بقلم: يوسف الحمدان
ورحل عنا سيد الفرح الصديق الجميل الفنان الإنسان إبراهيم بحر الساكن في القلب حد الحب والحياة، وكما لو أننا في غفلة عن رحيله المباغت والمحزن والمفجع بعد تعاف أفعم روحه بعمر جديد ملؤه الحيوية واليفاعة والأمل في استرداد طاقة أوشكت أن تغادر حلمه في أن يبدأ من جديد مسيرته الفنية وكما لو أنه اللحظة يقبل عليها بقلب العاشق الفتي لريحانة روحه البكر الندية..
هو رفقة الفن والحياة والفرح في المعهد العالي للفنون المسرحية بالكويت إبان سبعينيات القرن الماضي، وتحديدا في منتصفه الثاني.. هو الذي أقبل علينا وهو مكتنز بموهبة مسرحية مميزة استوقفت من سبقه، مثلما استوقفت أقرانه في قسم التمثيل والإخراج في هذا المعهد. هو الذي بادرنا بابتسامته الطفلية الحنونة، وشقاوته الشعبية اللطيفة والمحببة التي جعلت من سكن الطلبة البحرينيين بالسالمية بيئة حميمة للفرح والمزاح الجميل والمقالب التي تدخر في قلوبنا وأرواحنا ضحكات وكما لو أنني اللحظة نصغي إليها، وإبراهيم (بومحمد) العزيز لايزال يقنع الصديق ولزيم شقته بالسكن فؤاد الحمر بعدم وجود أصوات تشاغبهما في الليل وأثناء النوم، وما يصدر من الصديق فؤاد الحمر ما هو إلا وهم وتخيلات لا مكان لها في الواقع، ليكتشف الحمر بعد يم بأن هذه الأصوات ما هي إلا مواء وكانت تصدر من قطط صغيرة وجدت إحدى خزانات الشقة مأوى لها، لينفجر الضحك مجددا ولنعيش بعد أيام منها مقالب أخرى، وكما لو أن الصديق الحميم إبراهيم بحر يؤدي أدوارا أخرى في سكن الطلبة بعد انتهاء الدوام بالمعهد، ليجدد الفرح في قلوبنا وليشعل مخيلتنا معه بما يتخيله أو يعيشه.
ثلاثة أعوام قضيتها مع الصديق الراحل الباقي في قلوبنا الحبيب الغالي بومحمد، لم يعكر صفوها يوما عارض ما، كانت الضحكات تسبقنا ونحن نتوجه معا إلى المعهد بصحبة الأصدقاء البحرينيين واليمنيين وكانت الفنانة الراحلة فايزة كمال والفنان الكويتي داود حسين أيضا من بينهم، وكانت مواويل إبراهيم بحر وزهيرياته اللطيفة التي كان يؤديها بروح مسرحية أصيلة تقتنص جميل الوقت في سهراتنا وأمسياتنا ورحلاتنا البرية مع بعض الأصدقاء الفنانين الكويتيين.
أيام تمضي والمسرح حياة ملازمة للصديق بومحمد، حتى يأتي اليوم الذي نكون وصحبة من الأصدقاء الفنانين في مواجهة تجربة مسرحية جديدة، وهي تأسيس مسرح الصواري عام 1991، 14 أغسطس، والذي بدأت معه حياة جديدة أسهمت في تأسيس أفق جديد مشاكس ومغاير في حركتنا المسرحية البحرينية، ويتم اختيار بومحمد رئيسا للمسرح، وهو أول رئيس لفرقة الصواري، وأجمل عهد لحراكنا المسرحي فيه، حينما تسلم بومحمد زمام رئاسته وإدارته. كان بومحمد بجانب كونه فنانا جميلا متألقا، بل نجما في حينه، كان إداريا بامتياز، فالفترة التي تسلم فيها الإدارة حققت فرقة الصواري إنجازات لم تحققها أية فرقة قبلها في البحرين، بدأت مع مسرحية (كاريكاتير) تأليفي وإخراجي عام 92، وبعدها (سكوريال) إخراج الصديق عبدالله السعداوي، ومن ثم مسرحية (الكمامة) التي حاز فيها مسرح الصواري جائزة أفضل إخراج دولي.
لروح الصديق الجميل الإنسان الفنان الباقي في قلوبنا إبراهيم بحر الرحمة والسكينة والسلام والطمأنينة، وألهم أهله وذويه ومحبيه وأصدقاءه الصبر والسلوان.. وإنا لله وإنا إليه راجعون..