تراجع الرئيس الأميركي دونالد ترامب «نصف تراجع» عن قراره بسحب القوات الاميركية من سورية وأعلن عزمه الإبقاء على نحو 400 من الجنود الاميركيين الـ «2000» الموجودين في سورية، على أن يبقى نحو نصفهم في قاعدة التنف قرب المنطقة الحدودية بين سورية والعراق والأردن، والنصف الآخر في الشمال، على أمل إقناع الأوروبيين المتحفظين، بالمشاركة في قوة مراقبة تضم ألف رجل لحماية المنطقة الآمنة وحماية الحلفاء الأكراد.
لكن ترامب لم يعتبر قراره الجديد تراجعا، علما أنه أعلن في ديسمبر عن العودة «الفورية» لنحو ألفي جندي أميركي منتشرون في سورية.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض سارة ساندرز بعد اتصال هاتفي بين ترامب والرئيس التركي رجب طيب أردوغان «ستبقى في سورية لفترة زمنية مجموعة صغيرة من حوالي 200 جندي لحفظ السلام». وفي تصريحات لشبكة «فوكس نيوز»، رحب السيناتور الأميركي ليندسي غراهام الذي يعارض علنا الانسحاب الأميركي، بقرار الرئيس الأميركي معتبرا أنه «تصحيح لسياسته».
وقال غراهام الذي دافع عن فكرة إبقاء جنود في سورية في الأيام الأخيرة وخصوصا في مؤتمر الأمن في ميونيخ: «إنها خطة جيدة جدا». وأضاف ان «هؤلاء الجنود الـ 200 سيجذبون على الأرجح ألف أوروبي».
من جهته، عبر رئيس الأركان الأميركي الجنرال جو دانفورد عن قناعته بأن الأوروبيين يمكن أن يشاركوا في هذه القوة بعدما وافقت الولايات المتحدة على إبقاء بعض العسكريين.
ويبدو أن الهدف من هذه الخطوة مزدوج وهو مواصلة جهود مكافحة الإرهاب لمنع عودة تنظيم داعش الذي انتقل إلى العمل السري، وكذلك عدم التخلي عن قوات سوريا الديموقراطية «قسد» الخاضعة للأكراد والتي تسيطر على المناطق المفترض ان تشملها المنطقة الآمنة في شمال شرق سورية، وهو ما يضعها في مواجهة مباشرة مع تركيا.
وقال غراهام: «نحتاج إلى منطقة عازلة بين تركيا وقسد». وأضاف: «لا نريد إنهاء حرب لنبدأ أخرى».
من ناحيته، أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، عزم تركيا على إقامة المنطقة الآمنة شمال شرقي سورية، سواء لمست تعاونا من حلفائها أم لا، في إشارة الى واشنطن.
خلال كلمته أمام حشد جماهيري بولاية قهرمان مرعش أمس. وقال أردوغان: «نتمنى إنشاء المنطقة الآمنة بالتعاون مع حلفائنا، لكن في حال لم يتم توفير مثل هذه التسهيلات لنا، فإننا مصممون على إقامتها بإمكاناتنا الخاصة مهما كانت الأحوال والظروف».
وشدد على أن المنطقة الآمنة «مهمة جدا»، قائلا: «نريد تسريع عودة السوريين إلى ديارهم».
وأضاف أردوغان: أشقاؤنا السوريون مشتاقون إلى ديارهم ووطنهم، لذلك يريدون العودة في أقرب وقت.
وأوضح ان المناطق الوحيدة التي عاد إليها اللاجئون السوريون هي تلك التي جعلتها تركيا مناطق آمنة، مثل عفرين وجرابلس وإدلب.
وأشار أردوغان أن تلك المناطق الآمنة رجع إليها 311 ألفا من أشقائنا السوريين.
ولفت إلى أن نصف مليون سوري على الأقل ينتظرون أن تحقق تركيا الأمن في منطقة منبج من أجل العودة إليها.
من جهة أخرى، وخلال استقباله وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، أكد وزير الدفاع الأميركي بالوكالة باتريك شاناهان أن مهمة العسكريين الأميركيين في سورية لم تتغير.
وقال شاناهان إن: «الانتقال الذي نعمل عليه هو إحلال الاستقرار وتحسين قدرات قوات الأمن المحلية». وأضاف: «سنفعل ذلك بصفتنا شركاء استراتيجيين».
وحرص نظيره التركي على التأكيد ان أنقرة ليس لديها شيء ضد السكان الأكراد في سورية. وقال إن: «ما نقاتله هو المنظمات الإرهابية»، في إشارة إلى وحدات حماية الشعب الكردية التي تسيطر على قسد.
وأشار أنه شدد على ضرورة عدم ترك فراغ في السلطة أثناء انسحاب القوات الأميركية، بأي شكل من الأشكال.
وعلى صعيد آخر، أعلن أكار موافقة الجانب الأميركي على الحيلولة دون تأخير تنفيذ «خارطة الطريق» المتعلقة بمدينة منبج، واستكمالها في أقرب وقت.
وأضاف أكار: «رأينا أن الجانب الأميركي ينظر بإيجابية أيضا حيال إجراءاتنا في هذه المسألة».
وقال إن الأميركيين «وافقوا على عدم تأخير خارطة طريق منبج، واستكمالها في أقرب وقت، وقالوا إنهم سيدرسون هذا الأمر».