بيروت ـ عمر حبنجر ـ اتحاد درويش
الثقة النيابية بحكومة «إلى العمل» مؤجلة الى يوم غد وربما الى السبت المقبل، بسبب كثافة عدد طالبي الكلام، ولو ان هذه الثقة مضمونة رغم الانتقادات والملاحظات التي صبها النواب حتى المشاركة كتلهم في الحكومة او غير المشاركة.
النقاشات استؤنفت قبل ظهر امس لتستكمل ما بدأه 15 نائبا في جلسة الثلاثاء الصباحية والمسائية، حيث وضع رئيس الحكومة السابق تمام سلام النقاط على الحروف حيال الاداء السياسي الذي كان همه القفز من الحاضر الى المستقبل والبدع المرصودة للحكومات الائتلافية والثلث المعطل او كما يسمونه تلطفا بالثلث الضامن، وكشف النائب حسن فضل الله عضو كتلة الوفاء للمقاومة جوانب مخيفة من آفة الفساد السياسي والاداري المتحكمة بالدولة اللبنانية، كبيرا وصغيرا، في حين احدثت كلمة النائب اللواء جميل السيد ضجة في القاعة من خلال تناوله الهدر الكبير في الاملاك البحرية مستعينا بالوثائق والارقام الى جانب «الهندسات المالية» التي اجراها البنك المركزي والتي اكسبت المصارف نحو خمسة مليارات ونصف المليار من الدولارات، محذرا من محاولات المساس بصندوق الضمان الاجتماعي.
وحصل سجال بين النائب جميل السيد المستقل عن الكتل النيابية رغم فوزه بالانتخابات على لائحة كتلة الوفاء للمقاومة ووزير المال علي حسن خليل عضو كتلة امل عندما كشف السيد عن ان احد النواب حوّل 80 مليون دولار الى احدى «الهندسات المالية» وكسب من العملية 26 مليون دولار صافية، وخلّص السيد الى حجب الثقة عن الحكومة، وتبعه نائب صيدا اسامة سعد «لأن حكومة تعتمد على الاقتراض لا يمكن منحها الثقة، ولأن اسوأ ما في بيانكم انكم تنكرون ابوتكم للازمة».
في الجلسة الصباحية ليوم امس، كانت الكلمة الاولى للنائبة المستقلة بولا يعقوبيان تناولت مسارب الهدر في الدولة من مجلس الجنوب الى مجلس الانماء والاعمار الى الصندوق المركزي للمهجرين، حيث بلغ الهدر نحو 2000 مليار ليرة سنويا.
وتوجهت الى الوزراء بالقول: قبل تشكيل الحكومة وبعده، وللمرة الاولى في تاريخ لبنان يجري ليّ ذراع الوزير ليوقع مسبقا على استقالته، اي درك وصلنا إليه؟ واي اذلال لمنصب يفترض ان يحتله صاحب كفاءة وضمير وزراء لا يثقون بأنفسهم ولا بخياراتهم؟ كيف للناس ان تثق بهم؟
والمقصود بكلام يعقوبيان وزراء تكتل لبنان القوي الذي فرض عليهم رئيس التكتل الوزير جبران باسيل توقيع استقالات مسبقة كي تصبح نافذة اذا ما مضت سنة من عمر الحكومة ولم يحققوا ما عليهم تحقيقه، علما ان استقالة الوزير شأن مجلس الوزراء او الوزير نفسه.
وتناولت يعقوبيان سيطرة الاحزاب السياسية على النقابات والتعدي على الاملاك البحرية وتشريع المحارق والكسارات والسدود العشوائية، وتدخل الرئيس نبيه بري مؤيدا كلامها عن السدود، خاصة مشروع سد بشري الذي سيمتلئ بمياه انهار ملوثة وهذا الامر لن يمر.
وتطرقت نائبة الاشرفية الى تعيين 5500 موظف عشوائيا خلال مرحلة الانتخابات النيابية، وتطلعت الى النائب حسن فضل الله مبدية اعجابها بمداخلته اول من امس، لكنها لفتت نظره الى ان بين هؤلاء الموظفين من هم لحزب الله، وبالتالي ان الحزب هو شريك في التوظيف.
ورفض النائب فضل الله هذا الاتهام، وتحداها ان تقدم اثباتات، فأجابته: المستندات موجودة في سجلات لجنة الاعلام والاتصالات النيابية.
وهنا تدخل وزير الاتصالات السابق ووزير الاعلام الحالي جمال الجراح لكن يعقوبيان اصرت على كلامها، ودعت المعترضين الى اثبات العكس، معلنة حجبها الثقة عن الحكومة.
النائب سامي الجميل رئيس حزب الكتائب فجرها مع نواب حزب الله عندما اشار الى ما يتردد عن ان هذه الحكومة هي حكومة حزب الله، واضاف: اتمنى من زملائي في كتلة الوفاء للمقاومة ان يجيبوني.
ورد عضو الكتلة النائب نواف الموسوي متوجها الى رئيس المجلس طالبا الكلام، ثم اضاف: اذا الرئيس ميشال عون وصل ببندقية المقاومة فهناك من وصل الى الرئاسة فوق دبابة اسرائيلية.
هنا وقف النائب نديم الجميل كون الكلام يستهدف والده الرئيس الراحل بشير الجميل، وتوجه الى النائب الموسوي قائلا: انتم رششتم الرز على الجنود الاسرائيليين، فأجابه الموسوي قائلا: نحن استقبلناهم بصواريخ «الكورنيت»، وانت اسكت واقعد مكانك.
وبعد تدخل الرئيس بري، عاد الجميل الى الكلام قائلا: يجب ان نعترف بأن حزب الله فرض شروطه على الحكومة من خلال فرض حليفه السني (حسن مراد) وحليفه الدرزي (صالح الغريب)، اما عن الدبابة الاسرائيلية فقال الجميل: ان هذا الكلام لا يقبل به الرئيس ميشال عون ولا التيار الوطني الحر، علما انني بنيت كلامي على ما قاله الوزير جبران باسيل بنفسه من انه لولا حزب الله لما وصل العماد ميشال عون الى بعبدا.
الجميل حجب الثقة عن الحكومة ومعه نائبا حزبه، ثم تحدث نائب حزب الله حسين الحاج حسن الذي تناول معاناة الناس التي تدفع بعضهم الى حرق نفسه، كما حصل مع المواطن جورج زريق او الى الانتحار كما يحصل غالبا.
واستمرت جلسة الامس الى السادسة والنصف مساء، حيث اعلن بري تأجيلها الى يوم غد على اعتبار ان اليوم هو عطلة رسمية بمناسبة ذكرى اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.