انتهت القمة الماراثونية التي جمعت الرئيسين التركي رجب طيب اردوغان والروسي فلاديمير بوتين وامتدت الى ست ساعات وبحثت التطورات في شمال سورية، باتفاق وصفه اردوغان بـ«التاريخي» ضمن انسحاب المسلحين الاكراد الذين يسيطرون على قوات سوريا الديموقراطية «قسد» الى عمق 30 كيلومترا، مع تمديد المهلة التي انتهت مساء أمس، لمدة 150 ساعة اضافية.
وقال اردوغان في مؤتمر صحافي مع نظيره الاميركي بختام القمة التي انعقدت في مدينة سوتشي، «اليوم توصلنا مع بوتين الى اتفاق تاريخي حول مكافحة الإرهاب، وحول الحفاظ على سلامة الاراضي السورية والوحدة السياسية لسورية، وعلى عودة اللاجئين».
وأعلن أن القوات التركية - الروسية ستقومان بدوريات مشتركة في شمال سورية في نطاق عشرة كيلومترات من الحدود، مضيفا أن أنقرة ستعمل أيضا مع موسكو من أجل تأمين عودة اللاجئين السوريين الموجودين حاليا في تركيا.
بدوره، دعا بوتين إلى إجراء حوار بين تركيا وسورية لحل الصراع الدائر في شمال سورية.
وفي أعقاب مفاوضات أجراها مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان، واستمرت لأكثر من ست ساعات، قال إنه لا يمكن تحقيق الاستقرار في سورية إلا عند ضمان السلامة الإقليمية للبلاد.
وطالب بوتين بانسحاب القوات الأجنبية الموجودة في سورية دون إذن من الحكومة في دمشق، ولفت إلى أنه توصل خلال المفاوضات مع أردوغان إلى اتفاقات من شأنها أن تحل مصير منطقة الشمال في سورية.
عقب ذلك، تلا وزير الخارجية الروسي سيرغي لاڤروڤ في ختام المباحثات، «مذكرة التفاهم» التي وصفها بأنها ستنهي إراقة الدماء في المنطقة.
وقال لاڤروڤ في تصريحات أدلى بها بعد القمة، إن الأكراد سينسحبون أيضا من مدينتي منبج وتل رفعت وهو مطلب اصرت عليه تركيا.
وأضاف أنه سيتم ابتداء من ظهر اليوم نشر الشرطة العسكرية الروسية وقوات حرس الحدود السورية على حدود منطقة العمليات العسكرية التركية التي تشن «نبع السلام» ضد المسلحين الاكراد، وسيطرت خلالها على مساحة تمتد 120 كلم عرضا بين مدينتي رأس العين وتل ابيض، كمرحلة اولى من المنطقة الآمنة التي تسعى لإقامتها.
وتنص المذكرة على الحفاظ على الوضع الراهن فيها بعمق 32 كلم داخل الأراضي السورية.
وجاء في المذكرة أن الشرطة العسكرية الروسية وقوات حرس الحدود السورية ستساعد على انسحاب الوحدات الكردية وسحب أسلحتها إلى 30 كلم عن الحدود السورية - التركية، ومن المقرر أن ينتهي الانسحاب خلال 150 ساعة ابتداء من ظهر اليوم.
وبعد ذلك ستبدأ روسيا وتركيا بتسيير دوريات مشتركة في المنطقة بعمق 10 كلم داخل الأراضي السورية، شرقي وغربي منطقة عملية «نبع السلام»، باستثناء مدينة القامشلي.
وأشار الوزير الروسي إلى أن موسكو وأنقرة اتفقتا على آلية مشتركة لمراقبة تنفيذ المذكرة حول سورية، وأن روسيا وتركيا ستسيران دوريات مشتركة في «المنطقة الآمنة».
وأكدت المذكرة على أهمية الحفاظ على اتفاقية أضنة بين تركيا وسورية في الظروف الراهنة، وأن روسيا ستساهم في تطبيقها.
بالإضافة إلى ذلك أكد الرئيسان بوتين وأردوغان في مذكرتهما التمسك بالحفاظ على الوحدة السياسية وسلامة أراضي سورية وضمان الأمن القومي لتركيا، وكذلك عزمهما مواصلة محاربة الإرهاب والتصدي للتوجهات الانفصالية على الأراضي السورية.
ووصف بوتين «هذه القرارات بأنها مهمة للغاية لا بل حاسمة، وستسمح بحل وضع متوتر للغاية».
وكان بوتين أعلن في مستهل لقائه بأردوغان أن المحادثات ستكون طويلة وشاقة «فالوضع في المنطقة ليس سهلا، ونحن جميعا نتفهم هذا».
وكان الكرملين أعلن قبل لقاء الرئيسين أنهما سيدرسان مقترح وزيرة الدفاع الألمانية انيغريت كرامب-كارنباور الداعي إلى إنشاء منطقة حماية دولية في شمال سورية على الحدود مع تركيا.
ونقلت وكالة أنباء (إنترفاكس) الروسية عن ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين قوله إن المقترح مبادرة جديدة، لكن ليس هناك موقف منها بعد.
وكانت وزيرة الدفاع الألمانية، اقترحت إقامة منطقة أمنية في شمال سورية لحماية المدنيين النازحين وضمان استمرار التصدي لتنظيم داعش، وهي المرة الأولى التي تقترح فيها برلين مهمة عسكرية في الشرق الأوسط.
وقالت الوزيرة إنها ستناقش المبادرة مع الشركاء في حلف شمال الأطلسي «الناتو» هذا الأسبوع ولم تستبعد إرسال جنود ألمان إلى سورية قائلة إن المسألة في يد البرلمان.
وأوضحت كرامب كارينباور أن مبادرتها ستحتاج إلى دعم تركيا وروسيا.