حققت قوات النظام السوري تقدما محدودا على حساب فصائل المعارضة في محافظة درعا، بعد أيام من تصعيد هجومه بدعم روسي تعترف به موسكو لأول مرة منذ بدء الحديث عن عملية النظام العسكرية في منطقة اتفاق «خفض التصعيد». ويكتنف الغموض موقف واشنطن الضامنة للاتفاق مع روسيا والأردن، والتي اكتفت حتى الآن بالدعوة إلى وقف التصعيد بعد تهديدها النظام بدفع ثمن باهظ لاختراقه.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن قوات النظام «حققت أول تقدم لها في المنطقة بسيطرتها على قريتي البستان والشومرية في ريف درعا الشرقي».
ومن جهتها، أوردت وكالة الأنباء السورية (سانا) أن «وحدات من الجيش خاضت اشتباكات عنيفة في منطقة اللجاة، كما «وحققت تقدما على هذا المحور».
وأفاد المرصد عن «تصعيد مستمر للقصف والاشتباكات في ريف درعا الشرقي والشمالي الشرقي»، وقد استهدف القصف الجوي والمدفعي قرى وبلدات عدة.
وأسفرت التصعيد وفق حصيلة للمرصد، عن مقتل ثمانية عناصر على الأقل من قوات النظام والمسلحين الموالين لها وإصابة 20 آخرين بجروح. كما قتل في المقابل عشرة مقاتلين على الأقل من الفصائل المعارضة.
وذكر «الإعلام الحربي المركزي» التابع للنظام أن قواته سيطرت على قرى الشومرية والمدورة والعلالي وبرغشة والشياحات، وسط مواجهات عنيفة.
ولم ينف قائد فصيل «جيش أحرار العشائر»، راكان الخضير، تقدم قوات النظام على القرى المذكورة، لكنه قال إن اشتباكات عنيفة تدور فيها، وتحاول الفصائل استعادة ما خسرته.
وأضاف بحسب ما نقل عنه موقع «عنب بلدي» أن طول خط عمليات النظام يبلغ 40 كيلومترا من قرى سكاكا جنوبا إلى الشومرية في الشمال.
وتسبب القصف بنزوح أكثر من 3 آلاف عائلة من قرى وبلدات ريف درعا الشرقي.
وأورد «عنب بلدي» إحصائية رصدت نزوح العائلات من بلدات معربة، غصم، خربا، المسيفرة، أم المياذن، الطيبة، صيدا، السهوة، نصيب، الجيزة، الغارية الشرقية، والمتاعية.
وأوضح رئيس المجلس المحلي في تل شهاب، يوسف محمود الحشيش، أن مناطق الريف الشرقي لدرعا تشهد نزوحا كبيرا جراء القصف المستمر حتى اليوم، ويقصد الأهالي المناطق الأقل قصفا في الريف الغربي.
وقال «لعنب بلدي» إن قسما من النازحين قصدوا المدارس وبعض بيوت المدنيين، والقسم الأكبر منهم لايزال في العراء تحت الأشجار يطالبون بخيم للإيواء، دون أن يتلقوا أي مساعدة من قبل المنظمات.
وقال «مركز الدفاع المدني» في منطقة اللجاة، إن عشرة آلاف مدني نزحوا منها في الأيام الأربعة الماضية، وثمانية آلاف مدني من مدينة بصر الحرير، إلى جانب 12 ألف مدني من بلدة ناحتة. سياسيا، أعلنت روسيا أن النظام والميليشيات المساندة له بدأت العملية العسكرية في الجنوب بدعم منها.
وقال السفير الروسي في بيروت، ألكسندر زاسبيكين لصحيفة الأخبار اللبنانية، إن جيش النظام بدأ «بدعم من القوات الروسية باستعادة أراضيه في الجنوب»، معتبرا أنه «لا يوجد أي مبرر لإسرائيل للقيام بأي عمل من شأنه تعطيل مكافحة الإرهاب».
وأضاف زاسبيكين: «عندما بدأ البحث في مناطق تخفيف التوتر، جرى العمل مع كل الأطراف في الدول المحيطة لمكافحة الإرهاب وضمان مصالح الدول ومنع الخطر عنها، وإسرائيل تخاف من وجود حزب الله وإيران في الجنوب». وأضاف المسؤول الروسي: «لا نرى أن هناك حربا ستحدث بين إيران أو حزب الله وإسرائيل، لأنه ليس من مصلحة أحد اندلاع حرب، هناك توازن ردع قائم». ويشكل تصعيد النظام في الجنوب تطورا يثير قلق الأردن خوفا من موجة نزوح جديدة، حيث أكد وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي أن بلاده تقوم باتصالات مكثفة، من أجل الحفاظ على اتفاق «خفض التصعيد» في الجنوب السوري.
وأضاف في تغريدة على تويتر: «يجري الأردن اتصالات مكثفة مع شريكيه في اتفاق خفض التصعيد في الجنوب السوري الولايات المتحدة الأميركية وروسيا، بهدف الحفاظ على الاتفاق ووقف إطلاق النار الذي تم بموجبه».
وقال: «نتابع التطورات الميدانية، ونؤكد ضرورة احترام الاتفاق، ونعمل للحيلولة دون تفجر العنف، وحدودنا ومصالحنا محمية».
وكانت الأمم المتحدة دعت إلى وقف فوري للتصعيد في الجنوب وحماية المدنيين. وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك إن «نزوح آلاف المدنيين باتجاه الأردن، يشكل خطرا على الأمن الإقليمي». وأضاف ان «الأمين العام انطونيو غوتيريس، يشعر بقلق بالغ جراء التصعيد العسكري الأخير في جنوب سورية». من جهتها، حذرت المندوبة الأميركية في الأمم المتحدة، نيكي هيلي، روسيا من أي تصعيد جديد في سورية، ودعتها «لممارسة نفوذها لوضع حد للانتهاكات» التي يرتكبها النظام السوري، بحسب تعبيرها.
وأضافت هيلي: «نتوقع أن تقوم روسيا بدورها في تنفيذ وضمان اتفاق «تخفيف التوتر» الذي أسهمت في وضعه».
وكان الاتحاد الأوروبي حذر أمس الأول من كارثة إنسانية في الجنوب، وندد بالهجوم الذي تشنه قوات النظام على محافظة درعا، داعيا «حلفاء دمشق» إلى وقف الهجوم.