بعد أكثر من عامين من الوقوف على الهامش يعتزم الرئيس الأميركي باراك أوباما البدء في تسليح المعارضة السورية بعد أن مالت دفة الأمور في الآونة الأخيرة لصالح الحكومة وحليفها حزب الله.
وجاء قرار أوباما إرسال سلاح لمقاتلي المعارضة في وقت أعلن فيه البيت الأبيض أنه يمتلك أدلة على أن حكومة الرئيس بشار الأسد استخدمت أسلحة كيماوية ضد قوات المعارضة.
وأوضحت الحكومة الأميركية أنه بالرغم من تأكيدها أن الأسد تجاوز «خطا أحمر» رسمه أوباما فيما يتعلق باستخدام الأسلحة الكيماوية فإنها تعتزم أن تتحرك بحذر وبالتنسيق مع حلفائها فيما يتعلق بالخطوات التي يجب اتخاذها.
ومع حاجة مقاتلي المعارضة الماسة إلى السلاح بعد انتكاسات لحقت بهم على أرض المعركة مثل سقوط بلدة القصير الاستراتيجية قال بن رودس مساعد مستشار الأمن القومي الأميركي إن أوباما قرر زيادة الدعم العسكري للمعارضة من حيث «النطاق والحجم» على حد سواء.
وذكر مسؤول أميركي أن هذا سيشمل ارسال أسلحة إلى مقاتلي المعارضة. ويمثل هذا تحولا في السياسة التي تنتهجها الولايات المتحدة منذ فترة طويلة ضد تقديم مساعدات فتاكة للمعارضة السورية وهي السياسة التي كانت تهدف إلى عدم جر واشنطن إلى صراع آخر في الشرق الأوسط.
وجاء الاعلان الأميركي أمس الأول بعد سلسلة من الاجتماعات العاجلة عقدها البيت الأبيض بشأن سورية وسط تصاعد الضغوط في الداخل والخارج على أوباما كي يتحرك بقوة أكبر وشمل ذلك نقدا لاذعا من
الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون. وتردد أن الاجتماعات كشفت عن انقسامات بين مساعدي اوباما في هذا الأمر.
وكشف البيت الأبيض عما وصفه بأنه نتائج قاطعة بشأن أسلحة الأسد الكيماوية وقال إن مسؤولي المخابرات يعتقدون أن ما بين 100 و150 شخصا قتلوا في هجمات بالأسلحة الكيماوية.
وقال رودس للصحافيين «بعد مراجعة دقيقة وجدت اجهزة مخابراتنا ان نظام الاسد استخدم اسلحة كيماوية منها غاز الاعصاب سارين على نطاق صغير ضد المعارضة عدة مرات في العام الماضي.
وأكد أن الأدلة المتعلقة بالأسلحة الكيماوية دفعت أوباما للموافقة على تعزيز الدعم المقدم للمقاتلين. وتابع «سبق وأن قال إن استخدام الأسلحة الكيماوية سيغير حساباته.. وقد كان».
وجاء القرار الأميركي بينما يسدد مقاتلو الأسد وحزب الله أسلحتهم إلى الشمال ويقاتلون قرب مدينة حلب ويقصفون مدينة حمص.
في هذا الوقت، أعلن ديبلوماسيون غربيون في الأمم المتحدة امس أن الولايات المتحدة الأميركية تدرس مسألة فرض منطقة حظر جوي محدودة في سورية قرب الحدود مع الأردن.
ونقل راديو «سوا» الاميركي امس عن ديبلوماسيين غربيين اثنين خلال زيارتهما لتركيا قولهما إن «واشنطن تدرس فرض منطقة حظر جوي من أجل مساعدة معارضي بشار الأسد، مضيفين أن المنطقة ستكون محدودة في المكان والزمان».
الى ذلك، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لصحيفة إسرائيلية تصدرها حركة «حباد» اليهودية إنه لا ينبغي على إسرائيل أن تقلق من بقاء نظام الرئيس السوري بشار الأسد وأن البديل لهذا النظام هو الفوضى وحكم راديكالي متطرف.
ونقلــت صحيفــة «همودياع»، التي تصدر في القدس الغربية، امس عن بوتين قوله خلال زيارة لمتحف يهودي في موسكو أمس، إن «البديل لنظام الأسد هو الفوضى التي ستسود في المنطقة وهذا أمر ليس جيدا لإسرائيل ولا للعالم».
وأضاف بوتين، الذي قالت الصحيفة انه تحدث إلى موفدها إلى موسكو، أن «الأفضل لإسرائيل أن يكون لديها عنوان في الشمال من أن تسود حالة فوضى وانتقال الحكم إلى راديكاليين متطرفين».
وفي رده على سؤال حول قلق إسرائيل من تزويد روسيا صواريخ «اس-300» لسورية، قال بوتين إنه «لا مكان لقلق مواطني إسرائيل» حيال ذلك وانه مؤمن بأن «الاستقرار سيعود إلى الحدود الشمالية (لإسرائيل) وسيعود الوضع إلى ما كان عليه في الماضي».
وعبرت إسرائيل عن تخوفها من وصول صواريخ «اس 300» الروسية المتطورة المضادة للطائرات إلى سورية، وهدد رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي يعقوب عميدرور بأن إسرائيل ستضربها لدى وصولها إلى سورية وقبل أن تصبح فاعلة.
وفي إطار الموقف الروسي، أكد ميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية الروسي أن قرار مد المعارضة السورية بالأسلحة يشكل عاملا سلبيا يفشل الجهود الرامية لإيجاد تسوية سياسية سلمية في سورية.
وقال بوغدانوف في مقابلة خاصة مع قناة «روسيا اليوم» امس إن الجانب الروسي مستعد، كما اتفق من قبل مع الشركاء الأميركيين، على إجراء مشاورات في جنيف يوم 25 يونيو الجاري، لبحث التحضيرات لمؤتمر «جنيف-2» الدولي الخاص بسورية.
وأضاف الدبلوماسى الروسى أن الكثير سيتوقف على نتائج اللقاء المرتقب بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأميركي باراك أوباما على هامش قمة «الثمانية» التي ستنعقد في ايرلندا الشمالية يومي 28 و29 من الشهر الجاري.
بدوره، صرح المستشار الديبلوماسي في الكرملين يوري اوشاكوف امس ان اتهامات الولايات المتحدة لنظام الرئيس السوري بشار الاسد باستخدام اسلحة كيميائية «غير مقنعة».
وقال اوشاكوف «نقول ذلك بوضوح: ما قدمه الاميركيون يبدو لنا غير مقنع»، مؤكدا في الوقت نفسه ان قرارا أميركيا بزيادة المساعدة للمتمردين «سيعقد» جهود السلام.