بيروت ـ جويل رياشي
لا جديد في أحوال الأنشطة في العاصمة بيروت وبقية المناطق اللبنانية. روتين التأجيل بات يغلب على كل شيء، من أنشطة ثقافية وتربوية واجتماعية ورياضية وغيرها. تأجيل تحت عنوان «بسبب الظروف الراهنة التي تمر بها البلاد».
صحيح إن المدارس فتحت أبوابها، وإن تكن الخطوة غير ثابتة، في انتظار التطورات، وعلى طريقة «كل يوم بيومه»، إلا ان الصحيح ايضا ان العاصمة خسرت حدثين ثقافيين كبيرين بداعي التأجيل، علما ان اولهما معرض الكتاب الفرنسي الذي تنظمه سنويا السفارة الفرنسية في لبنان قد تأجلت نسخته للسنة الحالية الى موعد غير محدد، فيما تم ترحيل موعد معرض بيروت العربي الدولي للكتاب في نسخته الـ 63 الى 28 فبراير المقبل.
خسارة ثقافية مالية لدور نشر لبنانية وعربية وأجنبية تأتي في زمن تعاني فيها دور النشر وقطاع الورق انهيارا جراء عصر الرقمنة.
صحيح ان بعض النشاطات المصاحبة لمعرض الكتاب الفرنسي ستقام في أوقات متفرقة خارج اطار المعرض، بينها جائزة «غونكور خيار الشرق» الشهيرة التي تنظمها الوكالة الجامعة للفرنكوفونية وغيرها، الا ان الصحيح ايضا ان قطاعات عدة ستتأثر جراء وقف أنشطة ذات تمويل خارجي تستفيد قطاعات لبنانية عدة منها، على سبيل المثال ستخسر الفنادق فرصة استضافة ضيوف عرب وأجانب كانوا تلقوا دعوات للمشاركة في معرض الكتاب الفرنسي، فضلا عن القاعة الكبرى التي تحتضن أنشطته في فرن الشباك (بيال سابقا عند الواجهة البحرية لبيروت).
والشيء عينه لمعرض الكتاب العربي، الذي استمر في اعتماد الواجهة البحرية لبيروت مقرا له.
كانت دور النشر تعتمد على شهري نوفمبر وديسمبر لتصريف ما لديها ورفد صناديقها بالأموال لتأمين استمراريتها وعدم صرف موظفين لديها في ظل الضائقة الاقتصادية التي يعانيها لبنان منذ فترة طويلة.
وكان المعرض الفرنسي منصة لجذب أموال بالعملة الصعبة بالمعنى الاقتصادي، وتكريسا لدور بيروت عاصمة للقراءة باللغة الفرنسية.
وقد تعددت أسباب تأجيل أو إلغاء النسخة الحالية بين الاقتصادية و«الظروف الراهنة».
أما النسخة الـ 63 من «معرض بيروت العربي الدولي للكتاب» فتأجلت بحسب المنظمين، أي النادي الثقافي العربي ونقابة اتحاد الناشرين في لبنان، «حرصا على إقامة المعرض ونجاحه».
وجاء في بيان عن الطرفين المنظمين لمعرض الكتاب العربي: «ان 150 دار نشر عربية ولبنانية، إضافة الى وجود أجنحة لعدد من الدول العربية والأجنبية، منها الكويت وعمان وأوكرانيا، كانت ضربت موعدا للمشاركة في هذا الحدث الكبير».
ولفت البيان «الى حرص اللبنانيين على زيارة المعرض السابق (النسخة 62)، الذي شهد مشاركة 245 دار نشر عربية وأجنبية».
بيروت تنزف ثقافيا، وان كان المشاركون في الحراك الذي تشهده المناطق اللبنانية ينتصرون في ثورتهم لشؤون عدة تتخطى السياسة، منها استعادة معالم ثقافية بينها «التياترو الكبير» الذي شيد عام 1930 وسط بيروت.
وقد أقيمت للغاية حفلة موسيقية أمام المبنى الذي ينتظر الترميم والخروج من مشاهد معالم الحرب الأهلية التي تركت بصمتها عليه، بدعوة من «المفكرة القانونية»، وهي منصة تعنى بشؤون قانونية وبمواد صحافية استقصائية».
يوميات لبنانية خالية من النشاطات الثقافية التقليدية ينتصر فيها الأهالي لتأمين الأولويات من مال وطعام ووقود، من دون إسقاط الاهتمام بأمور أخرى تميزوا بها وجعلت بيروت عاصمة ثقافية عربية وفرنكوفونية خصوصا.