فتحت المعارك في محيط مدينة خان شيخون بريف إدلب باب المواجهة المباشرة بين أنقرة ودمشق، وغير المباشرة بين الحليفين تركيا وروسيا ضامني اتفاق «خفض التصعيد» الذي لم يعد له من اسمه سوى «التصعيد» المستمر منذ اربعة اشهر، تاريخ بدء الهجوم الواسع للجيش السوري بدعم روسي مفتوح على محافظة ادلب وما حولها.
فقد قصفت طائرات النظام رتلا عسكريا تركيا كان في طريقه الى المنطقة، بحسب مصادر في المعارضة والموالاة.
وكان الرتل مؤلفا من عشرات الآليات، بينها دبابات وعربات وشاحنات تحمل ذخيرة، ويعتبر أكبر رتل تركي يدخل المنطقة منذ إنشاء تركيا لـ 12 نقطة مراقبة في الشمال، بناء على اتفاق أستانة في سبتمبر 2018.
وفي أثناء توجه الرتل برفقة فصيل «فيلق الشام» المنضوي ضمن «الجبهة الوطنية للتحرير»، تعرض إلى قصف بطيران حربي رشاش تابع للنظام السوري.
واستهدف الطيران سيارات «فيلق الشام» التي كانت بانتظار الأتراك، ما أدى إلى مقتل عنصر من «الفيلق» وثلاث إصابات.
ونقلت الوكالة السورية للأنباء (سانا) عن مصدر في وزارة الخارجية إدانته دخول الرتل التركي، وقال ان الآليات التركية المحملة بالذخائر لن تؤثر في «عزيمة وإصرار الجيش العربي السوري على الاستمرار في مطاردة فلول الإرهابيين».
ووصفت دخول الرتل العسكري التركي بأنه «سلوك عدواني»، وقالت إنه دخل لمساعدة مقاتلي المعارضة في بلدة خان شيخون التي تشهد هجوما مكثفا من قوات الجيش المدعوم من روسيا منذ اسابيع.
من جهتها، أكدت وزارة الدفاع التركية تعرض الرتل العسكري، لهجوم بينما كان في طريقه لأحد مواقع المراقبة المتفق عليها مع روسيا، مضيفة أن ثلاثة مدنيين قتلوا وأصيب 12 آخرون في الضربة الجوية.
وأدانت الوزارة «بشدة» الهجوم، واعتبرت الغارة انتهاكا للاتفاقات مع روسيا، ما يشير الى الخلاف المستفحل بين الحليفين حول هذا الملف.
وقالت الوزارة في بيان «على الرغم من التحذيرات المتكررة التي وجهناها إلى سلطات روسيا الاتحادية، تستمر العمليات العسكرية التي تقوم بها قوات النظام في منطقة إدلب في انتهاك للمذكرات والاتفاقات القائمة مع روسيا».
وألقت تركيا مسؤولية الهجوم على «قوات النظام».
لكن المرصد السوري لحقوق الإنسان أفاد عن استهداف طائرة روسية شاحنة صغيرة تابعة للفصائل المعارضة كانت تستطلع الطريق أمام الرتل التركي عند الأطراف الشمالية لمعرة النعمان.
وتوقف الرتل لوقت قصير قبل أن يكمل طريقه، وفق مراسل «فرانس برس»، إلى وسط المدينة.
ولدى وصوله إلى وسط معرة النعمان، نفذت طائرات سورية وأخرى روسية ضربات على أطراف المدينة، «في محاولة لمنع الرتل من التقدم»، وفق ما قال مدير المرصد رامي عبدالرحمن لـ «فرانس برس».
وقالت الوكالة ان الرتل كان مؤلفا من قرابة خمسين آلية من مصفحات وناقلات جند وعربات لوجستية بالإضافة إلى خمس دبابات على الأقل.
ونقلت شبكة «شام» عن مصادر عسكرية وصفتها بـ «مطلعة»، عن تحرك تركي حاسم لوقف تمدد النظام وروسيا بريف إدلب الجنوبي، كرد على الخرق الحاصل للاتفاق بين «روسيا وتركيا» بما يتعلق بمنطقة خفض التصعيد بإدلب.
وأكدت المصادر لشبكة «شام» أن هناك قرارا تركيا واضحا بمواجهة الخروقات ووقف تمدد النظام، بعد فشل كل المباحثات مع الجانب الروسي بهذا الشأن خلال الأيام الماضية، وإصرار روسيا على الوصول للأوتستراد الدولي والسيطرة على مدينة خان شيخون.
ويرجح الباحث في مركز عمران للدراسات، ومقره اسطنبول، نوار أوليفر لـ «فرانس برس» أن تكون التطورات الميدانية الأخيرة في خان شيخون مرتبطة «بخلاف» بين عرابي الاتفاق.
ويرى أن إرسال تركيا تعزيزات عسكرية ينطلق من «عدم استعدادها لأن يتم تهديد أمن عسكرييها أو يصبح مصيرهم تحت رحمة النظام وروسيا» ويوحي بوجود «قرار تركي بحماية خان شيخون»، اذ ان سيطرة قوات حكومة دمشق على خان شيخون، ستؤدي إلى حصار ريف حماة الشمالي المجاور حيث توجد أكبر نقاط المراقبة التركية في بلدة مورك.
وجاء دخول التعزيزات التركية، غداة تصاعد الاشتباكات والمعارك وسط قصف جوي هو الأعنف، على محاور خان شيخون، في محاولة للنظام التقدم على المحور الشمالي الغربي من المدينة.
وأفادت «فرانس برس» عن قصف عنيف بالطائرات الحربية والراجمات ورشاشات المروحيات يستهدف الطريق الدولي شمال خان شيخون.
وقال العقيد مصطفى بكور من فصيل جيش العزة المعارض إن المعارك استعرت على مشارف البلدة، وأضاف أن مقاتلين وصلوا لتعزيز خط الجبهة وأن بعضهم من الجيش الوطني المعارض المدعوم من تركيا.
بدوره، اتهم ناجي مصطفى، الناطق باسم فصائل «الجبهة الوطنية للتحرير» في تصريحات لوكالة «فرانس برس» عبر الهاتف، روسيا، باتباع «سياسة الأرض المحروقة من أجل السيطرة على خان شيخون وريف حماة الشمالي» عبر استخدام «ترسانتها من الطائرات الحربية والمدفعية والقذائف».
وأشار إلى معارك عنيفة تدور عند تلة تل ترعي الاستراتيجية شرق خان شيخون التي استعادتها قوات المعارضة وتحاول قوات النظام السيطرة عليها تحت «الكثافة النارية الروسية» من أجل التقدم باتجاه خان شيخون.