بيروت ـ عمر حبنجر
سيطر الجمود المطبق على مسار المشاورات الخاصة بتكليف من يشكل الحكومة اللبنانية العتيدة، ما يوحي بأنها مؤجلة الى ما بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، أو حتى إلغاء العقوبات الأميركية على ايران المتمسكة بخيوط اللعبة السياسية في لبنان.
وتقول مصادر بعبدا ان الرئيس ميشال عون أجرى اتصالات بعيدة عن الأضواء لدراسة الوضع، واستمزاج الآراء والبحث عن مرشح مقبول من مختلف الأطراف يكون قادرا على التفاعل مع الكتل النيابية.
بدوره، حمّل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله رؤساء الحكومات السابقين مسؤولية اعتذار مصطفى أديب، معتبرا انهم أرادوا انتهاج عرف جديد في تأليف الحكومات، يسحب من رئيس الجمهورية آخر صلاحية دستورية، هي شراكته وبالتالي هذه البيعة أرادها نصرالله للرئيس ميشال عون، وللفرقاء الموارنة بهدف الحد من الضغوط على موقع رئاسة الجمهورية داخل البيئة المسيحية والتي وصلت إلى حد المطالبة العلنية بانتخابات رئاسية مبكرة، تخرج عون من بعبدا.
وقال نصرالله ان المطلوب من الكتل النيابية ومن رئيس المجلس ومن رئيس الجمهورية أن يسلموا نادي الأربعة البلد، بلا قيد ولا شرط، وبلا نقاش ولا سؤال، وإلا فاعتذار.
نصرالله ابقى الباب مفتوحا أمام المبادرة الفرنسية، وقال ان الثنائي الشيعي لم يكن لديه مشكلة في أن يتولى سعد الحريري رئاسة الحكومة وأن يسمي الشخصية التي يريد، كما أن «الثنائي» قبل بتسمية نادي الحكومات السابقين لمصطفى اديب، واضاف: نحن رحبنا بمبادرة الرئيس ماكرون، لكن على ألا يكون مدعيا عاما او محققا وقاضيا، ومصدرا للاحكام ووصيا وواليا على لبنان، وما زلنا نرحب بهذه المبادرة.
لكننا نرفض تسليم البلد لنادي رؤساء الحكومات، مؤكدا التمسك بتمثيل الحزب في الحكومة «لحماية ظهر المقاومة وحماية ما تبقى من لبنان اقتصاديا، حتى لا تتكرر في لبنان حكومة 5 مايو 2008»، ودافع نصرالله عن إيران وحمل واشنطن ورؤساء الحكومات مسؤولية اجهاض المبادرة الفرنسية.
من جانبهم، اعتبر رؤساء الحكومة السابقون نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وسعد الحريري وتمام سلام في بيان أنه «من المؤسف أن يجتنب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الحقيقة إلى هذه الدرجة في الرواية التي ساقها بشأن المساعي التي قام بها الرئيس مصطفى أديب في محاولة تشكيل حكومة إنقاذية والاسباب التي ادت إلى فشلها».
وجاء في بيان رؤساء الحكومة السابقين ما يلي:
أولا: إن المبادرة الفرنسية، التي شكلت الفرصة الوحيدة لمحاولة وقف انهيار لبنان، بنيت على ضرورة تعليق كل ما يمت الى السياسة الداخلية التقليدية، ومسألة تنافس الكتل والأحزاب، لأشهر معدودة بحيث تتفق الكتل النيابية الرئيسية على حكومة إنقاذ مصغرة من الاختصاصيين الأكفاء لا تسميهم الاحزاب، لتنفيذ برنامج اصلاحي اقتصادي مالي ونقدي وإداري بحت، مفصل في خطواته للأشهر الثلاثة الاولى، لفتح المجال أمام البدء باستعادة الثقة وعودة التمويل الخارجي للبلد.
ثانيا: لم يشكل ما سماه السيد نصر الله «نادي رؤساء الحكومات الاربعة» الحكومة نيابة عن الرئيس اديب، ولم يفرض اسما فيها او حقيبة، بل اقتصر دوره على توفير الغطاء بشكل شفاف وواضح لتنفيذ ما وافقت عليه الكتل النيابية في قصر الصنوبر، بعد ان اجتمعوا على كلمة سواء فيما يتعلق بتسمية الرئيس المكلف.
وهذا الدور لم ينطلق للحظة واحدة من فرض الوصاية على رئاسة الحكومة بل من الدعوات التي أطلقتها أكثرية اللبنانيين، والتي اجمعت على وجوب عدم تكرار الآليات التي اعتمدت في تشكيل الحكومة المستقيلة والتي كانت محل معارضة شعبية واسعة تقاطعت مع المبادرة الفرنسية ووجوب قيام حكومة مستقلين بعيدا عن المحاصصة والولاء الحزبي والسياسي.
ثالثا: ان الرئيس المكلف لم يكن في مقدوره التشاور مع رئيس الجمهورية، أو مع أي من الكتل السياسية في الاسماء والحقائب في ظل العقدة التي رفعها في وجهه ثنائي أمل وحزب الله، فور وصول جهوده الى مراحلها الاخيرة عشية العقوبات التي اعلنت بحق الوزيرين السابقين، والتي نشأت عنها تعقيدات واستعصاءات.
وما كان من الرئيس الحريري في اعقاب ذلك، وحيال الخطر الذي يتهدد فرصة وقف الانهيار المتاحة الا أن لجأ إلى اتخاذ مبادرة منفردة تتيح في حال اعتمادها الابقاء على التمثيل الشيعي في وزارة المالية لمرة واحدة، مع التأكيد على مبدأ المداورة في الحقائب الوزارية.
ومن المؤسف أنه بدلا من تلقف مبادرة الرئيس الحريري التي اشادت بها فرنسا، جرى الالتفاف عليها ووضع المزيد من الشروط على الرئيس المكلف والتمسك بتسمية الوزراء في الحقائب الباقية، في ضرب مكشوف للقواعد التي انطلقت منها المبادرة الفرنسية وللدستور الذي يؤكد على عدم حصرية أي حقيبة وزارية بممثلين لأي طائفة بعينها.
رابعا: إن اللافت في رواية الأمين العام لحزب الله أنها تعمدت افتعال اشتباك طائفي بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف، بزعم التعدي على الصلاحيات الدستورية لرئيس الجمهورية لمصلحة رئاسة الحكومة وما تمثل، وهو الأمر الذي لا اساس له من الصحة.
علما أن ما طالب به الرئيس المكلف هو ذاته ما طالبت به رئاسة الجمهورية ومعظم الكتل والشخصيات السياسية والنيابية التي شاركت في استشارات القصر الجمهوري، من اعتماد للمداورة في الحقائب باستثناء ممثلي الثنائي أمل وحزب الله.
خامسا: ان مطالعة الامين العام لحزب الله تنسف المبادرة الفرنسية أيضا بمحتواها الاقتصادي والمالي من خلال المقاربات الخاصة بصندوق النقد الدولي والاصلاحات الاقتصادية والمالية.
سادسا: لم يكن السيد نصر الله موفقا في العودة إلى احداث مايو 2008 للتذكير بالاعتداء الذي تعرضت له بيروت، وهو ما قرأه اللبنانيون تهديدا غير مقبول وتلويحا باستخدام الفوضى والعنف والفلتان الأمني، والتي لا تستثني أحدا من مخاطرها.
وكان رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أبلغ الامم المتحدة عن مستودعات اسلحة وصواريخ تابعة لحزب الله في مناطق الجناح والليلكي والشويفات جنوبي بيروت وقدم خريطة بإحداثيات هذه المواقع.
وعلى الاثر، نظمت العلاقات الإعلامية في حزب الله جولة لوسائل الاعلام المحلية والعربية والدولية في ورشة لقص الحديد كانت ضمن المواقع التي اشار اليها نتنياهو، وهي تقع على مقربة من منشأة للغاز، وبجوار مبنى السفارة الإيرانية في محلة الجناح، حيث تحدث اليهم مسؤول اعلام حزب الله الحاج محمد عفيف، نافيا ادعاءات نتنياهو والناطق باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، حول وجود تجهيزات صاروخية.