يروي نصار، الجندي المنشق عن الجيش السوري، معاناته على مدى شهرين ونصف في السجون السورية حيث شاهد بعض السجناء يقضون تحت التعذيب وتمت معاملته «كحيوان»، كما يقول، لسبب وحيد وهو ان مخططه للفرار كشف قبل وضعه قيد التنفيذ.
وتمكن الشاب البالغ من العمر 27 عاما من الخروج من الاعتقال بعد سيطرة المقاتلين المعارضين على سجن ثكنة هنانو في مدينة حلب خلال الشهر الجاري، بعد ان تعرض لتعذيب يومي وسط القذارة والحر داخل السجن.
ويقول «كنا 14 (سجينا) في الزنزانة حيث كنت موجودا، اصيب بعضهم بالمرض وعانى الاخرون من طفح جلدي لم نر مثله من قبل».
ويضيف الشاب ذو اللحية الصهباء المشذبة بعناية «توفي البعض تحت التعذيب، وعاد اخرون الى الزنزانة والكدمات تغطي اجسادهم، كانت جلسات التعذيب تبدأ الساعة 11 ليلا وتنتهي الرابعة فجرا».
ووافق نصار على التحدث الى وكالة فرانس برس في منزل في احدى قرى محافظة حلب (شمالا) حيث ما زالت تدور مواجهات بين المقاتلين المعارضين وجنود القوات النظامية، الا انه رفض اعطاء اسم عائلته خوفا من تعرض اقاربه الموجودين في مسقط رأسه دمشق، لاعمال انتقام.
ولا يستطيع نصار ملاقاة عائلته بسبب الحواجز العسكرية التي تنتشر عبر البلاد التي تشهد مواجهات منذ اكثر من 18 شهرا.
ومثل نصار، اعتقل طلال (21 عاما) المنحدر ايضا من دمشق، لدى محاولته الهرب من الثكنة حيث كان يخدم، ونقل الى اقرب مطار عسكري، ومنه بالمروحية الى ثكنة هنانو حيث امضى 17 يوما.
كان طلال يفكر منذ وقت طويل في الانشقاق عن الجيش النظامي، لكن العمليات التي شارك فيها في محافظة حلب سرعت في اتخاذه قرارا نهائيا.
ويقول الشاب المرتدي ملابس رياضية زرقاء وبيضاء ان «الجيش (النظامي) احرق منازل ودمر قرية بكاملها، في هذه اللحظة، قلت لنفسي: لا يمكنني البقاء يوما اضافيا، كنت وباقي الجنود نتحادث بهذا الامر طويلا، واعتبرنا ان بقاءنا يعني اننا متواطئون مع النظام».
ويوضح انه لم يكن يحق للجنود مشاهدة التلفزيون او استخدام الهاتف الجوال، كما لم يمنح طوال عام كامل مأذونية لرؤية عائلته، ويقول «ممنوع ان يكون لاحد وجهة نظر مختلفة عن النظام».
ومنذ بدء التظاهرات السلمية المطالبة بسقوطه في مارس 2011 والتي تحولت نزاعا مسلحا مع استخدام العنف في قمعها، يتهم النظام «جماعات ارهابية مسلحة» بنشر الفوضى في سورية.
لكن هذا الخطاب لم يقنع عيسى، الجندي الذي انشق عن الجيش لان اقوال الضباط المسؤولين عنه لم تكن تتلاءم مع ما يجري على الارض. ويقول عيسى «كانوا يتحدثون الينا عن ارهابيين، لكننا كنا نرى اطفالا في مواجهتنا، في بداية الثورة، ارسلونا لضرب المتظاهرين».
ولم يتمكن عيسى المنحدر من دير الزور من التحدث الى عائلته منذ اصبح حرا بعد خمسة اشهر في الاحتجاز، لكنه وافق على رواية قصته املا في ان يعرف اهله بذلك انه على قيد الحياة.
وخرج المنشقون الثلاثة الى الحرية في السابع من سبتمبر، يوم هاجم مئات من المقاتلين المعارضين ثكنة هنانو في شرق حلب التي تعتبر استراتيجية نظرا الى ترسانتها العسكرية المهمة، ما ادى الى تحرير 350 سجينا.
وحقق الجيش السوري الحر مع السجناء لمدة اسبوعين، وتم نقلهم بعدها الى المعسكرات الخاصة بالمقاتلين، في حين ابقي على السجناء الموقوفين في قضايا الحق العام، رهن الاعتقال.