محمد بسام الحسيني
الأغاني الوطنية في الكويت ينبوع مشاعر يتدفق باستمرار، وتحوّلت على مدى السنوات إلى فن متكامل بحد ذاته ذي جاذبية وخصوصية.
فمع المبادرات الفردية في أعياد الكويت، تتسابق المؤسسات والشركات الكويتية دائما للإبداع في حقل الأغنية الوطنية مع نخبة من الأفكار المستوحاة من تاريخ وحاضر البلد ووحدة أبنائه وإسهامات أجياله.
بين جملة الأعمال المقدمة هذا الموسم، قدرٌ كبير من الإتقان والبراعة لمسناه في أغنية «زين» بعنوان «الزين يحلالك حلو».
بتعابيره الأصيلة الأشبه بـ «بصمة» خاصة به، دوّن كبير شعراء الأغنية الوطنية الكويتية الشاعر القدير بدر بورسلي الكلمات: «الكويتي مثل الذهب، والتطور زين، بس السؤال شيصير.. إذا اجتمعوا الاثنين».
من يشاهد «الكليپ ـ القصة» يشعر بكلمات الأغنية وهي تنطلق بإيقاع احتفالي وكأنها أضواء نارية مبهجة في الفضاء تنثر التفاؤل والثقة والفرح.
ونجح المخرج خالد الرفاعي في إبهار المشاهد من خلال المؤثرات والـ «غرافيكس»، حيث يبدأ الكليب بأوركسترا من رجال آليين يعزفون لحنا وتقاطعهم فتاة بصوت طفولي مفعم بالبراءة: «عبالكم بتاخذون مكانّه إحنا الكويتيين من زمان أهل الإبداع».. ننتقل بعدها إلى شبان كويتيين يعزفون باحتراف على آلات موسيقية، ثم نشاهد بالأبيض والأسود مشهداً غنائياً يجسد شخصية الفنان الراحل «عوض الدوخي» وهو يؤدي كلمات تتغزل بجمال الإنسان الكويتي.. «الله شكثر حلو انت حلو.. الزين يحلالك حلو».
وسط اللآلئ المتناثرة، ترقص الطفلة وتشدو ثم تطير في سماء نجمية مقمرة، وتحط قرب «سديرة» خضراء.. لتظهر لنا بعدها شابة تتغنّى بشواطئ البحر والغوص وصحاري الفرح و«سما الوطن» التي تغني لها الطيور.
ويُختتم الكليپ بحديث بين الشاعر بورسلي وقائد الرجال الآليين يشرح رسالة الأغنية التي تحسم تمسّك الكويت بالتكنولوجيا والعصرنة وإنما بالاستناد دائما إلى أجيالها وإبداعات أبنائها، حيث يمسك بيد الطفلة وينضمان معا لتجمع فرح أشبه بـ «كويت مصغرة».
في أقل من أربع دقائق هناك الكثير لنحكي عنه، إذ من الواضح أن العمل نتاج جهد كبير جعله يظهر بهذه الصورة مكتملة الجمال:
أولا: ظهور شاعر بحجم بدر بورسلي في الإعلان وإدلاؤه بنفسه بالرسالة يشكّل إضافة حلوة تترك أثرا عميقا لما يمثله هذا الرجل من قيم أصيلة ورمز للفن الراقي.
ثانيا: استخدام الغرافيكس نُفِّذ بنجاح أضفى واقعية وألفة على التفاعل بين الروبوتات والبشر وهي أول أغنية في الكويت تُصوَّر باستخدام تقنية الـ 3D Mapping.
ثالثا: يُرجعنا تصوير الإعلان بالزمن إلى محطات فنية مهمة في تاريخ الفن الكويتي وخاصة «اسكتشات وأوبريتات تلفزيون الكويت» الراسخة في الوجدان الكويتي.
رابعا: يأسرنا التناغم بين اللوحات في الديكور مع القصة ورمزيتها والاستعراضات المترافقة مع الإيقاع الحماسي في عمل أقل ما يقال فيه إنه مفاجأة أخرى من هذا العالم الجميل الذي يجمع قيم الأصالة والحداثة.. والذي اسمه «زين».