- 14 آذار: حزب الله يسعى إلى تعويم حكومة ميقاتي رداً على رفض صيغة «9-9-6»
بيروت ـ عمر حبنجر
قال الرئيس ميشال سليمان ان خياراتنا السياسية يجب ان تعيد علاقاتنا الدولية الى سابق عهدها، وألا توفر الذرائع لتؤدي الى إعادة خلق البيئات الحاضنة للإرهابيين وأعمال التجسس التي تقوم بها إسرائيل، معتبرا ان هذا الأمر هو إعلان بعبدا، الذي تبنته معظم الدول.
كلام سليمان هذا جاء خلال رعايته خطة العمل الوطنية للقضاء على أسوأ أشكال عمل الأطفال في لبنان، حيث دعا الى جمع القدرات الوطنية في إستراتيجية واحدة للدفاع عن لبنان، وعدم توريطه في الصراعات المحيطة به.
وأشار الى تعطل الحوار وتنكر البعض له، «وقد اشتد الأمر سوءا مع اشتداد الصراع في المحيط العربي، وعجزت السياسة عن اجتراح الحلول».
وخلال افتتاح المؤتمر في القصر الجمهوري أصيب مدير منظمة العمل الدولية المشارك في المؤتمر ما استدعى نقله الى مستشفى مار يوسف في الدورة.
ويكتسب الجانب السياسي في كلمة سليمان أهمية خاصة، كونه جاء عشية زيارته المملكة العربية السعودية يوم الاثنين، وهو الموعد الذي سبق إرجاؤه مرتين.
وسيشارك سليمان في القمة العربية ـ الأفريقية التي ستعقد في الكويت بين 18 و20 نوفمبر الجاري، في حين تحضر الكويت لمؤتمر ثان للدول المانحة، يعقد في يناير المقبل، لمساعدة دول الجوار السوري في إعانة اللاجئين النازحين من هذا البلد.
محليا، رفع حزب الله نبرته التصعيدية امس في وقت بدأ البعض يتحدث عن إمكانية تقويم حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، تمريرا للمرحلة المتبقية من عهد الرئيس ميشال سليمان الذي ينتهي في الخامس والعشرين من مايو.
وتحاول قوى 14 آذار استبيان حقيقة هذا التوجه، هل من عمل جدي، ام مجرد مناورة من جانب قوى الثامن من آذار، لحمل الفريق الآخر على القبول بشروطها الحكومية؟
وكان المدخل لهذا الحديث دعوة الرئيس ميقاتي رئيس مجلس النواب نبيه بري لعقد جلسة نيابية تخصص لتفسير مهمة تصريف الأعمال المنوطة بحكومته ومداها.
وتقول مصادر 14 آذار لـ «الأنباء» ان تقويم حكومة ميقاتي، المعتبرة حكومة حزب الله يعني ان حكومة الحزب ستشرف على الانتخابات الرئاسية، واذا تعذر إجراء انتخابات ووصلنا الى الفراغ تتسلم هذه الحكومة دفة السلطة اللبنانية، وهذا ما حذر منه وزير الخارجية الأميركية جون كيري ووزير الخارجية السعودية الأمير سعود الفيصل من الرياض، حيث قال كيري: يجب ألا يتمكن حزب الله من رسم مستقبل لبنان.
هذا القول أغضب قيادة الحزب على نحو غير مسبوق، بدليل رد رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد الذي هدد بقطع الأيدي ودحرجة الرؤوس، وقال رعد ان المقاومة جزء أساسي من القرار السياسي الوطني، ولا يستطيع احد ان يتجاوزها على الإطلاق، «لا أميركا ولا اي مملكة او إمارة موجودة في المنطقة».
ولوح رعد بأن حزب الله يأخذ الآن موقع الدفاع، محذرا من انه قد يتصرف بغير الدفاع.
النائب رعد قال ان عدونا حاقد، وعندما لم يستطع ان يهزمنا وجها لوجه اراد ان يأتينا من خلف الحدود الشرقية وعبر سورية مستخدما الجماعات التكفيرية.
وفي اشارة الى قوى 14 آذار وتيار المستقبل واللواء اشرف ريفي، قال رعد: ان كل ما جهزوه وفعلوه على مدى سنة وثمانية اشهر نسفته المقاومة خلال 18 يوما.
واضاف: نقول لكم ولأسيادكم ان من اراد ان يتطاول على اللبنانيين وان يجعل لبنان جائزة ترضية لاحد في العالم فسنقطع يده.
وقال: نحن قلبنا الطاولة على رؤوسكم واياكم ان تفكروا بمثلها، وحذار ان تجبرونا على التصرف بغير الدفاع. وفي رسالة الى اللواء اشرف ريفي، قال رعد: لقد رأينا مديرهم السابق كيف كشف عن وجهه الحقيقي، انه كان زعيم ميليشيا، ولم يكن مديرا عاما للامن الداخلي!
وتناول رعد الرئيس ميشال سليمان ورئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، حتى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، برفضه مبدأ الوسطية التي يعتمدونها، وقال: ليست هناك وسطية بين الحق والباطل، ولا توجد وسطية اسمها النأي بالنفس.
مصادر في «المستقبل» اعتبرت ان كلام رئيس كتلة نواب حزب الله يأتي خارج الزمن في ضوء الخطوط المفتوحة بين مشغلي رعد، اي الايرانيين وبين الاميركيين الذين شن رعد هجومه على وزير خارجيتهم.
بدوره، رد اللواء اشرف ريفي على النائب رعد قائلا: ان العمل الميليشياوي الذي مارسناه خلال عملنا في قوى الامن الداخلي هو تفكيك بنية التجسس الاسرائيلي وبينهم متورطون بالعمالة لاسرائيل داخل حزبكم.
واضاف: لقد فات رئيس كتلة الوفاء لليوم المجيد، وبما انكم بعيدون كليا عن الممارسات الميليشياوية يكفيكم فخرا ما فعلتموه في بيروت والجبل، في السابع من مايو، وستسجل لكم دائما الممارسات الاخوية الراقية التي قدمتموها للشعب السوري الذي احتضنكم، فهنيئا للبنان ببطولاتكم.
وختم ريفي قائلا: رحم الله النقيب الشهيد الطيار سامر حنا الذي استشهد مظلوما بأيد ميليشياوية مازالت محمية بوجه العدالة.
بدوره، استهجن رئيس بلدية عرسال علي الحجيري ما ورد على لسان النائب رعد لجهة وجود مخيمات تدريب للسوريين في عرسال، مشيرا الى انه على من يريد ان يتناول عرسال ان يحفظ لسانه، وهم الذين يمررون المدافع دون ان يعترضهم احد، فليكفوا شرهم عنا.
اما على صعيد تأليف الحكومة ودورها وتركيبتها فالسجال مستمر، وهو بنظر التيار الوطني الحر جزء من تهيئة الارضية لمعركة رئاسة الجمهورية، حيث تقول قناة التيار (او.تي.في) الا تمديد للرئيس ميشال سليمان ولا رئيس من 14 آذار ولا فراغ رئاسي، ويبقى الخيار بين رئيس توافقي او رئيس من 8 آذار، والمقصود من هذه اللاءات الوصول الى الرئيس من 8 آذار، اي بصريح العبارة العماد ميشال عون، الذي يخوض حركة انفتاح على جميع الكتل النيابية بما فيها تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي وحزب الكتائب.
لكن هذه القناة اكدت ان قوى 8 آذار التي تضم حزب الله وامل والتيار الوطني الحر وسائر القوى الفاعلة تفضل رئيسا توافقيا يمتلك حيثية وقدرة تمثيلية للمسيحيين بدرجة اولى ولا يشكل استفزازا او تحديا للمسلمين.
في السياق عينه، نقلت اذاعة «لبنان الحر» الناطقة بلسان القوات اللبنانية عن مصادر في 14 آذار ان الهجوم المزدوج عليها وعلى رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي من جانب كل من الرئيس نبيه بري وحزب الله ينظر اليه من زاوية سعي الحزب الى تعويم الحكومة المستقيلة ولو من باب احداث اشكالية مع ميقاتي الذي لايزال يتحفظ على تحمل تبعات سابقة، توسيع اطار تصريف الاعمال.
وقالت المصادر ان الحزب يندفع لتعويم الحكومة ردا على رفض صيغة 9 ـ 9 ـ 6 من جهة ولمآرب اقليمية واضحة مرتبطة بمناخ المفاوضات الاميركية ـ الايرانية للايحاء بتحكم ايران في الورقة اللبنانية من جهة اخرى.
واضافت المصادر انه يصعب عزل هجوم حزب الله ايضا على بعض ملامح المرونة السياسية التي تلوح في الافق الداخلي ومن ابرز تطوراتها اللقاء الاول الذي انعقد بين المستقبل والتيار الوطني الحر.
في هذا الوقت، رد الرئيس ميقاتي على الرئيس بري الذي اتهمه باللف والدوران، متسائلا عما اذا كان يحضر الجلسة العامة التي طالبه بالدعوة اليها، وسأل ميقاتي: هل يمكن ان اطلب من رئيس المجلس ان يدعو الى جلسة عامة لتفسير مفهوم تصريف الاعمال ولا احضر؟!
وقال ميقاتي: هل الزمن اليوم زمن رمي المسؤولية على الآخرين؟ وكيف يمكن ان اسعى الى تعويم الحكومة وانا الذي رفضت ـ ومازلت ـ دعوة مجلس الوزراء للانعقاد؟!