أصبح النازحون السوريون في شمال غرب البلاد بين فكي كماشة تفشي فيروس كورونا المستجد الذي ارتفعت حالات الاصابة به في ادلب، اضافة الى المجاعة في حال توقف إيصال المساعدات عبر الحدود، غداة استخدام روسيا والصين حق النقض «الفيتو» لوقف آلية ادخال مساعدات الامم المتحدة الانسانية عبر الحدود، التي انتهت أمس الاول مدة تفويضها في مجلس الامن دون التوصل الى الية جيدة.
وبعد نجاتهم من الهجوم الكبير الذي شنته قوات سورية وميليشيات متحالفة معها بدعم روسي في شمال غرب سورية، يعتري نصر أحمد سلطان انه خائف على أطفاله العشرة المكدسين داخل خيمة متواضعة شبه خالية من الأثاث، في مخيم للنازحين قرب مدينة معرة مصرين، في حال توقف المساعدات واتساع رقعة انتشار كورونا.
ويقول لوكالة فرانس برس «تركنا بيوتنا وأرضنا ورزقنا ولم يعد لدينا إلا هذه المساعدات التي يعطوننا إياها، وفي حال انقطعت نصبح عرضة للمجاعة».
ووفقا للأمم المتحدة، يعتمد نحو 2.8 مليون شخص في المنطقة على المساعدات عبر الحدود لتأمين احتياجاتهم اليومية الأساسية.
ولم يتمكن مجلس الأمن من تجديد آلية إيصال المساعدات عبر الحدود، المعتمدة منذ العام 2014، بسبب إصرار روسيا على حصر نقاط إدخال المساعدات بمعبر واحد هو باب الهوى (إدلب) ولمدة 6 اشهر فقط. وفي تطور صحي لا يقل اهمية عن وقف المساعدات الانسانية تم تسجيل إصابة ثلاثة من الكوادر الطبية على الأقل بفيروس كورونا المستجد في إدلب منذ الخميس الماضي.
وأكدت «الحكومة السورية المؤقتة» التي تتولى إدارة الأراضي الخاضعة لسيطرة المعارضة، ارتفاع الإصابات إلى ثلاث حالات. وأشارت إلى أن 2226 شخصا في المنطقة خضعوا حتى الآن للفحوصات الطبية بغية التأكد من إمكانية إصابتهم بكورونا.
وأفادت تقارير إعلامية محلية بأن المصابين الثلاثة هم من الكوادر الطبية. وذكرت التقارير أن المصابين الجديدين من المخالطين للمريض الأول الذي تم تشخيص إصابته الخميس الماضي وهو طبيب اعصاب كتم في تركيا، مؤكدة أن المستشفى الذي يعمل فيه «المريض رقم صفر» علق أنشطته.
ويثير ذلك مخاوف من وقوع كارثة صحية إذا ما امتد الوباء إلى مخيمات النازحين المكتظة والتي تفتقد لخدمات المياه والصرف الصحي، يقول نصر بانفعال «إذا لم يتم إدخال الأدوية الى المخيمات، سينتهي أمرنا»، مضيفا «ستقضي الكورونا علينا».
وعلى بعد أمتار، يسأل النازح عبدالسلام يوسف (47 عاما)، وهو أب لعشرة أطفال بغضب «مع تسجيل إصابات عدة بالكورونا، كيف يمكننا الالتزام بالحجر داخل المخيمات اذا كانت الناس لا تملك قوتها اليومي مع وقف المساعدات؟».
ويوضح أن وقف إدخال المساعدات، في حال عدم تجديد الآلية، سيشكل «كارثة انسانية بحق الناس لأن غالبية المهجرين في المخيمات يعتمدون بشكل كلي على السلة الشهرية أو الخبز» الذي يتم توزيعه في إطار المساعدات.
ويعتمد النازحون خصوصا على المساعدات لتأمين الطعام والمياه والحصول على الخدمات الاستشفائية والتعليمية لأطفالهم، بحسب الأمم المتحدة.
ونبهت رئيسة منظمة «سايف ذي تشيلدرن» إنغر أيشينغ في بيان أمس الأول إلى أن «المعابر الحدودية هي الطريقة الوحيدة لإيصال المساعدات الإنسانية الحيوية، والتي يعتمد الأطفال عليها للبقاء».
وقالت إنه ما لم يتم وضعها «قيد الخدمة، فلن تتمكن العديد من العائلات من تناول الطعام، ولن تحصل على رعاية صحية ولن تجد مأوى».
ولم تثمر خمس عمليات تصويت في مجلس الأمن منذ الثلاثاء، استخدمت خلالها روسيا والصين حق النقض (فيتو).
وتقول الدول الغربية أن لابديل يتمتع بالصدقية لهذه الآلية حاليا وأن البيروقراطية والسياسة السوريتين تمنعان نقلا فعالا للمساعدات إلى المناطق الخارجة عن سيطرة دمشق. ومن أمام خيمته قرب معرة مصرين، يحذر عبدالسلام من أنه وملايين السوريين سيواجهون «كارثة كبرى أمام مرأى العالم أجمع».