طغى انخفاض سعر صرف الليرة السورية على الاخبار الميدانية والاشتباكات المتجددة في أكثر من منطقة أمس، بعد ان سجلت أدنى وأسرع انخفاض في تاريخ سورية الحديث، إذ انخفضت قيمتها بشكل حاد لتبلغ ألف ليرة مقابل الدولار في السوق السوداء في وتيرة مستمرة منذ أسابيع وتزامنت مع ارتفاع كبير في الأسعار.
ومنذ أشهر عدة، تفقد الليرة السورية تدريجيا من قيمتها في السوق السوداء، ويتزامن الانخفاض الأخير مع أزمة سيولة كبيرة في لبنان المجاور، والذي شكل خلال السنوات الماضية رئى تنفس للاقتصاد السوري وممرا لدخول العملة الأجنبية إلى سورية الخاضعة لعقوبات اقتصادية مشددة.
وقال أحد الصرافين في دمشق لوكالة فرانس برس إنه بات أمس وللمرة الأولى يبيع الدولار في السوق السوداء مقابل ألف ليرة سورية.
وحدد موقع إلكتروني متخصص بسعر الصرف في السوق السوداء صباح أمس سعر بيع الدولار بـ975 ليرة، أي أكثر من ضعف سعر الصرف الرسمي الذي لايزال ثابتا على 434 ليرة سورية، وفق موقع المصرف المركزي، قبل أن يعود السعر للانخفاض حتى 920 ليرة بعد ذبذب بشكل لحظي وآني بحسب مواقع الكترونية وتخصصة.
ويشكل انخفاض قيمة العملة السورية دليلا ملموسا على الاقتصاد المنهك في ظل تقلص المداخيل والايرادات وانخفاض احتياطي القطع الاجنبي، اضافة الى العقوبات الأميركية والأوروبية التي تسببت بالمزيد من الخسائر الاقتصادية.
وفي البلدة القديمة في دمشق، يقول أحد التجار، مفضلا عدم ذكر اسمه، «الأسعار تضاعفت مرتين خلال الشهرين الماضيين... من المواد الغذائية والتموينية إلى المواصلات، الجميع يعيد تسعير بضاعته وفق سعر صرف الدولار الجديد».
ويقول المحلل في الشأن السوري سامويل راماني إن الليرة السورية خسرت 30% من قيمتها منذ بدء الحراك الشعبي في لبنان ضد الطبقة السياسية. وفي دمشق، يقول شاب ثلاثيني، فضل عدم الكشف عن اسمه ويعمل في متجر لبيع الهواتف، «أستورد البضائع من لبنان، وقد تأثرنا بشكل مباشر من ارتفاع سعر صرف الدولار هناك، وبتنا مضطرين لرفع الأسعار».
ويضيف «في النهاية سينعكس كل ذلك على السوق، وليس بمقدور الجميع الدفع وفق الأسعار الجديدة (...) نخشى المزيد من الانهيار».
ولمواجهة الارتفاع الكبير في الاسعار الذي تجاوز 30% الاسبوع الماضي بحسب صحيفة الوطن المقربة من السلطات، أقرت الحكومة أمس الأول ما أطلقت عليه «وثيقة الأسعار» يتم من خلالها تحديد أسعار المواد الممولة من المصرف المركزي والمواد المستوردة الأخرى من قبل وزارة التجارة الداخلية.
وجاء إقرار الوثيقة خلال اجتماع مجلس وزراء الأحد الماضي، الذي طلب من المكاتب التنفيذية بالمحافظات كافة «تحديد أسعار المواد المنتجة محليا بهدف فرض أسعار مناسبة في جميع منافذ البيع التابعة للقطاعين العام والخاص بالمحافظات».
كما أقر المجلس الاستمرار في تمويل قائمة المواد الأساسية، التي اعتبرها ضرورية، وهي: الأرز والسكر والزيوت والسمون والشاي وحليب الأطفال والمتة والبذور الزراعية والأدوية، بحسب ما نشرته صفحة مجلس الوزراء عبر «فيس بوك».
وغطت اخبار الليرة على التطورات الميدانية لاسيما في محافظة ادلب ومحيطها الواقعة ضمن مناطق خفض التصعيد. ودارت اشتباكات عنيفة بين قوات الحكومة السورية والميليشيات الموالية لها من جهة، وفصائل المعارضة من جهة أخرى على جبهات ريف إدلب الشرقي، وسط قصف جوي وصاروخي عنيف يطال المنطقة بقوة.
وقالت مصادر من نشطاء المنطقة، إن الاشتباكات تركزت أمس على جبهات رسم الورد وسروج بريف إدلب الشرقي، في ظل محاولات مستمرة للنظام للتقدم على المنطقة، تحت غطاء القصف الجوي والصاروخي.
وبالتزامن مع المعارك، قام الطيران الحربي السوري بعدة غارات طالت القرى والبلدات في المنطقة بشكل كلي، لاسيما قرى الصرمان والبرسة والحراكي والهلبة والرفة وريف معرة النعمان الشرقي، لقصف جوي عنيف ومتواصل.
من جهة أخرى، قالت وسائل اعلام سورية موالية إن تسعة مدنيين قتلوا في مدينة تل رفعت بريف حلب، جراء استهداف فصائل المعارضة المنطقة بقذائف، الأمر الذي نفاه «الجيش الوطني» التابع للمعارضة. لكن «الجيش الوطني» التابع للمعارضة نفى نفيا قاطعا استهداف أي نقطة مدنية في المدينة.
وقال المتحدث باسم «الجيش الوطني»، يوسف حمود، بحسب موقع عنب بلدي إن الجيش والقوات التركية الموجودة في المنطقة لم تقصف أي نقطة مدنية في تل رفعت.