عادت الأزمة السورية في شقها السياسي الى المربع الأول إثر اعلان مبعوث الأمم المتحدة ستافان ديمستورا تعليق مفاوضات «جنيف 3» حتى 25 فبراير الجاري. ودعا الدول الداعمة لسورية المعروفة بمجموعة الـ «17» الى اجتماع عاجل لإنقاذها، مؤكدا عزمه التوجه الى مجلس الأمن لاطلاعه على تطورات الملف.
ووسط مخاوف على مصير المفاوضات التي علقت قبل ان تبدأ، غادر وفد المعارضة السورية العاصمة السويسرية واعلن منسقها العام رياض حجاب أنه لن يعود قبل ان تنفذ بنود القرار الدولي 2254 المتعلقة بوقف اطلاق النار وفك الحصار وإطلاق سراح المعتقلين.
وبعد هذا الانهيار «المؤقت» لـ «الأمل الأخير» كما وصفه المبعوث الدولي، تبحث المعارضة السورية، خياراتها المقبلة للتعامل مع التطورات الميدانية والسياسية.
وأكد حجاب، خلال مؤتمر صحافي عقب الإعلان عن تعليق المفاوضات، أن الخيارات متاحة لدى المعارضة، على الرغم من التقدم للنظام في بعض المناطق، مقللا من أهمية ذلك.
وحول خطة المرحلة المقبلة، قال المتحدث باسم الهيئة العليا للمفاوضات سالم المسلط: إن اجتماعا ستعقده المعارضة خلال 10 أيام، إما في الرياض أو في إسطنبول، من أجل تقييم الخطوات الواجب تنفيذها.
وأضاف مسلط في حديث للأناضول، أن «الهيئة لاتزال عند مطالبها الإنسانية وفق القرار الأممي، ويجب تنفيذ ذلك، وفي حال اتخذت خطوات من هذا القبيل، فإن المعارضة مستعدة للقدوم مجددا الى جنيف».
وفور اعلان تأجيل الاجتماعات، انطلقت الجهود الديبلوماسية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، حيث اتفق وزيرا الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيره الأميركي جون كيري على بذل الجهود المطلوبة من أجل تقليص مدة تعليقها.
وعبر لافروف خلال مكالمة هاتفية مع نظيره الأميركي جاءت بطلب من واشنطن، عن قلقه بشأن طرح بعض ممثلي المعارضة السورية ما وصفه بـ «الشروط المسبقة غير المقبولة لإطلاق عملية مفاوضات مستديمة مع الحكومة السورية».
واتفق الوزيران على تنسيق الخطوات المحتملة من أجل إيصال المساعدات الإنسانية إلى المناطق المذكورة جوا باستخدام طائرات شحن عسكرية.
وأضاف البيان أن الجانبين أكدا الاتفاق على عقد اجتماع وزاري لمجموعة دعم سورية في ميونيخ 11 فبراير.
غير ان كيري اتهم النظام السوري وحليفته روسيا بالسعي الى «حل عسكري» للنزاع في سورية، مشيرا الى التقدم الذي حققه النظام بدعم بري من ميليشات افغانية وإيرانية ومن حزب الله، وغطاء جوي غير مسبوق من سلاح الجو الروسي.
وقال كيري في بيان صدر عن الوزارة في واشنطن ان «مواصلة الهجوم الذي تشنه قوات النظام السوري -مدعومة بالغارات الروسية- على مناطق تسيطر عليها المعارضة.. اظهرت بوضوح الرغبة بالسعي الى حل عسكري بدلا من اتاحة المجال امام التوصل الى حل سياسي».
وأضاف «ندعو النظام السوري وداعميه الى وقف قصفهم للمناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة ولا سيما حلب».
كما حض الوزير الاميركي كلا من النظام السوري وروسيا على «الوفاء بالتزاماتهما وإعادة الثقة الى المجتمع الدولي بانهما يرغبان في التوصل الى حل سلمي للازمة السورية».
ونقلت رويترز عن مسؤول بارز بالأمم المتحدة رفض الكشف عن اسمه أن ديمستورا علق المحادثات بسبب التصعيد العسكري الروسي الذي يهدف إلى «إذلال» المعارضة.
وقال المسؤول «أعتقد أن المبعوث الخاص قرر تعليق المحادثات لأن المنظمة الدولية لا تريد أن يربط بينها وبين التصعيد الروسي في سورية الذي يثير مخاطر بتقويض المحادثات برمتها».
ميدانيا، قتل 21 مدنيا على الأقل أمس جراء ضربات نفذتها طائرات روسية على احياء تحت سيطرة الفصائل المعارضة في مدينة حلب، وفق ما افاد المرصد السوري لحقوق الانسان.
وقال مدير المرصد رامي عبدالرحمن لوكالة فرانس برس «قتل 21 مدنيا بينهم ثلاثة اطفال جراء ضربات روسية استهدفت ستة احياء» تحت سيطرة المعارضة، مضيفا ان «جثث اربعة من القتلى على الاقل متفحمة»، والحصيلة مرشحة للارتفاع لوجود جرحى «في حالات خطرة».
من جهة أخرى، احتفل النظام والميليشيات الموالية له بدخول مدينتي نبل والزهراء اللتين تمكن من فك الحصار عنهما أمس الأول بعد 3 سنوات، فيما نزح عشرات الآلاف من سكان ريف حلب الشمالي باتجاه الحدود التركية تحت ضغط القصف الجوي السوري المركز، حيث اعلنت موسكو انها قصفت 900 هدف سوريا في 3 ايام.
وقال رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو: إن ما بين 60 و70 ألف سوري يتحركون باتجاه الحدود مع تركيا قادمين من حلب بسبب اشتداد القصف الجوي.
وأضاف من لندن «ان عشرات الآلاف من اللاجئين الجدد ينتظرون أمام بوابة كلس بسبب القصف الجوي والهجمات على حلب».
وتابع «عقلي ليس في لندن الآن لكن على حدودنا.. كيف سنسكن هؤلاء القادمين الجدد من سورية؟».
وتابع 300 ألف شخص يعيشون في حلب متأهبون للتحرك نحو تركيا.