أشار التقييم العسكري داخل الجيش الإسرائيلي والمخابرات إلى أن «وضع إسرائيل العسكري والاستراتيجي اليوم أفضل من أي وقت في التاريخ»، وأن هذا الوضع جعل ألد أعداء إسرائيل يغيرون في تكتيكاتهم، وجاء في هذا التقييم، الذي جرى إطلاع المراسلين العسكريين عليه، أن «حالة إسرائيل الأمنية، مع بداية السنة العبرية الجديدة، تشير إلى أن وضع الدولة الاستراتيجي يتحسن على مدار السنوات، والهدوء يسود الحدود، رغم بعض الخروقات الفردية، وإلى جانب ذلك، يتضح أن عامل الردع يجني ثماره جيدا على جميع الساحات، بل إنه يلزم اثنين من ألد أعداء إسرائيل على تغيير نظرياتهما العسكرية، فقد جرى تشخيص تطورين مهمين في هذا السياق، خلال العام الماضي، لدى حزب الله وحركة حماس». وعلى العكس من التقارير الإعلامية والحكومية الإسرائيلية التي تثير الرعب، فإن «الإيرانيين لا يقتربون من الحدود الإسرائيلية في هضبة الجولان.
وفي منطقة المثلث الحدودي بين إسرائيل والأردن وسورية، هناك قوات منتشرة على مسافة تبلغ نحو ١٠ كيلو مترات، قوامها يقارب ٣٠٠ من مقاتلي حزب الله، ممن يشاركون في الحرب إلى جانب الجيش السوري ضد المعارضة، وبخلاف ما ينشر، فإن إيران لا تزال بعيدة عن هدفها في إنشاء مطار وميناء عسكريين في سورية، صحيح أنها تسعى لتحقيق الأمر، لكنها لا تزال بعيدة حقا عن تطبيق رؤيتها على أرض الواقع».
وتقول التقديرات الإسرائيلية: «يفترض تنظيم حزب الله اللبناني أن تفوقه النسبي ومصلحته العسكرية كامنان في إطالة أمد المعركة المقبلة إلى الحد الأقصى، لقد ارتكزت هذه النظرية على الافتراض القائل بأن مخزون الصواريخ الهائل لدى الحزب، سيتسبب في خسائر موجعة في الجبهة الداخلية الإسرائيلية، وسيؤدي إلى تحطيم معنويات المجتمع الإسرائيلي، وإلى جانب ذلك، فإن الخبرة العسكرية الكبيرة التي حازها التنظيم أثناء مشاركته في الحرب الدائرة في سورية، ستتيح له تركيع الجيش الإسرائيلي، والتسبب في ضحايا كثيرين في صفوفه على أرض لبنان، لقد بنيت هذه الرؤية العسكرية، بالاستناد إلى تجربة حرب لبنان الثانية التي استمرت ٣٣ يوما.
بالإمكان أيضا أن نقدر أن مصممي النظرية العسكرية في حزب الله، قد توصلوا، منذ ذلك الحين، إلى استنتاج مفاده أنه من المفضل، بالنسبة لهم، أن يسعوا إلى حرب خاطفة.
إنهم يفهمون ويدركون أن القدرات الاستخباراتية الإسرائيلية، مدموجة مع القوة النارية الهائلة التي تملكها إسرائيل، ستتسبب للبنان، بشكل عام، وللتنظيم الشيعي، على وجه الخصوص (وإسرائيل تنظر إليهما معا على أنهما جهة واحدة)، بأضرار وخسائر غير مسبوقة.
بناء عليه، فإن هذا التنظيم يفضل الآن خوض حرب قصيرة، فيها (أبواب خروج) تتيح لهم استعراض إنجازات عسكرية (على غرار احتلال بلدة في الجليل أو إطلاق آلاف الصواريخ والمقذوفات)، إلى جانب الإنجازات المعنوية»، وبحسب التقديرات الإسرائيلية، فلا مصلحة لحزب الله في نشوب حرب، وإلى جانب ذلك، فإن جيش إسرائيل هو الآخر، يسعى إلى معركة قصيرة».
ويتطرق التقييم إلى مدى آخر يحصل في قطاع غزة، فيقول: «لقد قامت حماس بتقليص عملية تحويل الأموال من ميزانيتها العامة باتجاه ذراعها العسكرية، وقد انخفضت الأموال المحولة للذراع العسكرية من ٢٠٠ مليون دولار في عام ٢٠١٤ إلى ٥٠ مليون دولار في عام ٢٠١٧، وتشير التقديرات إلى أن حماس تقوم، هي الأخرى، بتغيير نظريتها العسكرية، فهي تقوم ببناء تحصينات تحت أرضية بشكل أكبر، إلى جانب الأنفاق داخل غزة، لأهداف دفاعية، ويشير أيضا إلى أن حماس غير معنية الآن بجولة جديدة من القتال. وبنظرة شاملة، بالإمكان التلخيص والقول إن الوضع الاستراتيجي الإسرائيلي يتحسن مع مرور الوقت، يسود الهدوء جميع الجبهات، وهناك عدد قليل من الخروقات، لقد استمر الهدوء على الجبهة السورية مدة ٤٣ عاما، وتمكن من الصمود على مدار ٦ أعوام ونصف العام من الحرب.