بيروت ـ عمر حبنجر
أعلنت رئاسة الجمهورية اللبنانية في بعبدا أمس، أن الرئيس العماد ميشال عون سيبدأ الاستشارات النيابية لتسمية الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة الجديدة، يوم الاثنين المقبل، في القصر الجمهوري في بعبدا. وحددت رئاسة الجمهورية، في بيان، جدول الاستشارات.
ونقلت «رويترز» عن مصدر مقرب من نواب حزب الله وحركة أمل أنهم سيرشحون رجل الاعمال م.سمير الخطيب لرئاسة الحكومة. ونقلت الوكالة ذاتها عن مصدر آخر أن تيار المستقبل بدوره سيرشح الخطيب في المشاورات الرسمية الاثنين المقبل.
وسبق هذه التطورات «رياح حريرية» عاكست اشرعة م.سمير الخطيب غداة اقترابه من رصيف رئاسة الحكومة واربكت تحضيرات القصر الجمهوري لإطلاق الاستشارات النيابية الملزمة، واعادت غليانا في شارع الانتفاضة الى زخم المنطلقات.
بداية الانكفاء تمثلت بتظاهرات شعبية امام منزل المرشح المرجح لرئاسة الحكومة م.سمير الخطيب اعقبت ظهور ملامح على فوز الخطيب في السباق الى السراي الكبير، بمعزل عن آلية الوصول التي رأى فيها وليد جنبلاط مخالفة للدستور الذي يوجب اجراء الاستشارات ثم التكليف ثم التأليف، لكن الذي حصل ان الرئيس ميشال عون اصر على استطلاع كيفية التأليف والحصص والاسماء قبل الاستشارات والتكليف والتأميل، وهو ما كان رفضه رئيس حكومة تصريف الاعمال سعد الحريري.
وتبلورت سوداوية الموقف عند منتصف ليل الثلاثاء ـ الاربعاء عندما زار وزير المال علي حسن خليل ممثلا الرئيس نبيه بري وحسين الخليل المعاون السياسي للسيد حسن نصرالله الرئيس الحريري في بيت الوسط وطالبوه بموقف حاسم، اما الترشح شخصيا وإما دعم سمير الخطيب، لكنه امتنع عن الاستجابة، تاركا الامر لما بعد بدء الاستشارات.
وفي الصباح، جرى توزيع معلومات تشير الى ان تعيين موعد الاستشارات رهن جواب سعد الحريري على ثلاثة:
٭ هل ترشح م.سمير الخطيب؟
٭ هل تشارك كتيار مستقبل في الحكومة؟
٭ هل تمنحه الثقة؟
الجواب لم يتأخر، وجاء عبر بيان عنيف لرؤساء الحكومة السابقين يتهم فيه الرئيس ميشال عون والوزير جبران باسيل صراحة بالاعتداء على الصلاحيات الدستورية لرئيس الحكومة والنواب.
وجاء في البيان: هال رؤساء الحوكمة السابقين نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وتمام سلام الخرق الخطير لاتفاق الطائف والدستور نصا وروحا، كما هالهم ايضا في بيان لهم الاعتداء السافر على صلاحيات النواب بتسمية الرئيس المكلف من خلال الاستشارات النيابية الملزمة لرئيس الجمهورية بإجرائها وبنتائجها، ومن ثم الاعتداء على صلاحيات رئيس الحكومة عندما يتم تكليفه تشكيل الحكومة بعد اجراء الاستشارات اللازمة، وذلك من خلال استباق هذه الاستشارات وابتداع ما يسمى رئيسا محتملا للحكومة، وهو ما قام به رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والوزير جبران باسيل كما اعلنه الوزير باسيل بذاته.
وتابع: ان اي مرشح لرئاسة الحكومة يوافق على الخوض في استشارات حول شكل الحكومة واعضائها قبل تكليفه ويقبل بالخضوع لاختبار من قبل لجنة فاحصة غير مؤهلة ولا مخولة دستوريا، انما يساهم ايضا في خرق الدستور، وفي اضعاف وضرب موقع رئيس مجلس الوزراء.
وختم: يرى رؤساء الحكومة السابقون وجوب وقف هذه المهزلة فورا والمبادرة ودون اي تلكؤ الى العودة الى احترام الدستور وما ينص عليه. وسريعا، ردت رئاسة الجمهورية عبر مكتبها الاعلامي بهجوم مضاد قالت فيه: لو ادرك الرؤساء السابقون ما كان سيترتب على الاسراع في اجراء الاستشارات النيابية الملزمة من انعكاسات سلبية على الوضع العام في البلد وعلى الوحدة الوطنية والشرعية الميثاقية لما اصدروا هذا البيان، ولكانوا ادركوا صوابية قرار الرئيس ميشال عون في سبيل المحافظة على الاسس الوطنية والميثاقية التي قام عليها لبنان.
واعتبر ان التشاور الذي اجراه رئيس الجمهورية لا يشكل خرقا للدستور او انتهاكا لاتفاق الطائف لا بنصه ولا بروحه، خصوصا ان الدستور المنبثق عن هذا الاتفاق لا يحدد مهلة زمنية لاجراء الاستشارات الملزمة، كما لا يحدد للرئيس المكلف مهلة لانجاز تشكيل الحكومة بالاتفاق مع رئيس الجمهورية، وبالتالي لا اعتداء من قبل رئيس الجمهورية على صلاحيات اي كان.
وفي ردهم على الرد، عبر رؤساء الحكومة السابقون عن استهجانهم لبيان رئاسة الجمهورية، «لاسيما ان هناك اتصالات جارية لتحديد شكل ومكونات الحكومة العتيدة، تتضمن إجراء امتحانات، بعضها استعراضي، وبعضها الآخر يجري في غرف مظلمة، يقوم بها من هو غير مخول دستوريا لذلك، من أجل اختيار رئيس الحكومة المكلف وقبل إجراء الاستشارات النيابية الملزمة. وهذا يعني مخالفة صريحة للدستور وللأعراف الميثاقية في لبنان».
ومن بكركي، طالب مجلس المطارنة الموارنة الذي انعقد برئاسة البطريرك بشارة الراعي بتشكيل حكومة انقاذ نزيهة، محذرين من تعمد جهات سياسية الاعتداء على الحراك الشعبي، وشددوا على الدعوة الى قضاء مستقل لاسترداد المال المنهوب، رافضين ابقاء لبنان اسير تجاذبات السياسيين الغارقين في مصالحهم الخاصة.
رئيس مجلس النواب نبيه بري وفي لقاء الاربعاء النيابي توقف امام البيان الصادر عن رؤساء الحكومات السابقين ورد رئاسة الجمهورية عليه، وقال: لا يجوز لأحد التنصل مما يجري في خضم الازمات المالية والاقتصادية التي تمر بها البلاد.
وبدا حزب الله اكثر استياء من التطورات المستجدة، حيث قال النائب محمد رعد رئيس كتلة الوفاء للمقاومة في لقاء سياسي في بلدة جبشيت الجنوبية: ما نحن بصدد مواجهته حرب ناعمة توازي حرب تموز 2006، مشيرا الى الحصار الاقتصادي، ومؤكدا الانتصار في هذه الحرب كما في حرب تموز.