ضمن العروض الرسمية لمهرجان الكويت الدولي للمونودراما بدورته السادسة، قدمت فرقة المسرح الكويتي مساء اول من امس عرضها المسرحي «حطام إنسان» من تأليف الواعدة مريم القلاف واخراج علي العلي وتمثيل عبدالله بهمن، وذلك بحضور رئيس فرقة المسرح الكويتي الفنان القدير احمد السلمان ونائب رئيس الفرقة الفنان القدير عبدالله غلوم وأمين سر الفرقة مهدي السلمان وضيوف الكويت ونخبة من الشباب العاشق للمسرح وفن المونودراما.
يحسب لفرقة عريقة بحجم فرقة المسرح الكويتي التعاون مع مؤلفة واعدة مريم القلاف التي تخوض تجربتها الأولى في فن المونودراما، وهذا امر ليس بغريب على فرقة المسرح الكويتي التي تدعم دائما الموهوبين من ابناء الوطن وتمنحهم الفرص للمشاركة باسمها في المهرجانات التي تقام داخل الكويت وخارجها.
النص الذي كتبته الواعدة مريم القلاف يلامس الواقع الذي نعيشه في العالم العربي عندما نرى أشخاصا يحملون أفكارا بعيدة عن أفكارهم ويتبنونها بالدفاع عنها بالغالي والنفيس من باب الدفاع عن الحريات ومحاربة أصحاب النفوذ، ومع مرور الوقت يكتشف هؤلاء الأشخاص أن الشعارات التي ذهبت من اجلها حياتهم زيف في زيف وأنهم كانوا ضحايا لتلك الأفكار الهدامة فيخسرون حياتهم وأسرهم ومكانتهم في المجتمع.
الرؤية الإخراجية التي تصدى لها المخرج المميز علي العلي كانت متماشية مع أحداث النص لأبعد الحدود واستطاع من خلالها جذب انتباه الحضور لعرضه بطريقة ذكية بعد ان تعلم كثيرا من تجربته الأولى التي خاضها في الدورة السابقة مع الممثلة سماح.
واختيار العلي للممثل عبدالله بهمن كان اختيارا موفقا لأن بهمن يمتلك قدرات فنية هائلة في التنوع بحالاته بشكل طبيعي ودون تصنع منذ بداية العرض حتى نهايته واستطاع ان يحبس أنفاس الحضور ليتعرفوا على نهايته بعدما اكتشف زيف الشعارات التي كان ينادي بها ويكتبها في كتبه.
الممثل عبدالله بهمن استطاع ان يثبت للجميع أنه ممثل ذو مواصفات خاصة يستطيع ان يكون نجما من نجوم فن المونودراما في المستقبل بعد نجوميته في التلفزيون والأعمال المسرحية الجماهيرية.
من جانب آخر قدمت الممثلة الأردنية أسماء مصطفى على خشبة مسرح كيفان مسرحيتها «أدرينالين» وذلك ضمن العروض الرسمية لمهرجان الكويت الدولي للمونودراما في دورته السادسة.
وتناولت أسماء في عرضها المسرحي، الذي كتبته وأخرجته وأدته على الخشبة، الكثير من القضايا التي تتعرض لها المرأة في الوطن العربي بأسلوب جريء من خلال قصة امرأة كانت تعمل ممثلة ولها صولات وجولات في المسرح أصيبت بسرطان الثدي وتم استئصال ثديها لتبدأ في سرد ذكرياتها المريرة منذ مراهقتها وتهجيرها من وطنها بشكل مفاجئ لتتزوج بعد ذلك من فنان تشكيلي وتنجب ابنها الوحيد الذي ابتلعه البحر بسبب الهجرات غير الشرعية، إلى جانب انضمام زوجها الذي تحبه إلى الجماعات الإرهابية المتطرفة، والذي فجر نفسه بسوق المدينة «حتى يتزوج من الحوريات في الجنة»، حسب قوله.
المعاناة التي جسدتها أسماء مصطفى على خشبة المسرح فضحت أمراض المجتمع ونظرته الدونية للمرأة التي تحاول جاهدة تغيير هذه النظرة خصوصا في العالم العربي لكنها لم تستطع لذلك من الطبيعي أن تصاب بالسرطان لأنها تشعر بأنها تعيش في مجتمع «متسرطن» بأمراض لا يمكن أن يشفى منها إلا إذا قاومته تلك المرأة حتى تشعر بحريتها وذاتها دون قيود تفرض عليها.
الأداء التمثيلي لبطلة العمل أسماء مصطفى فاق كل التصورات ونالت استحسان الحضور بحركاتها الانسيابية وكأنها فراشة ملأت أجواء المسرح لتوصيل معاناتها ومعاناة أي امرأة عربية سواء مصابة بالسرطان أو لا ، داعية إياها إلى أن تعيش حياتها كما تحب وليس كما يحب من حولها.
ندوة استثنائية
أقام المركز الإعلامي ندوة استثنائية عن ملامح الظاهرة المونودرامية وخلفياتها الفكرية، وأدار الندوة رئيس المركز الاعلامي الزميل مفرح الشمري وتحدث فيها الناقد البحريني يوسف الحمدان وأستاذ التمثيل والإخراج في أكاديمية الفنون المصرية د.جمال ياقوت.
في البداية تحدث الناقد البحريني يوسف الحمدان عن إشكالية المونودراما في الوطن العربي التي تبدو ملامحها غائبة عند بعض من يشتغلون عليها وذلك من خلال فكره ووعيه لهذا الفن الذي نشأ منذ مئات السنين.
وأضاف قائلا: هناك أسس لابد ان يرتكز عليها من يريد ان يقدم هذا الفن الجميل على خشبة المسرح وأول هذه الأسس هي الخبرة التي يتمتع بها من يريد ان يتصدى لمسرحية مونودرامية والخبرة مطلوبة في هذا الأمر حتى يستطيع من خلالها ان يسيطر على الجمهور الحاضر لعرضه وحتى لا يكون مثل الحكواتي بسرد القصة دون تحويلات جسدية ونفسية، لان ممثل فن المونودراما هو مجموعة ممثلين في جسد واحد.
ومن ثم تحدث د.جمال ياقوت الذي بدأ حديثه بطرح جملة من التساؤلات فقال: لماذا نحن نقدم عرض المونودراما؟ وما الحاجة إليه؟ وهل الممثل الواحد يحمل ذاتا واحدة أم ذوات متعددة؟
هل تتوفر عناصر العرض المسرحي في المونودراما؟ وهل يستطيع الممثل الواحد ان يجذبنا للفرجة طوال ساعة كاملة؟ وهل يستطيع إيصال الرسالة التي يحملها النص؟
جملة من الأسئلة خلق بها د.ياقوت اشكالية الحديث على طريقته كأستاذ أكاديمي.
وأضاف: الكثير من عروض المونودراما تبدأ من حكاية حدثت في الماضي بينما الصح ان موضوع العرض يجب ان يحاكي موضوعا آنيا.
وقال: ما الذي يمكن أن يمتعنا أو يفيدنا من ممثل واحد يحدثنا قصصا وروايات لمدة ساعة كاملة ما لم تكن هناك عناصر مساعدة مثل شاشة مثلا أو ديكور أو موسيقى أو أي من عناصر الفرجة والإبهار؟ فهذا لا يعيب عرض المونودراما ولا ينتقص منه.
وخلص د.ياقوت إلى أن عرض المونودراما يجب ان تتوفر له ثلاثة عناصر هي موضوع آني وممثل متعدد المواهب وعناصر إبهار.
ومن جانبه وجه مدير الجلسة مفرح الشمري لوماً للأكاديميين في عدم تقديم الورش المختصة بالمونودراما، ليرد د.ياقوت قائلا: أنا مدرس للتمثيل والإخراج في الجامعات والأكاديميات ولست معنيا بتقديم الورش.. لكنها فكرة رائعة يجب تطبيقها فورا.