- الشرع سيجري مباحثات جدية في موسكو
مع خروج مظاهرات جمعة «الجامعة العربية تقتلنا» أمس دخلت الأزمة السورية شهرها العاشر وهي تنتظر الحل العربي للحيلولة دون تدويل الأزمة فيما يستمر سقوط القتلى والجرحى وحملة الاعتقالات للمحتجين.
بموازاة ذلك خرجت روسيا بمشروع لافت أمام مجلس الأمن يدين العنف «من جميع الأطراف» وسط تحفظات غربية باعتباره غير متوازن.
وفيما اتهم المتظاهرون السوريون الجامعة العربية بالمساهمة في قتلهم محتجين على المهل التي أعطتها للنظام السوري، ألغت هذه الأخيرة اجتماعا كان مقررا اليوم لوزراء خارجيتها واكتفت باجتماع اللجنة الوزارية السداسية العربية الخاصة بالأزمة السورية والمكونة من مصر والسودان والجزائر وعمان وقطر في الدوحة اليوم.
وقال مصدر ديبلوماسي مطلع بالقاهرة ان اللجنة ستبحث الأوضاع في سورية وما تضمنته الرسائل المتبادلة بين وزير الخارجية السوري وليد المعلم وأمين عام الجامعة العربية مؤخرا خاصة ما يتعلق بالتوقيع على بالبرتوكول الخاص بإرسال «بعثة المراقبة» للاطلاع على حقيقة الأوضاع في سورية تنفيذا لمبادرة الجامعة العربية لحل الأزمة السورية.
وأشار المصدر الى ان الموضوع متوقف حاليا على أن الجانب السوري أبدى ملاحظات وطرح بعض الأسئلة الخاصة ببعض المطالب حتى يوقع على هذا البروتوكول.
في هذه الأثناء، نقلت وكالة الأنباء الروسية عن مصدر في الكرملين ان نائب الرئيس السوري فاروق الشرع سيجري في روسيا مباحثات مع المسؤولين الروس بهدف إنهاء الأزمة التي تشهدها سورية.
وقال المصدر الذي لم يكشف عن هويته «سيتم استقباله في موسكو لإجراء مباحثات جدية».
واضاف «هذه مساهمتنا للتوصل الى حل للازمة التي تثير بالطبع قلقنا».
واضاف ان «الذين يقولون اننا سنكيل له المديح ونربت على كتفه مخطئون»، مؤكدا ان روسيا «ليست محامية السوريين».
ولم يوضح هذا المسؤول متى سيصل نائب الرئيس السوري الى موسكو بينما نفت السلطات الروسية أنباء عن وصوله أمس الى موسكو. في غضون ذلك، أعلنت موسكو عن طرح مشروع قرار روسي ـ صيني جديد حول سورية على مجلس الأمن الدولي يحث السلطات السورية والمعارضة على وقف العنف والانخراط في الحوار على قاعدة مبادرة جامعة الدول العربية.
وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الروسية الكسندر لوكاشيفيتش في إيجاز صحافي ان مشروع القرار يطور الأفكار المشتركة لموسكو وبكين التي طرحت في سبتمبر الماضي، واصفا إياه بأنه «متوازن وموضوعي».
واضاف ان القرار يدين ممارسات المتطرفين الذين يجوبون سورية قائلا «لا يجوز ان يفلت أحد من مسؤولية الممارسات الإجرامية والاستفزازية هناك».
وشدد على عدم السماح بتفسير أي من بنود مشروع القرار على انه دعوة للتدخل الخارجي في شؤون سورية الداخلية، محذرا ان من شأن التدخل الخارجي ان يعمق حالة عدم الاستقرار في عموم منطقة الشرق الأوسط التي تؤدي فيها سورية دورا ملحوظا.
لكن محللين قالوا ان روسيا التي كان شركاؤها الغربيون يتهمونها بعرقلة اتخاذ موقف من دمشق، قامت بتغيير تكتيكي، عندما اقترحت مشروعها لم تبدل موقفها.
ورغم تأكيد الأسرة الدولية وفي مقدمتها الولايات المتحدة وفرنسا، أنها فوجئت بهذه المبادرة لأن موسكو عطلت حتى الآن تبني قرارات في مجلس الأمن تدين سورية، يبرز النص مدى الخلافات بين الروس والغربيين.
كما انه لم يكن كافيا لقبوله على ما يبدو من المعارضة السورية، حيث أكدت الناطقة باسم المجلس الوطني السوري «بسمة قضماني» رفض المجلس لمشروع القرار الروسي، داعية المجتمع الدولي إلى رفضه.
وقالت قضماني، في تصريح خاص لراديو «سوا» الأميركي أمس: «إن موسكو تسعى من خلال هذا المشروع إلى قطع الطريق أمام أي مبادرات فعالة من جانب جامعة الدول العربية لوقف إراقة الدماء في سورية».
وانتقدت الناطقة باسم المجلس الوطني السوري مشروع القرار الروسي الذي وصفته بأنه يضع «الجلاد والضحية» على نفس المستوى.
من جهتها، قالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون انها لم تطلع على مشروع القرار الذي تقدمت به روسيا للأمم المتحدة حول سورية، مشيرة الى ان «هناك بعض المسائل التي لا نستطيع تأييدها».
وأوضحت كلينتون في تصريح للصحافيين عقب لقائها وزير الخارجية الدنماركي فيلي سوفيندال «سنقوم بدراسة مسودة القرار بدقة»، مشيرة الى ان ذلك «لابد ان يكون بمشاركة جامعة الدول العربية التي بادرت بالاستجابة لما يحدث في سورية».
وأعربت عن أملها في العمل مع الجانب الروسي «الذي اعتبرته للمرة الاولى على الأقل يقر بأنها مسألة تستدعي الذهاب الى مجلس الأمن».
بدورها، كررت فرنسا تحفظاتها على مشروع القرار الروسي معتبرة انه «من غير المقبول المساواة بين قمع النظام السوري ومقاومة الشعب السوري».
وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية «نحن في بداية المفاوضات» لكن الأمر «ملح». وكان ديبلوماسي بريطاني في الأمم المتحدة قال للصحافيين إن بلاده تعتقد أن مشروع القرار الروسي لا يتماشى مع الأزمة التي تعانيها سورية حاليا.
ميدانيا، خصص المحتجون السوريون مظاهراتهم أمس في «جمعة الجامعة العربية تقتلنا» لإدانة جمود الجامعة العربية وما قالوا انها مهل تمنحها للنظام ليواصل قمع مظاهراتهم.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن أكثر من 200 ألف شخص تظاهروا في شوارع مدينة حمص وأحيائها وريفها مطالبين بإسقاط النظام.
وتواصل قمع الاحتجاجات ما أدى الى مقتل اكثر من 19 مدنيا وسقوط عدد من الجرحى والمعتقلين.
ومع دخول الاحتجاجات في البلاد شهرها العاشر سارت تظاهرات في مختلف الأنحاء تحت عنوان «الجامعة العربية تقتلنا»، ولاسيما قرب دمشق وفي ادلب وفي دير الزور.
ويرى المعارضون ان المهل العربية الممنوحة لسورية قبل اتخاذ إجراءات ضد القمع «تمنح النظام الوقت لقتل المزيد من السوريين». وأفاد المرصد السوري لحقوق الانسان والتنسيقيات المحلية التي تقود التظاهرات على الأرض بأن «انتشارا أمنيا كثيفا في محيط المساجد» في دوما وكفر بطنا قرب دمشق وحمص وحماة ودير الزور وبانياس واللاذقية . كما أفاد المرصد بتعرض منطقة اللجاة في محافظة درعا «منذ صباح امس الجمعة لقصف عنيف بالرشاشات الثقيلة والمدفعية من قبل الجيش النظامي السوري».
كما أكد مقتل مدني بيد قوى الأمن في حي دير بعلبة في حمص التي تشكل مركزا للاحتجاجات ويحاصرها الجيش منذ أسابيع.
وأفاد عن وفاة مدني متأثرا بجروح أصيب بها فجرا برصاص الجيش السوري في مدينة الحراك.