-
«الجنائية الدولية» تكرر دعوة لبنان للتعاون بالقبض على القذافي ونجله
بيروت ـ عمر حبنجر
الارباك، افضل توصيف للوضع اللبناني بشقيه السياسي والامني، فآثار الصدمة السياسية التي فاجأت العماد ميشال عون بعرقلة مرور مشروعه الكهربائي في مجلس النواب مازالت تداعياتها ماثلة، والانفجار في انطلياس عكس بجلاء حجم الارباك الحاصل، فالرواية الرسمية لوزير الداخلية مروان شربل التي تحدثت عن خلاف شخصي وراء الانفجار ناقضها كليا القضاء العسكري باعتباره العمل ارهابيا.
الى ذلك، يتلمس المتابعون هشاشة التماسك الحكومي عبر تعاظم التهديد باسقاط الحكومة من الداخل، ما يوحي بان التشكيلة الحكومية الراهنة مهددة بالتداعي في اي وقت.
عون والتغيير
وفي تقدير قيادي سابق في التيار الوطني الحر لـ «الأنباء» ان رد فعل العماد عون على عدم المصادقة على مشروع المليار والمائتي مليون دولار لوزارة صهره جبران باسيل، لمعالجة الازمة الكهربائية بدا مبالغا به، وقد رده البعض الى طبيعة عون الانفعالية، وبالتالي الى خيبة امله في الحلفاء الذين لم يتضامنوا معه كما كان يجب، لكن القيادي عينه لمس في غضبة عون مقدمة للخروج من الموالاة التي تحدث عن تمزيق ثوبها، وبالتالي من الخط السياسي الذي يجمعه بسورية وحزب الله، مع تحميل هؤلاء الحلفاء مسؤولية المبادرة الى التخلي.
ويضيف القيادي عينه قائلا: اشعر بشعور العماد عون وهو يرى التطورات الاقليمية ذاهبة في غير اتجاه، وان المشاعر العامة والمسيحية خصوصا بدأت تتحول الى الناحية الاخرى، ومن هنا اهمية عدم الاستخفاف بالتصريحات الصادرة عنه او عن احد من اعضاء كتلته السريعي التأثر بأقواله وافكاره، ضد الحكومة الميقاتية، لأن مشكلته ليست مع الحكومة التي رفضت الاستجابة الى رغباته ذات الطابع الكيدي احيانا، بل مع الحلفاء الذين لم يتجاوبوا معه في موضوع اعادة المديرية العامة للامن العام الى الحيز الماروني، ولم يصدقوه الفعل في قضية اراضي «لاسا» رغم انتقال البطريرك بشارة بطرس الراعي من جبيل الى بكركي ليلتقي ممثلين عن حزب الله من الدرجة الرابعة، كما قال خصوم عون يومذاك، وصولا الى موضوع مشروع قانون الكهرباء في جلسة مجلس النواب الاخيرة والتي ارجئت الى الاسبوع المقبل، فضلا عن حملة تحطيم الانصاب وصناديق النذورات المسيحية بصورة تبدو متعمدة في ضواحي بيروت الشرقية.
هزة عصا أم انفجار بالمصادفة؟
وفي موضوع متفجرة انطلياس، التي اعتبرت الاوساط المتابعة انها قد تكون «هزة عصا» للمجتمع المسيحي، وربما لسكان الرابية التي تمر طريقها بساحة الانفجار، لوحظ ان التناول القضائي للمسألة اختلف جذريا عن الكيفية التي عرضها وزير الداخلية مروان شربل.
ففي حين رجح الوزير العامل الفردي وراء الانفجار نتيجة خلاف القتيلين وشخص ثالث على تجارة السيارات، ادعى النائب العام العسكري صقر صقر على مجهولين بجرم الاقدام بالاشتراك مع القتيلين حسان نايف نصار واحسان علي ضيا على تجهيز عبوة وتفجيرها استنادا الى قانون مكافحة الارهاب الصادر عام 1958.
الوزير شربل وامام هذا التباين في وجهات النظر مع القضاء، قال امس: الموضوع بالنسبة لنا كان استنتاجا اولا، استنادا الى افادات الشهود واصحاب العلاقة، وقد اظهرت هذه الافادات المدونة أن صديقا للقتيلين يتعامل معهما بتجارة السيارات، وهذا الشخص مدين لاحدهما بـ 150 الف دولار، وهذا ما افاده الشخص الذي يرسل لهم السيارات من المانيا، والمقيم في المانيا، واعتقد انه حصل تجاذب بين الرجلين بالعبوة، التي لا يمكن ان تنفجر لمجرد ان يحملها احد، وهي معدة لتوضع على باب سيارة او على عجلة سيارة، ومن اجل هذا نحن نتابع التحقيق، ويمكن ان نصل الى غير نتيجة.
المصادر المتابعة قالت لـ «الأنباء» ان الوزير شربل عفوي وصادق، واذا كان من خطأ في التوصيف فإنه يعود الى الجهاز او الاجهزة الامنية التي زودته بهذه المحاضر والمعلومات عن ثقة منها او للتغطية على الحقيقة.
مجلس الدفاع الأعلى يتحرك
على اي حال، هذا التباين بين معلومات الوزير واستنتاجاته وتوجه القضاء العسكري كان الدافع الاساسي للرئيس ميشال سليمان كي يدعو مجلس الدفاع الاعلى للاجتماع وتقرير المزيد من الاجراءات للمحافظة على الاستقرار الامني والسياسي.
وضمن الاحتمالات الممكنة للانفجار انه ربما نجم عن مصادفة تطابق الموجة الخاصة بالروموت كونترول الخاص بالسيارة التي كان يستخدمها القتيلان مع الموجة المبرمجة لتفجير العبوة الناسفة، تقديرا انها كانت معدة للتفجير عن بعد ومن دون ساعة توقيت.
وقد اظهر احد الاشرطة التي سجلتها كاميرا مراقبة في محيط مكان الحادث ان الانفجار حصل بعد ثوان قليلة من نزول السائق ومرافقه من السيارة.
وقال مصدر امني لـ «الأنباء» ان ثمة غموضا مازال يلف جوانب هذا الحادث، علما ان وجود كرات حديدية يعني ان العبوة معدة لايقاع اكبر عدد من الضحايا وليس للاستهداف الفردي، اذ لا مجال لوضع الكرات المعدنية داخل القنبلة اليدوية او حولها، كما ان حركة القتيلين وتنقلهما من مصرف في الحازمية الى ساحة انطلياس لا تتطابق مع احتمال انهما كانا يعدان لعمل ارهابي، الا اذا كانت حركتهما هذه للتمويه، وهذا افتراض ضعيف.
واكد المصدر ان القتيلين ينتميان الى حزب الله منذ اكثر من عشرين عاما، وقد ركز الحزب في بيانه عن الحادث على مسارعة وسائل الاعلام اللبنانية والعربية الى زج اسم حزب الله في اطار خطة اتهامية مبرمجة تحور الوقائع سعيا لتشويه صورة الحزب، الا ان البيان لم يشر الى انتماء القتيلين في انطلياس اليه.
بدوره، اعتبر نائب الحزب حسن فضل الله ان التحقيقات الاولية الرسمية اكدت وجود قنبلة بحوزة احد ضحيتي الانفجار، وانها انفجرت نتيجة مشادة تطورت الى انفجار، معتبرا ان مثل هذا الحادث تتكرر نماذج منه في مناطق لبنانية اخرى واتهم الفريق الآخر بفبركة وقائع غير موجودة وبتصنيع شهود زور.
ناطق باسم القوات اللبنانية قال ان ما حدث في انطلياس مؤشر خطير ودلالة على وجود اللادولة، مستغربا تبني وزير الداخلية لتحليل قناة «المنار» حول هذا الموضوع.