بيروت ـ عمر حبنجر
الحريق المشتعل في غابة العلاقات بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية بات يقترب من الثوابت والمسلمات، التي اكد عليها «اتفاق معراب» المتهالك تحت ضربات الخطب المتبادلة والتغريدات المتطايرة وصولا الى نبش الماضي الأليم، بما يضع امكانية ترميم هذا «التفاهم» في خانة المستحيلات.
هل يمكن الوصول الى حكومة وحدة وطنية او وفاق وطني تحت القصف المتواصل؟
بعض المتفائلين لم يهجرهم تفاؤلهم، وفي ظنهم ان من اضرم النار يطفئها بعد استيفاء الغاية والهدف، اقليميا ثم محليا، والبعض الآخر الاقل تفاؤلا بدأوا يشعرون وكأن المخاض الذي كان من المفترض ان ينتهي امس بدا وكأنه في يومه الاول.
التشنجات بين التيار والقوات ليست جديدة، انما تعود عمليا الى مرحلة بدء مشاورات تأليف الحكومة وتوسعت مع ظهور نتائج الانتخابات الطالبية في الجامعات اللبنانية التي اعطت «القوات» المتحالفة مع تيار المستقبل الاولوية على ما عداها.
وقد حمّل رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل بعنف على القوات في خطاب بذكرى 13 اكتوبر يوم اخراج العماد ميشال عون من قصر بعبدا على يد الجيش السوري، وقال: 13 اكتوبر يوم مؤلم، اعتقد البعض اننا هزمنا فيه، ولو استسلمنا في ذلك اليوم لكنا انتهينا، لكننا ناضلنا وانتصرنا، انتصرنا بعودة العماد عون وانتصرنا في 31 اكتوبر بوصوله الى بعبدا، كل واحد منكم وصل الى بعبدا.
وتوجه الى المشاركين بالقول: تتسلمون اليوم بطاقة هويتكم الثانية (بطاقة الانتساب للتيار)، انتماؤكم الاول هو لبنان، لا عربي ولا مشرقي ولا مسيحي ولا اسلامي، لا حزبي ولا تياري.
وأصّر باسيل على حكومة وحدة وطنية، وقال: ان من يعوقها هو من يحاول اقحام الخارج في تأليفها، ساعة يقولون لا حكومة من دونهم، وساعة يقولون ليس هناك «سيدر» من دونهم، حتى انهم اقترحوا تحويل حكومة تصريف الاعمال الى «حكومة ضرورة».
وردا، طالب رئيس القوات اللبنانية د.سمير جعجع نواب كتلة «الجمهورية القوية» بمواصلة العمل على الخطة الاقتصادية الطارئة التي يعدها الحزب، وخلال استقباله طلاب القوات الفائزين بانتخابات الجامعات قال جعجع: زمن الانتصارات قد اتى، وهذا الكلام موجه الى باسيل حصرا وليس لطلاب التيار الحر، باسيل الذي يطل علينا في كل يوم بمقاييس وحسابات تخلص الى انه يمثل 75% من هذه الدنيا، وفيما الباقون مجتمعين لا يمثلون سوى 5% فيها، وتبقى 20% غير محددي المعالم.
وتوجه د.جعجع الى صديقنا العزيز جبران باسيل بتلاوة نتائج الانتخابات الطلابية في الجامعات على الشكل التالي: في الجامعة الاميركية: 5 قوات مقابل 1 للتيار الحر، اللبنانية الاميركية ـ جبيل: 8 قوات و4 تيار، الاندو: 26 قوات و6 تيار، هؤلاء الطلاب يشكلون الرأي العام، وهذه عينة عن التمثيل الشعبي، ومن له اذنان سامعتان فليسمع.
واشار الى ان حزبه تعرض لما تعرض في فترة الاحتلال السوري لسبب بسيط «لأننا قادرون على اصلاح الاوضاع والقطع بأرزاق الكثيرين ممن يعتاشون على مال الدولة»، وقال: وضع البلد صعب لكن ليس ميئوسا منه، ونحن حراس المال العام، والحراس لا ينامون ولا يتعبون.
بدوره، رد عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائب القواتي عمار واكيم على باسيل بالقول: لقد نسي ان النظام السوري هو الذي اقتحم قصر بعبدا في 13 اكتوبر وخدمة لهذا النظام ركز هجومه على القوات اللبنانية.
ويبقى التعويل على لقاء منتظر بين الرئيس ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري هذا الاسبوع، حيث ترزح مسألة تشكيل الحكومة تحت ضغط عاملين: عامل عدم تفويت فرصة الاستفادة من تقديمـات مؤتمر «سيدر» بعد الدخول الفرنسي المباشر على هذا الخط، وعامل بدء تنفيذ العقوبات الاميركية الجديدة على ايران في الرابع من نوفمبر المقبل.
في هذا السياق، لفت تمرير الكونغرس الاميركي بالاجماع مشروعي قانونين يستهدفان حزب الله ويفضيان الى تصنيفه «منظمة اجرامية دولية».
وكان الحريري اتصل هاتفيا بالرئيس عون اول من امس مهنئا اياه بسلامة العودة من ارمينيا، واشاد بالكلمة التي القاها امام القمة الفرانكوفونية والتي تعبر عن رسالة لبنان في تعزيز حوار الحضارات، واتفق الرئيسان على اللقاء الاسبوع الجاري دون اشارة الى مبررات اللقاء.
مصادر سياسية متابعة قرأت في خطاب الوزير باسيل وخصوصا حديثه عن «الحكم سوية» ما يعني فك الارتباط مع الحريري وجعجع، وفي قوله ان انتماء لبنان لا عربي ولا اقليمي فك ارتباط باتفاق الطائف الذي ينص في الفقرة «ب» من مقدمة دستوره على ان لبنان عربي الهوية والانتماء.