خطى الجيش السوري الحر المعارض خطوة نوعية في صراعه الدائر منذ نحو أكثر من عام ضد القوات النظامية التي تحاول استعادة ما فقدته من مناطق نفوذ وأعلن أمس نقل قيادته المركزية من تركيا التي استقر فيها منذ أكثر من عام، الى «المناطق المحررة» داخل سورية.
وقال قائد «الجيش السوري الحر» رياض الأسعد في شريط فيديو بث على الانترنت في رسالة موجهة الى الشعب السوري «نزف لكم خبر دخول قيادة الجيش الحر الى المناطق المحررة بعد ان نجحت الترتيبات التي عمل الجيش الحر على التخطيط لها مع الكتائب والألوية المقاتلة في تأمين المناطق المحررة لبدء خطة تحرير دمشق قريبا جدا».
وأشار الأسعد الى ضغوطات تعرضت لها مجموعته التي أكد انها لا تريد ان تكون بديلا للنظام.
وأوضح «لقد تعرضنا منذ خروجنا من ارض الوطن كقيادة للجيش الحر لكل أنواع الضغوط الدولية والإقليمية والحصار المادي والإعلامي للانحراف بالثورة عن أهدافها وغاياتها النبيلة والدخول في صفقات مشبوهة مع الأطراف الخارجية لنكون البديل عن النظام مقابل شروط يرفضها الشعب السوري وجيشه الحر».
وأضاف «ليس هدفنا ان نكون البديل عن النظام الإجرامي الذي يلفظ أنفاسه، وانما هدفنا ان يكون الشعب السوري بكل مكوناته هو البديل ونحن لسنا إلا جزء منه».
وعاهد الأسعد باسم الجيش الحر الشعب السوري «عدم قبول أي مساومة على ثورته وهويته ودينه وحريته ووحدته وسيادته واستقلاله».
وأكد أن الجيش الحر يرفض أن يكون بديلا عن النظام ويرفض المساومة على سيادة سورية واستقلالها وحقوق شعبها، مشيرا إلى أن الجيش الحر يهدف إلى إقامة نظام سياسي يمثل جميع مكونات الشعب السوري يكون بديلا عن النظام ويكون هذا الجيش جزءا منه.
ميدانيا، واصلت القوات السورية النظامية قصفها ومداهماتها واعتقالاتها في المدن المنتفضة وأسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 110 أشخاص، فيما خاضت اشتباكات عنيفة مع الثوار ومقاتلي الجيش السوري الحر في عدة مدن لاسيما ادلب والرقة ومحافظة حلب التي تتصاعد مخاوف النظام السوري من إقامة منطقة آمنة واسعة يسيطر عليها المعارضون المسلحون.
وفي هذا الأثناء أعلن المعارضون ان الجيش السوري الحر تمكن من إسقاط مقاتلة أثناء تحليقها فوق بلدة الأتارب بمحافظة حلب.
وقال الشاهد وهو صحافي مستقل طلب عدم نشر اسمه ان مقاتلي المعارضة كانوا يهاجمون قاعدة عسكرية قرب البلدة عندما حلقت الطائرة وأسقطها مقاتلو المعارضة بنيران أسلحة مضادة للطائرات، الا أن وكالة الأنباء السورية نقلت عن مصدر رسمي سوري تأكيده ان ما تتناقله وسائل الإعلام الخارجية عن إسقاط طائرة حربية في منطقة الاتارب بريف حلب عار من الصحة، إضافة إلى ذلك أعلن الجيش الحر اقتحام الفوج 46 حيث شوهدت أعمدة الدخان تتصاعد من المقر وهو ما سمح لعدد من عناصره بالانشقاق، بحسب صفحات المعارضة السورية.
تزامن ذلك مع استمرار المعارك في بلدتي اورم وكفر جوم في غرب محافظة حلب، كما أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان، الذي أعلن أيضا مقتل 11 جنديا سوريا على الأقل في معارك وهجمات استهدفت حواجز للجيش في محافظة حلب.
وفي هذه المنطقة القريبة من الحدود مع تركيا، هاجم مسلحون حواجز في ابزمو حيث قتلت امرأة في عملية قصف مضادة للثوار.
وقال مدير المرصد رامي عبدالرحمن انه «لا وجود للدولة في هذه المنطقة عدا بعض النقاط العسكرية والمراكز الإدارية».
وأضاف ان النظام يسعى بأي ثمن لمنع المسلحين المعارضين من وصل هذه المنطقة في محافظة حلب بمحافظة ادلب لان ذلك سيشكل منطقة واسعة تحت سيطرة المعارضين على الحدود مع تركيا، حيث يطلق عليها المعارضون «المناطق المحررة».
وفي داخل مدينة حلب، ثاني مدن البلاد، ترددت اصداء قصف مدفعي عنيف فجر أمس، كما ذكر مراسل وكالة فرانس برس.
وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان ان خمسة أفراد من عائلة واحدة وبينهم أطفال قتلوا في قصف استهدف مبنى في حي الميسر شرق المدينة، وقد ارتفع العدد الى 9 قتلى من عائلة واحدة.
وقال المرصد السوري ان احياء القاطرجي والشعار والصخور وهنانو والعرقوب والمرجة تعرضت للقصف فجرا.
وأفاد التلفزيون السوري الرسمي من جانبه بان القوات النظامية شنت عمليتين وصفها بالـ«نوعيتين» في حي الشعار في شرق حلب مكبدة من يصفهم النظام بـ«الإرهابيين المرتزقة» خسائر جسيمة، وأضاف التلفزيون ان الجيش استهدف «تجمعات للإرهابيين في المركز الثقافي في هنانو وقتل عددا كبيرا منهم».
وفي الجنوب، في محافظة درعا، نفذت قوات الأمن حملة اعتقالات ودهم واسعة في منطقة الحارة واندلعت معارك في داعل.
وأكد عبدالرحمن ان قوت الأمن تعتقل العشرات يوميا في درعا، مهد الاحتجاجات التي انطلقت في ربيع 2011، وان «البعض يتم إطلاق سراحهم، ولكن عدد المعتقلين غير معروف»، من جانبها أعلنت التنسيقية العامة للثورة السورية ان قوات النظام داهمت بلدة هيت في درعا وقصفتها ثم أحرقت ونهبت عددا من المنازل.
وتعرضت قرية حمام التركمان في محافظة الرقة لقصف عنيف استهدف ايضا بلدة السر في تل ابيض وأدى الى مقتل طفل وإصابة آخر الأقل.
كما قصف الطيران الحربي من طراز ميغ 23 بلدة سلوك، واستهدف المركز الثقافي بالبلدة وأهداف مدنية أخرى.
وافاد المرصد بأن بلدات سنجار والخشير والرامي في محافظة ادلب «تعرضت لقصف عنيف من قبل القوات النظامية ما ادى الى سقوط جرحى وتدمير عدد من المنازل».
وفي محافظة ريف دمشق قتل 13 شخصا بينهم ثلاث نساء نتيجة لقصف القوات النظامية على حافلة ركاب على طريق البويضة-حجيرة، بحسب صفحات المعارضة.
كما تعرضت بلدة العبادة لقصف عنيف من قبل القوات النظامية ادى الى سقوط جرحى وتدمير عدد من المنازل، حسب المرصد.
وأعلن المرصد العثور على جثامين سبعة مواطنين اعدموا ميدانيا في بساتين حي القدم بالقرب من حي الحجر الاسود بمدينة دمشق، بحسب ما نقل المرصد عن ناشطين في الحي.
وقامت القوات السورية باقتحام مدرستين ومسجدا في مخيم اليرموك واعتقلت عددا من النازحين ومتطوعين على الأقل ممن يقومون بخدمة النازحين بحسب المعارضة.
وفي حرستا قرب دمشق، قتل جندي فار خلال معارك اندلعت على اثر عمليات قصف مدفعي استهدفت جديدة عرطوز التي يسيطر عليها المعارضون المسلحون، حيث ارسل الجيش تعزيزات مع الفجر.
وفي محافظة حمص قتل ثلاثة مقاتلين من المعارضة خلال اشتباكات مع القوات النظامية في بلدة تلبيسة، بينما تعرضت بلدة البويضة الشرقية بريف حمص للقصف من قبل القوات النظامية، حسب المرصد.
وقتل جندي واحد على الأقل في مواجهات على مشارف المدينة القديمة، وبالقرب من حمص، قتل أربعة جنود في هجوم استهدف سيارتهم، كما قتل ثلاثة مسلحين معارضين في الرستن في محافظة حمص.
وفي حين لا يلوح في الأفق اي مخرج للنزاع الذي أودى حتى الآن بحياة 29 ألف شخص بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، أعادت فرنسا طرح فكرة إقامة منطقة حظر جوي تطالب بها المعارضة السورية.
وفي الأثناء اعتبر رئيس المجلس الوطني السوري، ابرز تحالف معارض، عبد الباسط سيدا أمس الأول ان النزاع بلغ «حدا بالغ الخطورة» من شأنه التسبب في «وضع كارثي ومزيد من التطرف في الدول المجاورة».
وفكرة إقامة منطقة حظر جوي التي تطرق إليها المجتمع الدولي في أغسطس وتطالب بها المعارضة السورية لمنع الغارات الجوية للقوات الحكومية على إحياء يسيطر عليها المسلحون، عادت الى الواجهة.
وأعلن مسؤول فرنسي كبير أمس الأول ان بلاده مازالت تفكر مع شركائها في منطقة حظر جوي محتملة فوق سورية مع إقراره بان هذا المشروع الذي يتطلب قرارا من مجلس الأمن الدولي هو غير قابل للتطبيق حاليا.
وقال هذا المسؤول الفرنسي في واشنطن «نعمل ليس فقط نحن ولكن الكثير من الدول تعمل على مسألة الحظر الجوي هذه ولكن من الواضح انه في الوقت الراهن من الصعب جدا تطبيقه».
وأضاف المسؤول الفرنسي الذي كان يتحدث بالانجليزية للصحافيين «نتحدث مع جميع شركائنا، الأتراك والأميركيين والبريطانيين وآخرين ولكن لم نتخذ قرارا سياسيا حتى الآن لإقامة منطقة حظر جوي في المستقبل القريب».
إلا ان مثل هذا المشروع يتطلب موافقة مجلس الأمن الدولي وهو أمر مستبعد نظرا الى معارضة روسيا والصين. وكان وزير الدفاع الفرنسي جان ايف لو دريبان اعتبر أثناء زيارة الى لبنان في 13 سبتمبر ان إقامة منطقة حظر جوي غير واقعية.