شخصية مختلفة اجتمعت فيه طيبة القرية وعنفوان العواصم الكبرى.. صفاء الحقل وجلجلة المدينة.. حلاوة العشرة مع حركية الحياة، دون أن يتخلى عنه الذكاء الفطري وفكر العلماء..
هو محمد ناصر السنعوسي.. ابن الكويت المخلص الذي شهدت له المجتمعات العربية واعتبرته من صناع السعادة.. والوعي..
رجل يسمو على كل الفروق ويرتفع فوق كل ألوان الخلاف، رغم أنه لا يحيد عن مبادئه ولا يهادن في الحق.. يأسر مستمعيه بجودة طرحه وفرط ذكائه وقوة حجته ودقة ملاحظاته وسلامة رؤاه.. صاحب قيم، ومواقف، وتميز، ونزاهة، وثقة، وعمل مبتكر، وإنجازات ريادية... هو ثروة قومية ونفحة من نفحات الكويت في أوج عطائها.
محمد السنعوسي رجل تختلط فيه سلالات عصور البشر، فلا يمكن ألا تنسبه إلى زمن وجينات «الباشاوات» بتقاليدهم الرصينة وتنظيمهم الحياتي الدقيق، ولا يمكن ألا تميز انحداره من صلب القبائل العربية الأصيلة، ولا أن تتجاهل شجاعته و«ثوريته» أو تنكر فراسته الشعبية وأخلاقيات «ابن البلد»... هو الارستقراطي النبيل وصقر البادية و.. واحد من الناس.
أرشيف ثري
رجل منظم جدا، لديه أرشيف ثري وممتع للغاية، له ذوق فني رفيع، لا يقبل في كل ممارساته الحياتية إلا التميز، ولا يعترف بأن إنجاز المهام واكتمالها يحتاج إلى وقت وزمن أكثر مما هو مقدر، كما أن أسلوبه السردي فيه كثير من المتعة، وربما يفسد تداول حكاياته - أحيانا - آراؤه الصريحة وتسميته الأشياء بأسمائها.
مقابل بعض الأقلام التي هاجمت فكره المتفتح هناك مئات المقالات التي ساندت مسيرته المشرفة وقدرته المدهشة على قيادة التغيير والتطور.. نستعرض هنا بعض ما قيل فيها:
ـ «سدرة» السنعوسي مليئة بثمر الكنار.. «هزوها تتساقط عليكم الثمار... فإن أجمل المواسم هو الموسم الذي يدشن فيه هذا الفنان سفائن الإبداع فيه... احبسوا أنفاسكم، لأن الرجل قادر على مباغتتكم بكل المفاجآت الحلوة التي تصفق لها القلوب..» صلاح الساير.
ـ عرفته في الستينيات.. واكتشفت مواهبه المنظورة - وغير المنظورة!! يوم حضر أول مؤتمر للمائدة المستديرة في بيروت... وكان رئيسا للوفد الكويتي، فتحدث عن موضوع يفترض أنه كان شائكا... فتوقعت أن يتعثر، ويتدحرج فيه، ولكنه قطع علي توقعاتي إذ فاجأني عندما أخذ ينتشر عليه، ويحيط به، ويتعمق فيه، مما أثار دهشة الوفود... ولأشد ما كانت دهشتي عندما فاجأ الحاضرين بالآراء الجديدة والأفكار المستحدثة التي كانت غائبة عن الأذهان، فكان السنعوسي القادم إلينا من عمق الصحراء... حيث البداوة الأصيلة المتأصلة في أعماقه غذت اتساع شخصيته وأضاءت مسارب عقله ونفسه وأمدته من معينها... وعندما سيذكر تاريخ الكويت عن الإعلام المرئي لأشخاص... سيدرج اسم السنعوسي كأول رائد من رواده..» واجد دوماني.
الجميل الحشري
ـ الوزير السابق محمد السنعوسي «الرجل الجميل والحشري» المالك للقدرات على حافة كل أصبع من يده ـ اللهم بلا حسد ـ ولا حتى غبطة.. «فاطمة حسين».
ـ قل: «محمد السنعوسي» وستختبئ «الفئران» في جحورها خوفا من هذا الرجل المصيدة، قل: «محمد ناصر السنعوسي» وسيكتب التلفزيون الكويتي فصلا مهما من تاريخه امتنانا لهذا الرجل التحفة!!... «إبراهيم الخالدي».
- إن من الإنصاف الإشارة إلى أن السنعوسي وراء كل البدايات في تلفزيون الكويت. المنوعات، تمثيليات السهرة والمسلسلات والبرامج المتخصصة، وفرقة التلفزيون، فهو الذي فكر ودبر وباشر إنشاء فرقة التلفزيون للفنون التي حفظت التراث الغنائي الكويتي ودربت عددا كبيرا من الشباب الهواة على مدار عمرها... ثم من الذي فكر بالفضائيات وتأسيس فضائية كويتية، قبل كل المحطات المشهورة الآن بسنوات؟، ولم تستطع العقلية البيروقراطية مواكبة عقليته التي تقرأ المستقبل بذكاء وتفتح، ففاتت الفرصة.. «عبدالعزيز السريع».
تحت النور
- منذ برنامجه القديم «أحاديث الفأر والمناديل الورقية»، «إلقاء القمامة في الطرقات»، كان تحت النور، مواطن يفتخر به... نزيه، مخلص، ينشد المصلحة العامة، يخاف على وطن ومواطن، يحافظ على المال العام، ينشد تقدم بلاده ورقي مجتمعه، حتى ترأس «المشروعات السياحية»... محمد السنعوسي ليس من يحتاج لشهادة مثل شهادتي، رغم أنني لمست إخلاصه وعطاءه وابتكاراته التي سبقت عصره.. «هيا الفهد».
- كان السنعوسي صريحا بصدق لم يتجمل، فجمع بين الصدق والمتعة والفائدة، لم يخفق في أن يرينا كائنا من لحم ودم خلف ذلك الحشد من الأوراق والخطابات، يعتمد على صلابة الأحداث المتحققة، فلم يلجأ السنعوسي ولم يرهقنا بالتوغل بالجانب النفسي أو الانفعالي مكتفيا بالمنطقة الواقعية العملية.. وترك لنا حرية تخيل النفس الداخلية من أفعالها.. «د. سليمان الشطي في نقده لكتاب السنعوسي تلفزيون الكويت تاريخ وحكايات».
- كان السنعوسي يسبق دائما كل مألوف في عصره، وكان يرتدي الملابس الإفرنجية على الدوام إذ لم يشاهد من قبل بـ«دشداشة»... ولما ظهر على الشاشة في سنوات العقد الماضي عرفه المشاهدون بجرأته النادرة في تناوله للموضوعات التي يطرحها في برنامجه الذي عرف باسمه «السنعوسي»، وكان يقدم البرنامج خارج الأستوديو دائما، وهكذا التحم بمشاكل الناس على نحو جعلني أوصي المذيعين الشباب عندنا بضرورة متابعته، ولا يخلو بحث حول تلفزيون الكويت من الإشارة إلى بعض حلقات هذا البرنامج. «الإعلامي المصري حمدي قنديل».
ـ كان ومازال عملاقا في فنه جريئا في طرحه، لا يجامل فيما يؤمن به، كان ومازال ورغم كل المعوقات والإعاقات صاحب مبادرة، ليست أي مبادرة، بل المبادرة الطموحة التي تتخطى حواجز الزمن عندما يتوقف الآخرون عندها، عندما تولى هذا الرجل منصب إدارة شركة المشروعات السياحية، قفز بها فقزات كبيرة، وانتقل بها نقلة نوعية فريدة لا يجرؤ عليها إلا رجال أمثال السنعوسي، وبعد أن تركها خبا إشعاعها وكاد أن ينطفئ، لأن الإدارة فن ودراسة وقدرات.. «أحمد إبراهيم الهلال».
مثير للجدل
ـ محمد السنعوسي هذا الرجل المثير للجدل ستظل تقدره الأجيال، فهو الشخصية التي أدارت دفة الإعلام الكويتي (في منصبه الوزاري) بكل ثبات وشجاعة وموضوعية... هذا الرجل السنعوسي ما من فرد ينطق بالعربية لا يعرفه ويسمع عنه، نعم الكل يعرفه قبل أن يصبح وزيرا... كرسي الوزارة لم يضف إليه شيئا بل هو الذي أضاف لهذا الكرسي الاحترام والهيبة...«يوسف الرفاعي».
ـ وجود محمد السنعوسي على رأس شركة المشروعات السياحية ضربة معلم، بعد تاريخ طويل من العمل الإعلامي جعل تلفزيون الكويت ـ الذي كان الرجل الأول فيه ـ في مصاف تلفزيونات دول العالم المتقدم شكلا وموضوعا بشهادة أكثر الناس خلافا معه.. «نصر الله محمد النصر الله».
ـ الأخ الأستاذ (محمد السنعوسي) مدرسة ليس في الإعلام والتلفزيون فحسب بل في مجالات حياتية أخرى، منها الاستثمار السياحي وهو عملاق في أخلاقه مثلما هو عملاق في أعماله وحضوره ومشاركاته، وعلى قدر ظن البعض بقسوته فإن واقعه يخبرك بعكس ذلك، فهو الفنان رقيق الإحساس، يسكن الطفل بداخله فتسابق دموعه كلماته وتطارد أحاسيسه حين يكون أمام موقف إنساني.. هو متسامح رغم سرعة غضبه، متواضع بالرغم من هالة الشموخ التي تبدوه على محياه وهيئته، وهو جريء برأيه، صلب في مواقفه لا يقبل التراجع، كما أنه عضو دائم في نادي المتميزين.. «يوسف الجاسم».
ـ محمد السنعوسي الإعلامي المتميز الذي يترقب برنامجه «مهنتي» أهل الكويت كما يترقبون وجبة الإفطار أو الغداء أو العشاء.. «نورية السداني».
ـ كلنا يعرف محمد السنعوسي هذا الرجل المبدع إعلاميا، فهو رجل إعلام من طراز فريد، ولاشك أن بصماته واضحة في كل مجال يطرقه، فعندما كان مسؤولا عن التلفزيون استطاع أن يحصد الجوائز في المهرجانات المختلفة، وكان عهده هو العصر الذهبي الذي لن يتكرر... وعندما انتقل إلى المشروعات السياحية استطاع أن يطور هذا المرفق تطويرا كبيرا... «عائشة الرشيد».
بصمات واضحة
محمد ناصر السنعوسي وكيل وزارة الإعلام المساعد لشؤون التلفزيون، اسم إعلامي له ثقله وبريقه ولمعانه... بصماته واضحة بطول الكويت وعرضها على مسار الحركة الإعلامية... يشهد له الجميع بإنكار الذات والسمو في التعامل منذ أن كان التلفزيون مجرد شبرات صغيرة هنا وهناك إلى أن صار مفخرة ليست للكويت فحسب، بل لدول الخليج جمعاء... وإذا تناسى البعض فعليه بالعودة إلى مهرجان التلفزيون الأخير حيث حصد التلفزيون الكويتي كل جوائز المهرجان.. افتتاحية عدد من أعداد مجلة عالم الفن».
ـ عندما تولى المشروعات السياحية خلق إطارا جديدا وفلسفة مختلفة، فقد أدخل إلى الأنشطة الترويحية عنصر الإبداع من العناصر الطبيعية الموجودة التي كان يظن سابقا أنها تمثل عائقا، فقد كون مفرداته السياحية من الرمال والحرارة القاسية والليل وحتى من الرياح.. «مجلة العربي».
ـ قدم السنعوسي إبداعا في قالب فني مفيد وممتع، وسطر مواقف سياسية بينت قوة شخصيته ومعدنه.. «أحمد الصراف».
تلك بعض مما كتب عن الرجل، ويبقى له الدعاء ليتجاوز وعكته الصحية.. دعاء من أبناء الشعوب العربية الذين تعلموا من مبادرته «افتح يا سمسم».. ومن كل من حصد من عمله وجهده سعادة وتنويرا.
أمجد زكي