ذكرت مجلة «الايكونوميست» البريطانية امس ان هناك بعض المؤشرات التي تفيد بان الرئيس السوري بشار الأسد يفقد سيطرته بوتيرة متسارعة، لاسيما بعد وقوع مجزرة «الحولة».
وأوضحت المجلة ـ في سياق تعليق أوردته على موقعها على شبكة الانترنت ـ أن الأزمة السورية قد أفضت بالفعل إلى حالة جمود «مروعة» إذ قد يشعر البعض بأن القوات الموالية للرئيس السوري بشار الأسد تزداد قوة ومهارة عسكرية تفوق ثوار الجيش السوري الحر بينما لايزال مناهضو الأسد في المنفى منقسمين على أنفسهم عاجزين عن توفير منفذ آمن لتدفق الأسلحة والذخائر إلى الثوار أو إرسال المعونات إلى أبناء الشعب السوري.
كما يواجه الاقتصاد الوطني السوري حالة شلل تامة نتيجة نقص في الوقود وتشرذم البلاد إلى إقطاعيات تتمتع بشبه حكم ذاتي، فضلا عن قدرة النظام على تمويل جماعاته والإبقاء على دعم حلفاء له على رأسها إيران، غير أن المراقبين للأوضاع عن كثب يتمكنون من استشفاف بعض المؤشرات التي تفيد بانفلات الامور عن قبضة الاسد بوتيرة متسارعة، فلم يعد في مقدور النظام -على سبيل المثال ـ الحديث عن «هدوء نسبي» يعم وسط البلاد، لاسيما العاصمة دمشق ومدينة حلب كبرى المدن السورية.
وأضافت المجلة «لقد اعتاد سكان المدينتين على سماع دوي القصف المدفعي المتواصل وطلقات الرصاص خلال ساعات الليل فيما تزداد التظاهرات زخما من حيث أعداد المشاركين بها وتكرارها وجرأتها، لافتة إلى أن المدينتين كانتا قد شهدتا إضرابا عاما تضمانا مع ضحايا مجزرة «الحولة».
ونقلت المجلة عن أحد المحللين قوله «إن الدلالة الرمزية للإضراب الذي عم العاصمة دمشق لا يمكن الاستهانة بها.. فطالما اعتبر نظام الأسد تحالفه مع التجار ورجال الأعمال الدمشقيين أمرا غاية الأهمية ومحوريا إلا أن ما حدث قد أوضح أن ذلك التحالف قد تلاشى نهائيا، مؤكدا أن أحداثا بحجم مذبحة الحولة هي مؤشر على هشاشة وضعف النظام وليس قوته بل إن جعبته قد نفدت من الخيارات.
ولفتت مجلة الايكونوميست البريطانية إلى أن اثنين من التكتيكات الهامة التي عمد إليها النظام في مواجهة التظاهرات المناوئة يبدو أنهما لم يفلحا، موضحة ان أول تلك التكتيكات قد تمثل في إذكاء التوترات الطائفية من خلال إثارة المخاوف بين العديد من الأقليات في البلاد من انتقام وما قد ترتكبه عناصر متطرفة منتمية إلى الأغلبية السنية، لكنه وبرغم من تكرار هجمات انتقامية ضد أفراد الجماعة العلوية وانتشار العناصر الجهادية بين السنة، غير أن المجتمع السوري استطاع حتى الآن الإبقاء على بنيته متماسكة.
واعتبرت المجلة أن التكتيك الثاني كان يعتمد على نشر وتأجيج أعمال العنف بهدف توليد ردود فعل عنيفة من قبل الجماعات الثورية المسلحة من شأنها أن تقوض مزاعم المعارضة السورية بأنها سلمية في الأساس غير أنه لم يؤت ثماره.
وأردفت المجلة تقول ان فكرة تسليح الثوار في سورية لم تعجب الكثير من السوريين الذين كانوا يرغبون في الإبقاء على الانتفاضة سليمة بشكل تام غير أن حجم العنف الدائر في البلاد الآن قد وصل إلى مرحلة يجعل من المستحيل على الدولة أن تفرض إرادتها إلا بإراقة المزيد من الدماء والتمادي في القسوة والوحشية.