- عاقبت «شهريار» على جرائم القتل.. و«حكايا لم ترويها شهرزاد» من الواقع
- «في انتظار جودة» مسرحية ليست عبثية.. وأحداث «الوليمة» تدور في مكان غير معلوم
عبدالحميد الخطيب
الأكاديمي المصري د.علاء عبدالعزيز، أستاذ للدراما بالمعهد العالي للفنون المسرحية في مصر، وروائي خط بأنامله عددا من الاعمال الأدبية المسرحية والتي قدمت على خشبة المسرح ومنها ما تم ترجمته الى الانجليزية، ومازال نهر إبداعه يجري، حيث يستعد لتقديم عدد من مسرحياته للجمهور بمضمون وشكل جديدين.
د.علاء عبدالعزيز حصل على الدكتوراه من بريطانيا وكان موضوعها «المسرح البريطاني والأميركي وتناولهما للحرب في العراق ومن قبلها حرب أفغانستان والصراع العربي - الإسرائيلي»، لكن هل تأثرت كتاباته بموضوع رسالة الدكتوراه؟ وكيف ينظر الى حال المسرح في مصر؟ وما أعماله القادمة؟ ووجهة نظره في ابتعاد الجمهور عن المسرح والحل لإعادته مرة اخرى؟ اسئلة كثيرة توجهنا بها الى استاذ الدراما بالمعهد العالي للفنون المسرحية في مصر والروائي المسرحي د.علاء عبدالعزيز، فأجاب عنها برحابة صدر.
فإلى التفاصيل:
د.علاء لنبدأ من رسالة الدكتوراه التي حصلت عليها من بريطانيا.. ما موضوعها؟
٭ موضوعها المسرحيات البريطانية والأميركية التي علقت على الحرب في العراق عام 2003 ومن قبلها الحرب في افغانستان في 2001، وأيضا الصراع العربي - الاسرائيلي، وتأثر المسرح بما عرف بـ «الإسلاموفوبيا» في العالم الغربي نتيجة احداث 11 سبتمبر وما قبلها، واستعرضت في رسالتي الهجمات التي تعرضت لها الولايات المتحدة والدول الغربية قبل 11 سبتمبر في مناطق مختلفة كثيرة جدا.
وما الهدف من هذه الدراسة؟
٭ كشف تباين الافكار المسرحية بين البلدين «بريطانيا وأميركا»، ففي أميركا كانت طريقة التعامل دائما مع أي هجوم ضدها في أي مكان باستخدام لفظ «ارهابي»، لأن عليه شبه اتفاق عالمي، أما المسرحيات البريطانية فمعظمها ركزت على فكرة شرعية الحرب في العراق من عدمها.
هل اثر موضوع رسالة الدكتوراه في توجه كتاباتك؟
٭ هذا هو نوع من المسرح السياسي الذي يأخذ الشكل التسجيلي، وهناك اكثر من دراسة تناولت رسالتي، لاسيما انني ركزت فيها على الفرق بين تناول الكتاب الانجليز والأميركان لهذه الحروب، ومن اهم النتائج التي وصلت لها انه في حين ركز الكتاب الانجليز بشكل كبير في ان ينتقدوا بشكل مباشر الحرب، في المقابل قدم الأميركان هذا الموضوع بشكل غير مباشر، مع مراعاة عدم انتقاد الجنود الأميركان، إجمالا هناك عدد كبير من الكتاب في بريطانيا وأميركا أدانوا الحروب، حتى في تعليقهم على الصراع العربي الاسرائيلي.
حدثنا عن مؤلفاتك المسرحية؟
٭ قدمت في عام 2005 «حكايا لم ترويها شهرزاد»، بطولة: الفنانة السورية رغدة ود.سامي عبدالحليم أستاذ التمثيل بمعهد الفنون المسرحية بالقاهرة والفنان احمد صلاح السعدني، وكانت المسرحية محاولة للتعليق على الواقع من خلال القصة التراثية، ومؤخرا تم ترجمتها عن طريق فريق من الباحثين في جامعة نيويورك فرع ابوظبي ونشرتها هيئة قصور الثقافة في مصر عام 2011، كما يستعد المخرج المصري احمد رجب لتقديمها.
ما الحكايا التي لم تروها «شهرزاد»؟
٭ الحكاية في الاثر التراثي عبارة عن خيال وفنتازيا، لكن في مسرحية «حكايا لم ترويها شهرزاد» كلها من الواقع عن شخصيات تعاني من القهر، خصوصا قهر الرجال في قصر شهريار، وهو لا يعرف شيئا عن هذا الموضوع، وبتعبير أدق شخصيات القصة خيالية لكنها غير مغرقة في الخيال والجمال، وأهم ما في الموضوع اننا جميعا نعرف قصة شهريار وقتله العذراوات وإبقائه فقط على شهرزاد، ولم ننتبه الى انه مجرم، وهذا الامر كان يستفزني، وفي قصتي يعاقب شهريار على جرائم القتل وحتى شهرزاد تنال عقابها.
وماذا عن باقي أعمالك؟
٭ أثناء الفترة التي قضيتها في انجلترا، اعدت كتابة مجموعة من مسرحياتي القديمة، وان شاء الله بصدد تقديمها في الفترة القليلة المقبلة، ومنها مسرحية «في انتظار جودة»، والعنوان فيه تناص مع مسرحية «في انتظار جودو» للكاتب صمويل بيكيت، وهي قائمة أيضا على فكرة الانتظار بطريقة مختلفة في مجتمع اسطوري، لكنها ليست عبثية، حيث يستعد المخرج أحمد رجب لتقديمها على مسرح «الهناجر»، وأيضا لدي مسرحية «الوليمة» التي تناقش فكرة حرب اقليمية داخلية في مكان غير معلوم واثر هذه الحرب على أب وأم يفقدان ابنهما بتهمة الخيانة العظمى، وهذه المسرحية نشرتها الهيئة العربية للمسرح بالشارقة.
البعض يقول انه لا يوجد مسرح في مصر؟
٭ منذ عقود ونحن نقول هذه العبارة، والبعض يتساءل أين المشكلة؟ وآخرون يقولون لأنه لا يوجد نصوص جيدة، وأنا أرى ان المشكلة في المقام الاول هي مشكلة انتاج، فالقطاع الخاص انتهى تقريبا من مصر، الا تجربة «مسرح مصر» وان كانت موجهة للتلفزيون، والسؤال: هل يستطيع المسرح الآن ان يجذب الجمهور لمشاهدته مثل السابق؟
تعتقد ان الجمهور في مصر اختلف ذوقه؟
٭ المشكلة ليست في مصر فقط، فبعض المسارح مثلا في انجلترا لديها مشكلة عدم اقبال الجمهور على عروضها، المسرح الآن يواجه منافسة كبيرة جدا من التلفزيون والسينما، وهنا نتكلم عن المسرح غير التجاري الذي يعتمد على الكلمة والذي يعاني من بداية القرن العشرين، ولكن المسرح التجاري متألق تماما في بريطانيا وأميركا لأنه يستخدم تقنيات وإبهارا كبيرا من موسيقى وغناء وإضاءة وهذه العروض تستمر لسنوات طويلة جدا.
ولماذا لا يوجد في مصر مثل هذه العروض المسرحية؟
٭ لأنها تحتاج الى تكلفة إنتاجية عالية جدا، ولا تعطي المردود المطلوب، فهي تحتاج الى خشبات مسرح مجهزة بطريقة معينة وخدع وديكور وغيرها، فمن الذي سيجرؤ على تقديم هذه التجربة؟ اعتقد انها مسؤولية الدولة، نحن لدينا قطاع الفنون الشعبية والاستعراضية وبإمكانه تقديم مثل هذه المسرحيات الكبيرة، وإذا نظرنا الى مسرح الدولة فسنجد انه يكتظ بأعداد من الموظفين بدون مبرر، وهذا يعرقل العمل ويؤثر حتى على الميزانية التي تقدم للأعمال المسرحية التي يتم عرضها على مسرح الدولة.
وأين الحل من وجهة نظرك؟
٭ حل مشكلة المسرح ليس مستحيلا، ولكن لا بد ان نعرف الجمهور المستهدف ونوعية العروض التي يمكن تقديمها له، مع عمل بروتوكولات معينة، نحن نحتاج الى ان نستقطب الناس الى المسرح ونعرفهم بأنه ليس «اسكتشات» فقط وان هناك أفكارا أخرى جميلة يمكن ان تقدم من خلاله.
شاركت مصر الفترة القليلة الماضية بمسرحية «ما أجملنا» في مهرجان الكويت الأكاديمي الدولي السادس بالمعهد العالي للفنون المسرحية.. كيف ترى المهرجان؟
٭ مثل هذه الانشطة تثري الساحة الفنية، وأرضية خصبة لإفراز المواهب الشابة، فمن خلالها يتم صقل خبرات الطلاب من خلال اطلاعهم على تجارب البلدان الأخرى في جو من المنافسة الشريفة، وأعتقد ان الدورة السادسة للمهرجان حققت اهدافها المرجوة، مع الوضع في الاعتبار انه تم تقليص عدد العروض المشاركة هذا العام، ونأمل ان تزيد في السنوات المقبلة، لأن المهرجان رافد مهم في امداد الساحة الفنية بالطاقات الواعدة.