بيروت - عمر حبنجر
وسط معلومات عن محاولات للبحث عن كبش محرقة لتحميله مسؤولية التدهور المالي والاقتصادي وكل ما سجلته الانتفاضة الشعبية غير المسبوقة بتاريخ لبنان في لائحة حملتها الاتهامية للحكم، استأنف الرئيس سعد الحريري نشاطه في السراي امس، لأول مرة منذ اندلاع التظاهرات باستقبال سفيرنا في بيروت عبدالعال القناعي، بحضور رئيس مجلس الانماء والاعمار نبيل الجسر، حيث جرى عرض للمشاريع اللبنانية المدعومة من الكويت.
وردا على سؤال، قال السفير القناعي بعد الاجتماع: الوقت الآن ليس للكلام بل للعمل.
كما التقى الحريري سفير فرنسا في لبنان برونو فوشيه، في حضور الوزير السابق د. غطاس خوري وعرض معه مجمل التطورات، وبخاصة ما يتعلق بمقررات «سيدر» في ضوء قرارات مجلس الوزراء الأخيرة.
ثم اجتماع الحريري إلى ممثلي مجموعة الدعم الدولية للبنان التي تضم سفراء الولايات المتحدة اليزابيث ريتشارد، وروسيا الكسندر زاسبيكن وفرنسا برونو فوشيه وبريطانيا كريس راملينغ وألمانيا جورج برغلين وايطاليا ماسيمو ماروتي والاتحاد الاوروبي رالف طراف والصين جيانغ ذويانغ والمنسق الخاص للامم المتحدة بان كوبيتش. وقد أطلع الحريري السفراء على جدية الاجراءات التي طال انتظارها من قبل الحكومة، سواء كانت كجزء من مشروع الموازنة للعام 2020 او من خارج الموازنة. وكرر ان هذه الاجراءات «ليست سوى خطوة أولى» وقد حصل توافق بالحكومة في شأنها بفضل الشباب والشابات الذين تظاهروا على مدى الأيام الماضية من أجل كرامتهم الوطنية واستعادة الهوية الوطنية وتقديمها على الهوية المذهبية والطائفية.
وقال: اذا كانت الانتخابات المبكرة هدفهم فإن صوتهم وحدهم سيقرر، ولن نسمع لأحد بتهديد المتظاهرين.
بدورها، مجموعة الدعم رحبت بالاهداف الاصلاحية التي اوجزها الحريري واشادت بالتعبير الديموقراطي للشعب اللبناني ومطالبته بإصلاحات بنيوية وتغييرات اجتماعية مسؤولة ومقبولة.
وشدد على ان يتم تقليص الفساد والهدر بشكل حقيقي ويبتعد عن الطائفية وتؤمن الحوكمة الصحيحة.
وتزامن مع عودة الحريري الى السراي دعوة من رئيسي الحكومة السابقين نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة لاستقالة الحكومة مقرونة بتكليف الحريري بتشكيل «حكومة جديدة مصغرة» بعدد اقل من الوزراء.
الدعوة لم تكن مشتركة، إنما منفصلة، وهي تلاقت مع رؤية وليد جنبلاط وسمير جعجع، علما ان جنبلاط تحدث عن تعديل الحكومة الحالية، حيث قال في تغريدة له امس: ان الاصلاحات التي اعتمدت هي «مخدرات واهية لبعض الوقت، وان بيع القطاع العام جريمة رفضناها بالامس». وتوجه جنبلاط الى الحريري بالقول: الى متى يا شيخ سعد ستبقى على هذا التفاهم الذي دمر العهد ويكلفنا من رصيدنا في كل يوم؟ أليس افضل تعديل الحكومة وإخراج رموز الاستبداد والفساد منها؟ معتبرا ان التعرض للمتظاهرين خط أحمر.
مثل هذه الدعوات نبهت اوساط بعبدا الى ان استقالة الحكومة وإعادة تشكيل حكومة برئاسة الحريري، توحي للناس بأن المشكلة برأس النظام إلا برئيس الحكومة، وان الحديث عن حكومة مصغرة او مستقلة يعني اخراج الوزير جبران باسيل، ووزراء حزب الله، الذي يشارك بعبدا تحليلها للامور، ومن هنا كان تحول انقسام عناصر الحراك الشعبي بين مطالب بإسقاط النظام ومطالب باستقالة الحكومة، كما ان هناك طرفا ثالثا يقول: كلهم يعني كلهم.
ومن هنا تخشى المصادر عينها ان يكون الاجتماع الطارئ لمجلس المطارنة الموارنة والارثوذكس في بكركي اليوم بدعوة من البطريرك بشارة الراعي، مرتبطا بإيحاءات غايتها تقديم جرعة دعم لرئاسة الجمهورية، وبالتالي رمي كرة مسؤولية ضعضعة الوضع في شباك رئيس الحكومة سعد الحريري، ما يفتح الباب امام استجرار الدعم الطائفي لرئيس الحكومة، وما قد ينعكس سلبيا على وحدة الحراك الشعبي الذي بات مفخرة اللبنانيين في كل مكان، وعسى تقول المصادر ان يأخذ المجتمعون في بكركي اليوم، كل هذه المخاطر بعين الاعتبار.
وفي وقت لاحق، نقل مكتب رئيس الوزراء عن منسق الأمم المتحدة في لبنان قوله أمس إن حكومات أجنبية عبرت عن تأييدها لأهداف الإصلاح التي حددتها الحكومة اللبنانية.