تتفاقم أزمة المشتقات النفطية في سورية بشكل لم يسبق له مثيل حتى خلال سنوات الحرب الثمانية.
أحدث فصول هذه الأزمة النقص الحاد في مادة البنزين الذي تعاني مناطق سيطرة الحكومة السورية ما دفعها إلى تخفيض الكميات المخصصة للسيارات الحكومية والخاصة.
فقد قررت وزارة النفط السورية أمس تحديد كمية البنزين الموزعة، وقالت الوزارة، في بيان نقلته وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) انه «كإجراء مؤقت بهدف توزيع البنزين بعدالة على جميع أصحاب الآليات تم تحديد المخصصات التالية، السيارات الخاصة على اختلاف أنواعها 20 ليترا خلال خمسة أيام، والدراجات النارية على اختلاف أنواعها ثلاثة ليترات خلال خمسة أيام، وسيارات التاكسي العمومية 20 ليترا كل 48 ساعة.
وكانت الحكومة السورية أقرت اول من امس خلال اجتماعها تخفيض كمية البنزين المخصصة للسيارات الحكومية بنسبة 50% حيث تراوح الكمية المخصصة للسيارات الحكومية بين 90 و150 ليترا شهريا.
وعقب اجتماعه اول من امس قرر مجلس الوزراء السوري إلى جانب خفض البنزين المخصص للآليات الحكومية، وضع محطات وقود متنقلة وتشغيل المحطات المتوقفة بإشراف مباشر من وزارة النفط ووضع إجراءات جديدة لضبط توزيع مخصصات محطات الوقود مع مراعاة الكثافة السكانية في كل منطقة بما يحقق العدالة والحد من أي هدر أو تهريب أو احتكار، بحسبما اوردت وكالة الانباء الرسمية (سانا).
وتشهد محطات توزيع البنزين أزمة خانقة في دمشق منذ بداية الشهر الجاري ولكن تفاقمت خلال الأيام القليلة الماضية، حيث تشهد محطات الوقود طوابير طويلة تصل إلى مئات الامتار من السيارات، ويضطر سائقو السيارات للوقوف يوما كاملا احيانا على أمل الحصول على كمية 20 ليترا من البنزين.
وكشف مصدر في وزارة النفط السورية عن وصول دفعة من الشاحنات التي تحمل البنزين إلى العاصمة دمشق.
وقال المسؤول، الذي رفض ذكر اسمه لـ «د.ب.أ»: «نأمل أن تحل أزمة البنزين جزئيا خلال الأيام القادمة ولكن في العموم ستحل بشكل كامل على الأبعد بداية الاسبوع القادم».
وعزا المسؤول السوري السبب في هذه الأزمة إلى «العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الدول الغربية على الحكومة السورية وحصارها ومنع المواد النفطية بالوصول إلى الموانئ السورية».
في حين أرجع مدير المحروقات سادكوب، مصطفى حصوية، سبب الأزمة إلى توقف وصول ناقلات النفط من إيران.
وقال حصوية في مقابلة مع قناة الإخبارية السورية السبت الماضي، إن الخط الائتماني الإيراني، الموقع مع الحكومة لتوريد النفط الخام من إيران إلى سورية، متوقف منذ 20 أكتوبر الماضي. ويعمد مواطنون إلى دفع سياراتهم يدويا لإيصالها إلى محطة الوقود بدلا من تشغيلها، لتوفير ما أمكنهم من بنزين، بينما بدت شوارع عدة أمس خالية من الحركة الاعتيادية وتكدست حاويات النفايات لعدم تمكن شاحنات القمامة من جمعها. وبعد أشهر من نقص حاد خصوصا في أسطوانات الغاز ثم المازوت، توسعت الأزمة مؤخرا لتطاول البنزين. ويعد قرار وزارة النفط والثروة المعدنية الثالث في عشرة أيام، إذ خفضت الكمية اليومية المسموح بها للسيارات الخاصة من 40 إلى 20 ليترا قبل عشرة أيام ثم باتت 20 ليترا كل يومين.
ويأتي هذا القرار غداة إعلان الحكومة إجراءات تقشف جديدة لمواجهة الأزمة، مؤكدة في الوقت ذاته أن العمل جار لحل الأزمة.
واضطر قصي وهو سائق سيارة أجرة إلى النوم في سيارته ليل أمس الأول في منطقة المزة، بانتظار أن يحين دوره في طابور توقف أمام محطة الوقود.
وقال الشاب في الثلاثينيات من العمر لوكالة فرانس برس: «وصلت إلى دور متقدم بعد منتصف الليل وبقي أمامي أقل من عشرين سيارة، لكن البنزين نفد من المحطة، وانتظرت حتى الصباح على أمل أن أحصل على عشرين ليترا». وبعد انتظار لأربع ساعات أمام محطة للوقود، استسلم أحمد الحموي (45 عاما) وعاد أدراجه. وقال المخرج الإذاعي لفرانس برس: «سأحاول أن أنسى سيارتي خلال الأيام المقبلة، وسأذهب إلى عملي سيرا».