تواجه تركيا خطرا متناميا يتمثل في امتداد الاضطرابات الاقتصادية والاجتماعية في سورية لاراضيها ويخشى البعض ان يؤدي تدفق اللاجئين السوريين لقيام القوات التركية بعمليات حدودية على مقربة من القوات السورية. ودفعت حملة الرئيس السوري بشار الأسد ضد المعارضة علاقات بلاده التي كانت وثيقة مع تركيا في وقت ما لنقطة الانكسار. واحتدت اللهجة التركية تجاه سورية وطالبت الأسد علنا بالسير على طريق الإصلاح ووصفت حملته بـ «الوحشية» ولكن محللين يقولون ان انقرة مازالت تأمل ان يغير الأسد موقفه. وقال ديبلوماسي غربي على دراية بالمنظور التركي «يبدو الأتراك قلقون لغياب بدائل لنظام مستقر».
وتابع «افضل آمالهم ـ رغم انهم ليسوا سذجا ـ ان ينفذ الأسد بشكل ما اصلاحات ذات مغزى سعيا لإنقاذ نفسه».
من جهته، قال غاريث جنكينز وهو محلل امني في اسطنبول «الخوف من المجهول عامل رئيسي». وقد تقرر تركيا التخلي عن الاسد اذا ما انزلقت سورية نحو حرب اهلية بين جماعات طائفية وعرقية. ورغم ان تركيا دولة غير عربية الا ان تركيبتها السكانية تتشابه مع سورية، ويوجد في كل من سورية وتركيا أغلبية سنية واقليتان كردية وعلوية، وتنتمي أسرة الأسد للأقلية العلوية.
وكتب مراد يتكين رئيس تحرير صحيفة حرييت اليومية في الآونة الاخيرة «يشير البعد الاستراتيجي والسياسي إلى أن الاستقرار في سورية حيوي للاستقرار في الشرق الأوسط». «ولكن هذا لا يعني دعم النظام الحالي بأي ثمن لأن الحكم البعثي لم يعد بوسعه توفير الاستقرار في ظل إصراره على سياسته الحالية». ومع تدفق اللاجئين على الحدود اوردت وسائل الإعلام ان القيادات السياسية والعسكرية في تركيا تدرس إقامة منطقة عازلة داخل سورية في حالة زيادة حادة في أعداد اللاجئين، لكن مسؤولون ينفون ان لديهم دراية بمثل هذه الخطط.
ولا ترحب دمشق بوجود قوات تركية على اراض سورية وكاد البلدان ان يخوضا حربا في اواخر التسعينيات بسبب ايواء سورية متمردين اكرادا اتراكا.
وقال جنكينز ان اقامة منطقة عازلة في سورية ينطوي على مخاطر في ظل مخاوف بعض الدول العربية من طموحات خارجية «عثمانية جديدة» للأتراك ولكنه ذكر ان انقرة ربما تضطر لإقامة المنطقة العازلة في حالة تدفق اعداد كبيرة من اللاجئين. وفشلت تركيا في استغلال ثقلها الاقتصادي لإرغام دمشق على التغيير نظرا لأن انقرة أكبر شريك تجاري لسورية الا انها تناور للتعامل مع اي تبعات. وقال سامح ايديز خبير السياسة الخارجية في صحيفة ميليت التركية «انهارت سياسة التقارب مع سورية كليا ولكن سنرى تركيا تبحث عن هامش جديد للمناورة في ظل اي وضع يطرأ بدلا من ان تبلغ نقطة تفقد فيها صبرها مع الأسد».