كريم بقرادوني، قبل أن يصبح رئيسا للكتائب ووزيرا بعد ذلك، هو «خبير رئاسي».
فقد واكب عن كثب عمليات وصول الرؤساء إلى قصر بعبدا بدءا من الرئيس الياس سركيس عام 1976 إلى الرئيس إميل لحود عام 1998، وكان في أحيان كثيرة مساهما في صناعة الرئيس وتسويقه وفي هندسة ظروف وصوله، وكان مستشارا خفيا لأكثر من رئيس.
استنادا إلى هذه التجربة الغنية والخبرة المتراكمة، يقول الوزير السابق كريم بقرادوني في انتخابات رئاسة: الجمهورية المعلقة منذ صيف العام 2014:
٭ أعتقد أن اللبنانيين فوتوا على أنفسهم فرصة أن يكون القرار لبنانيا، لا بل فوتوا على أنفسهم فرصتين: الأولى ما حدث في باريس بين ميشال عون وسعد الحريري في نهاية العام 2014، والثانية ما حدث في باريس بين سعد الحريري وسليمان فرنجية في نهاية العام 2015.
اللقاءان يشبه بعضهما البعض حيث إن هذين الترشيحين كانا فرصتين مهمتين لجعل القرار لبنانيا أو لنقل بأرجحية لبنانية، لكن المحاولتين تعثرتا.
٭ الحريري تصرف وكأنه هو الحل أو جزء من تسوية، في حين أن الحريري لم يحل بعد مشكلته ولا مشكلة العودة أو مشكلة أن يكون هو رئيس الحكومة، وهناك جو سياسي يطرح سؤالا: لماذا يكون سعد الحريري رئيسا للحكومة؟ وإذا كان لا بد أن يكون الحريري رئيسا للحكومة، فلا بد أن يكون رئيس الجمهورية ميشال عون أو سليمان فرنجية، وبالتالي فالحريري فهم هذه النقطة، ولهذا السبب بات يعترف بأن رئيس الجمهورية يجب أن يكون من 8 آذار حتى يبرر أن يكون رئيس الحكومة من 14 آذار أو هو بالذات.
٭ ما حدث كان إعلانا مستعجلا أو لنقل إعلانا بالشكل تشوبه الارتجالية والسرعة، من دون أن يكون هناك تحضير داخل 8 و14 آذار، والدليل حصول ردات فعل من الفريقين.
وبشكل عام من غير الطبيعي أن يتم ترشيح رئيس جمهورية لبنان من قبل سعد الحريري، لأن الرئيس سعد الحريري إذا أراد غدا أن يصبح رئيسا للحكومة فلن ترشحه فئة محددة فقط، إنما معظم أعضاء مجلس النواب، وبالتالي فالاستفراد بترشيح سليمان فرنجية خطأ.
سليمان فرنجية كما أعرفه لديه الصبر الكافي والتصميم الكافي.. فهو رجل يصبر ويصمم، وبالتالي ليس بالسهولة أن تطوى ورقته، ومبادرة ترشيحه لم تنته بعد بل جمدت.
٭ حكما سيختار د.جعجع العماد عون إذا انحصر الخيار بينه وبين سليمان فرنجية، رغم أن خيار جعجع الأساسي هو ألا يكون أحد الأقطاب رئيسا للجمهورية، وهو يقترح أن يتفق الأقطاب أو أن يتفق هو وميشال عون على شخص ثالث، لكنه حتى الآن لا يكشف عن معالم الشخص الثالث، بل يطرح مبدأ المرشح الثالث من دون تسمية أحد.
٭ أتوقع ألا يكون هناك رئيس للجمهورية قبل بدء التسوية في سورية، وقد يكون أول معالم التسوية في سورية أن يتم انتخاب رئيس للبنان.
فقد انتهت المرحلة التي كان القرار في يد اللبنانيين من خلال محاولة عون أو فرنجية، وبالتالي فالتسوية السورية ستكون إقليمية ودولية بامتياز وطبعا ستخرج الأمور من يد اللبنانيين ونقترب آنئذ من حالة اتفاق الدوحة لعام 2008.
٭ المطلوب هو الصبر عند السياسيين ولا بد من الحذر الكبير في الموضوع الأمني، لأنه في زمن الوقت الضائع من المهم أن يبقى الجيش والقوى الأمنية متماسكة وتقبض على ناصية الأمن وتستمر في ملاحقة الإرهابيين حتى لا يستطيع الإرهاب أو التكفير أن يستفيد من هذا الوضع خلال مرحلة الانتظار الصعبة والطويلة والمنهكة.