العلاقات الروسية ـ الكردية كانت جيدة، بل ممتازة، لكنها انتكست جراء تراكم الأحداث، لاسيما المعارك التي حصلت بين الجيش السوري من جهة، ووحدات الحماية التي تهيمن على «قسد» من جهة ثانية في مدينة الحسكة العام الماضي.
هذه الانتكاسة تم تجاوزها بعد زيارة سيبان حمو، القائد العام للوحدات الى موسكو قبل حوالي شهرين، لكن العلاقات لم تعد بعد الى حالة الدفء التي كانت عليها بل عادت للتدهور في الاسابيع الاخيرة.
ورغم أن موسكو، حسب بيانات القناة المركزية لقاعدة حميميم، تعتبر نفسها غير معنية بالتصريحات الإيرانية حول التقدم نحو الرقة، إلا أن القناة ذاتها تحدثت عن أن الحل العسكري ضد مناطق الأكراد قد يكون هو الحل الوحيد المتاح أمام النظام.
كما صرح زياد سبسبي، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الروسي بأن «روسيا ستلتزم الحياد في حال هاجمت قوات النظام السوري «قوات سوريا الديمقراطية» ووحدات حماية الشعب».
وقد تكون الإشارة الأهم تتمثل في القرار الروسي الذي قضى بتأجيل مؤتمر سوتشي للحوار السوري بعد الاعتراض التركي على مشاركة «حزب الاتحاد الديموقراطي»، وتم بموجبه تعديل وثيقة المؤتمر لتتحدث عن ممثلين عن سكان شمال وشرق سورية.
الإشارات الروسية المتناقضة هي وسائل ضغط تمارسها موسكو على القيادات الكردية لدفعها الى حسم خيارها والابتعاد عن الرهان على الحصان الأميركي.
اللعب الكردي على الحبلين الروسي والأميركي بما يناسب الأجندة الكردية، لم يكن خافيا لأحد، وسط تنامي حالة من الجدل في الأوساط الكردية حول الخيارات الاستراتيجية وطبيعة التحالفات التي يمكن أن تحمي هذه الخيارات، مع التشديد على أن حالة الازدواجية بين روسيا وأميركا لا يمكن أن تستمر، لأن المعادلات التي ستحكم مرحلة ما بعد «داعش» ستكون مختلفة عن المعادلات التي قامت في زمن محاربته.
والحال، ان حققت مكاسب كبيرة من الحرب السورية، إذ باتت تسيطر عمليا على جميع المدن والمناطق الواقعة شرق نهر الفرات، كما أصبحت تسيطر على ثروة نفطية هائلة تضم عشرات حقول النفط والغاز، وأهمها «كونيكو» و«العمر»، بالإضافة الى أكبر السدود المائية على نهر الفرات ومحطات توليد الطاقة الكهربائية.
وفي خرق لخط «منع التصادم» المفترض بين الولايات المتحدة وروسيا، وتجاهل للخط الأحمر التركي، فإن هذه القوات تسيطر أيضا على مناطق تقع غرب نهر الفرات، مثل مدينة الطبقة ومنبج وعلى شريط من القرى والبلدات في ريف حلب الشمالي (منغ وتل رفعت ودير جمال وغيرها).
ولكن جرح كركوك مازال طريا، والتخطي الأميركي كان فاقعا لدرجة لا يمكن التعامي عنه أو مجرد الإحساس بالقلق بل الخوف من أن يتكرر في منبج أو عفرين أو مناطق أخرى.