصل ذلك الى سلوك مسار تصاعدي في المواجهة حتى الاصطدام التام من مختلف الجوانب.
ترجيح رفض التعاون مع المحكمة
وهنا من الاكثر ترجيحا ان يرفض لبنان التعاون تدريجيا بالتالي فإن المحكمة ستلجأ الى المحاكمات الغيابية الى جانب الخطر الذي سيتمثل في تعريض الدولة اللبنانية للعقوبات الدولية او لبحث ذلك على طاولة مجلس الامن حيث قد يعترض احد الاعضاء الدائمين ويستخدم حق النقض.
وسيترافق ذلك مع توجهات مؤذية للبنان من قبل الاتحاد الاوروبي ودول اخرى وستتأثر العلاقات اللبنانية العربية وسيرتد الامر سلبا على سائر الاوضاع الداخلية اللبنانية.
وفي هذا الامر تطور دراماتيكي سلبي يتصاعد بتصاعد التأزم.
ويرجح المصدر ان تشن الحكومة هجومها المضاد بتلبية مطالب حزب الله القائمة على تجريم المحكمة وربطها بالمخطط الهادف الى النيل من المقاومة والغاء البروتوكول الموقع مع لجنة التحقيق الدولية عام 2005، بعد حجب حصة لبنان من تمويلها، هنا ستكون المعارضة امام مسؤولياتها الحاسمة.