بيروت ـ عمر حبنجر
الطرق الحكومية مقفلة بإحكام، الرئيس ميشال عون يقرأ بعكس قراءة الرئيس سعد الحريري للامور، وقراءة الحراك الشعبي عكسهما ايضا، ويخشى مع الوصول الى الجدار المسدود اللجوء الى فجوات تفضي الى مهوار اعمق، كمثل ما تشير معلومات لـ «الأنباء» بأن الفريق الرئاسي بدأ البحث في طيات الدستور عن حالة تسمح لرئيس الجمهورية بإعلان حالة الطوارئ احتواء للاوضاع الميدانية القائمة او التي يمكن ان تقوم على ان يُستتبع ذلك بتشكيل حكومة عسكرية برئاسة قائد الجيش العماد جوزف عون تتألف من ستة ضباط على غرار الحكومة العسكرية التي شكلها الرئيس عون يوم كان قائدا للجيش وتسلمت الزمام في نهاية ولاية الرئيس امين الجميل.
المراجع التي تلقت اشارات بهذا المعنى اكدت اطمئنانها الى اختيار قائد الجيش العماد جوزف عون لهذه المهمات، لكنها توقفت امام مضمون هذا المسار الذي يعني عمليا الاطاحة بدستور الطائف، وهذا له محاذيره.
وكان الرئيس عون وجه انذارا اخيرا الى الرئيس الحريري، داعيا اياه الى تشكيل حكومة سياسية مطعمة باختصاصيين يتمثل فيها الحراك الشعبي والا ستشكل حكومة من اللون الاكثري الواحد، وفق قناة «او.تي.في»، وان حكومة جديدة يشكلها الحريري يجب ان تضم جبران باسيل.
وينتظر ان يتوصل التيار الوطني الحر وحزب الله وحركة امل الى بلورة موقف متجانس من الحكومة بعد الاحتفال بعيد الاستقلال الذي سيكون رمزيا في باحة وزارة الدفاع لهذه السنة، يوم غد الجمعة، وقد تلقى الرئيس سعد الحريري الدعوة لحضوره الى جانب الرئيسين ميشال عون ونبيه بري.
رئيس مجلس النواب السابق حسين الحسيني اعتبر الحكم القائم في لبنان الآن خارج الشرعية، وهناك اشخاص خلقوا حالة اغتصاب للسلطة، لذلك من الطبيعي ان تكون هناك ثورة.
واضاف لقناة «ام.تي.في»: النظام الجمهوري يفترض ان تكون الحكومة فيه خط الدفاع الاول عن النظام وعن استمرارية الكيان، ويكون رئيس الدولة خط الدفاع الثاني، لكن عندما يوزر الرئيس صهره فيكون دمج خط الدفاع الاول بالثاني واضعفهما.
كل هذه المستجدات املت على الرئيس الحريري دعوة كتلة المستقبل النيابية الى اجتماع استثنائي عصر امس.
وكان الحراك الشعبي اطاح بالجلسة التشريعية يوم الثلاثاء الماضي، مكرّسا سلسلة حقائق سياسية لم يعد بوسع السلطات الرسمية تجاوزها او عدم اخذها بعين الاعتبار، واولى هذه الحقائق ان الشعب هو سيد نفسه وليس مجلس النواب الذي فشل في اثبات سيادته الذاتية مرتين في غضون اسبوعين، وهذا الشعب المتمثل بالحراك الثائر هو من اجبر الحكومة على الاستقالة، ومن ألزم النواب برفع السرية عن حساباتهم المصرفية، ولئن حصل ذلك بعدما جرى تهريب اموال منذ 16 اكتوبر الماضي تفوق التخيلات.
ولا شك ان ما حصل امس وقبله اظهرت حجم ضمور سلطة الرئاسة الاولى والثانية، وبصرف النظر عن تبادل الملامات، احدهما يرى انه كان حريا بالآخر تأجيل الجلسة استباقا لانكشاف الضعف امام الحراك الشعبي، والآخر ينسب الى الأول مساهمته الضمنية في مقاطعة الجلسة التشريعية رغم اعلان العزم على المشاركة في الشطر الاول من الجلسة المخصصة لانتخاب اللجان النيابية، بيد ان الطرفين ـ اي الفريق الرئاسي وفريق رئاسة مجلس النواب ـ التقيا على تحويل الملامة الى قيادة الجيش «التي لم تؤمن امن المداخل الى مجلس النواب».
ويبدو ان لدى رئيس مجلس النواب نبيه بري شكوكا بأن ثمة لعبة يلعبها التيار الوطني الحر لم تتضح معالمها، وربما المقصود ما يحكى عن تأليف حكومة طوارئ عسكرية، وينقل زوار بري عنه امس ان الجمود السلبي هو المتحكم بالمسار الحكومي، وان الأمور اصبحت اكثر صعوبة، وقال ان هناك جهات نكثت بما وعدت، ورب ضارة نافعة، وبعد اعتبار اللجان النيابية قائمة صار بالامكان البدء بدراسة الموازنة العامة.
واقع الحال ان الحراك الشعبي او الانتفاضة او الحراك الثوري بات سلطة خامسة في لبنان بعد التشريعية والتنفيذية والقضائية والاعلامية، بدليل قدرته على شلّ باقي السلطات مجتمعة، ومن هنا بات اركانه يتحسبون لما هو آت، كالحديث عن دخول «الدواعش» على خط الحراك وان بين «المتحركين» سوريين وفلسطينيين، ومثل هذه الاخبار اشبه بالذخائر الاحتياطية يلجأ اليها من جانب من اعيتهم السبل السياسية عبر مواقع التواصل الاجتماعي الجاهزة للتفاعل بعشوائية مدمرة.
ومن الرسائل «المشفرة» للحراك خبر نشرته «النهار» البيروتية عن تجهيز حزب الله قوة خاصة لفتح الطرق الحيوية بالنسبة للحزب الى الجنوب والبقاع، في مثل هذا رسالة مزدوجة: الى الحراك كما الى الجيش، الذي لا يخفي الحزب عدم ارتياحه لطريقة تعامله مع الحراك، ما يوحي بالتمهيد لتحرك مضاد.
ويسأل النائب القواتي ادي ابي اللمع عما اذا كان المطلوب ضرب المتظاهرين ام تسيير الامور بالشكل الملائم.