بيروت: نفّذ الجيش اللبناني عملية انتشار وتمركز عند مداخل مخيم المية ومية وحدوده، محكما السيطرة عليه بعد الاشتباكات العنيفة بين «فتح» و«أنصار الله» اللذين انكفأا الى داخل المخيم وانسحبا من الشارع.
وبدت خطوة الجيش من حيث حجم التعزيزات العسكرية التي استقدمها منذ ليل الأربعاء الخميس إلى محيط المخيم، ومن حيث عديد القوة التي توغلت ظهر الخميس داخل المخيم من أكثر من جهة يتقدمها عدد من كبار المسؤولين العسكريين والضباط في قيادة الجيش ومديرية المخابرات جنوبا، مضافا إلى ذلك، النقطة المتقدمة التي وصلوا إليها خصوصا من الجهة الجنوبية. كل ذلك، أعطى انطباعا بأن هذه الخطوة قد يكون لها ما بعدها وقد تمهد لانتشار ربما يكون أوسع وتوغلا أكثر عمقا داخل المخيم إذا دعت الحاجة.
في التوقيت، جاءت هذه الخطوة طبيعية بل وأكثر من ضرورية بعد اشتباكات الاثنين الماضي بين «فتح» و«أنصار الله» والتي أوقعت قتيلين وعددا كبيرا من الجرحى، وأصابت تداعياتها المحيط اللبناني كله سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، وأحدثت حالة من الاستياء العارم في مختلف الأوساط في صيدا وشرقها. وجاءت هذه الخطوة غداة النداء الذي وجهه راعي أبرشية صيدا ودير القمر للروم الملكيين الكاثوليك المطران ايلي حداد إلى رئيس الجمهورية بصفته قائدا أعلى للقوات المسلحة اللبنانية لحماية المدنيين في هذه المنطقة وخصوصا ضيعة المية ومية (المسيحية) والقرى المجاورة، واستدراك محاولة تهجير جديدة لأهالي هذه القرى. وكان سبق هذا النداء ارتفاع أصوات فعاليات وأحزاب (إسلامية ومسيحية) بوضع حد لهذا النزف الذي تعانيه هذه المنطقة هذه المرة من خاصرة المية ومية، ولو استدعى الأمر دخول الجيش اللبناني إلى هذا المخيم.
ومهما كانت الأسباب أو التقديرات الميدانية أو العسكرية التي دفعت بقيادة الجيش للتحرك، فإن هذه الخطوة الجريئة وغير المسبوقة من قبل الجيش باتجاه هذا المخيم كانت كافية شكلا ومضمونا لتوجيه رسالتين باتجاهين: الأولى رسالة طمأنة باتجاه محيط المخيم وجواره في صيدا وقرى شرقها (وبخاصة المسيحية)، والثانية رسالة تحذير للقوى المتقاتلة داخل المخيم بأن ما بعد هذه الخطوة ليس كما قبلها، وأنه من غير المسموح العبث بأمن واستقرار أهالي هذه المنطقة وسلمهم الأهلي.