هربا من الهجوم الذي تشنه القوات السورية بدعم روسي، قرر أبو جابر الإقامة قرب الجدار الاسمنتي الذي شيدته تركيا عند حدودها. وخشية من تقدم قوات النظام أكثر، صنع سلما ينوي تسلقه وعائلته لاجتياز العوائق نحو الضفة الأخرى.
وابو جابر هو واحد من نحو مليون سوري، دفعهم تصعيد الجيش السوري إلى النزوح، وتوجه عدد كبير منهم إلى مناطق قريبة من الحدود التركية باعتبارها أكثر أمانا.
قرب بلدة كفرلوسين، تقيم عشرات العائلات النازحة في غرف متواضعة تم بناؤها في مخيم عشوائي على بعد أمتار من الجدار الاسمنتي الفاصل بين الأراضي السورية والتركية.
ويعلو بعضها خزانات مياه بلاستيكية أو ألواح للطاقة الشمسية. وباتت الغرف، التي شيدت تباعا وبينها خيم يقطنها نازحون جدد، أشبه بقرية صغيرة.
ويلهو أطفال قرب الجدار محاولين تسلقه، ويرتدي أحدهم بزة عسكرية عليها العلم التركي.
ويقول أبو جابر (45 عاما) الذي يقيم مع عائلته المؤلفة من والده ووالدته وزوجته وأطفالهما الأحد عشر في المخيم العشوائي «أتينا إلى المكان الآمن إلى جانب الجدار التركي».
وفرت العائلة من ريف حماة الشمالي المجاور لإدلب، قبل ستة أشهر على وقع تقدم قوات النظام في المنطقة. وجراء التصعيد الأخير في إدلب، يخشى أبو جابر ألا يكون أمامه من خيار إلا اجتياز الحدود حفاظا على أرواح أطفاله، الذين فقد أحدهم وعمره 10 سنوات عينه وبترت يده جراء قصف سابق، قبل نزوحهم من قريتهم.
ويوضح «في هذه المرحلة السيئة قررت تجهيز سلم وفي حال تقدم النظام.. قررت أن أقطع الجدار لأحافظ على حياة الأطفال».
يدرك أبو جابر أن اجتياز الحدود مهمة محفوفة بالمخاطر مع وجود «قناصة» وحرس حدود يمنع العبور نحو الأراضي التركية.
وقبل أسبوعين، نزح عبد الرزاق سلات (55 عاما) مع زوجته وثمانية أولاد بينهم أطفال من بلدة بنش القريبة من مدينة إدلب بعدما استهدفها القصف. ويقيمون حاليا مع عائلة شقيقة زوجته في خيمة عند الجدار الحدودي.
ويقول لفرانس برس «نحن 19 شخصا، سكنا هنا بحثا عن الأمان».
وتكتظ الخيمة التي تتوسطها مدفأة تعمل على المازوت بالقاطنين فيها مع مقتنياتهم.
ويعملون نهارا على تكديس حاجياتهم من أغطية وفرش في إحدى الزوايا ليتمكنوا من الجلوس داخلها.
وليلا، يروي عبد الرزاق «لا نستطيع النوم لضيق المكان. ننام ونحن جالسون».
ولا يتردد في التأكيد على أنه «إذا اضطر الأمر، سندخل إلى تركيا، سندفع الجدار وندخل».