- أرفض اعتماد المذيعة على تضاريس جسمها لجذب المشاهد
- أبوي منعني من قراءة ديوان «أبو نواس» فقرأته من ورائه
- هوايتي من المراهقة تركيب الأدراج والكبتات
ياسر العيلة
تلمع عيناها فطنة، ترسم شفتاها ببسمة مقرونة بفلسفة عميقة، وتمضي خطاها ثقة مرتدية وشاح البساطة التي تخترق بها أي حواجز، فهي هادئة وبشوشة ولديها شغف لا ينتهي لما تحب وتهوى. إنها المذيعة الكويتية الدؤوبة في عملها والجادة في اختياراتها علياء جوهر والتي حين حاورتها دار في رأسي فيض من التساؤلات أجابت عنها بكل وضوح من خلال الحوار التالي:
هل لديك بعض التحفظات في برامجك؟
٭ عندي تحفظات على بعض الأمور، بمعنى انني لا احب ان أظهر بمظهر لا يليق بي كمذيعة تجيد الحوار ولا تجيد الأشياء الاخرى التي تعتمد عليها حاليا من بهرجة وإغراء، وهذا اللون لا يناسبني، لأنني أرفض أن أظهر في برنامج يعتمد على الشكل اكثر من المنطق في الحوار، وأرفض أن أكون ببغاء أردد الكلام فقط، لا بد ان تكون هناك محاور في الحوار ترتكز عليها المذيعة لتبرز ثقافتها، وانا شخصيا أفضل أن المشاهدين يسمعونني اكثر مما يشاهدونني.
ماذا تعني لك محبة الجمهور؟
٭ بالتأكيد الجمهور شيء أساسي لنجاح اي شخص يدخل الإعلام، وانا أريدهم يحبونني لكوني مذيعة وليس حبهم لشخصي، ففي النهاية لكل منا جانب مظلم مثل القمر لأن كل ما نظهره في الإعلام شخصية بعيدة تماما عن شخصياتنا الحقيقية.
يضايقك ألا يعرفك أحد في الأماكن العامة؟
٭ لا بالعكس، هذا الشيء يريحني أكثر مما يضايقني.
ما المميزات التي أضافتها الشهرة لعلياء جوهر؟
٭ لم تضف الشهرة شيئا لي لأنني لم أسع إليها، ربما تضيف الشهرة نجومية للمذيع لكنها لا تضيف لشخصيته، لأن الإنسان يجب أن يكون كما هو على حقيقته حتى لا تصبح عنده ازدواجية في معاييره، من اجل ذلك انا متحفظة في كثير من الأمور حتى آخذ راحتي مع أسرتي والناس المحيطين بي، لذلك لا أحب ان أظهر «وايد» من جوانبي الشخصية للعلن.
هل جمالك كان سببا في دخولك مجال الإعلام بسهولة؟
٭ صحيح المظهر الخارجي مهم المذيعة، لكن الكاريزما هي جوهر الروح والعامل الأساسي لنجاح أي إعلامي، وهي طلة ربانية ليس لأحد دخل فيها، وكم من مذيعات اعتمدن على جمالهن لكنهن لم يحققن النجاح.
ما الصفات التي يجب توافرها في المذيعة الناجحة والصفات التي يجب التخلي عنها؟
٭ أهم صفة يجب أن يتميز بها المذيع او المذيعة لا بد أن تكون لديهما ثقافة عالية ومتابعين لكل ما هو جديد في كل المجالات، ومن الصفات التي يجب التخلي عنها «الشخصنة»، بمعنى لا يجب ان تظهر المذيعة بأنها تنحاز لآرائها الشخصية أثناء استضافتها لضيف ما، وهذا الموقف حدث معي من قبل، حيث قابلت شخصا مختلفا معي في كل شيء، وعمري ما فكرت في يوم من الأيام انني أقابله في برامجي، وعلى الرغم من ذلك استمتعت بالحوار معه ولم أشعره للحظة انه أقل قيمة من اي ضيف آخر تمت استضافته قبله.
هل عانيت من ويلات الغيرة؟ وكيف تتعاملين مع من يغار منك؟
٭ ليس لهذه الدرجة، أنا أشفق على الشخص الذي يغار لأن هذا يعني وجود نواقص في شخصيته، لذلك يحب إيذاء الآخرين، وبالفعل تضايقت من هذه الغيرة، لكنني استطعت التعامل معها حاليا، والمفاجأة انني عانيت من غيرة المذيعين أكثر من غيرة المذيعات، ربما يكون السبب لأن المذيعين غير متعودين على ان المذيعة تكون حالها من حال المذيع، والاثنان يعتمدان على ثقافتهما.
من أكثر شخصية نسائية تأثرت بها على المستوى الشخصي ولمَ؟
٭ أمي لأنها امرأة عن ألف رجل، وأمي مثل ما هي اعتمدت في حياتها على شجاعتها وعلى منطقها وعقلها ورزانتها في التعامل مع الكثير من الأمور الحياتية الصعبة التي واجهتها كامرأة مغتربة عن أهلها، لكون أمي غير عربية، فهي فارسية، وعلى الرغم من ذلك علمتني الصبر، وكل هذه الصفات التي ذكرتها بالاضافة الى انني تعلمت منها الأمومة وكيف أكون قدوة لابني لأن ابني وأحفادها وبناتها يعتبرونها قدوة لهم بمعنى الكلمة.
ما الشيء الذي أزعجك منذ دخولك الساحة الإعلامية؟
٭ توقعات كانت مبنية على أنه بالفعل الإعلام هادف وليس موجها، كل هذه الأشياء كنت اسمع عنها قبل دخولي المجال، ولكنني اكتشفت ان المعايير التي ينجح بها المذيعون ليست المعايير العالمية المتفق عليها، للأسف المعايير هنا مختلفة تماما، والقنوات تدعم البهرجة والمظهر والاستخفاف بعقل المشاهد واستضافة أشخاص لإحراجهم او إضحاك الناس، فهذا ليس طموحي ولا أعتقد انه هكذا يكون الإعلام، لأن الإعلام وسيلة لتوصيل الخبر والحوار الهادف للمشاهد حتى يستمتع به وهو يشاهده ولا يشمئز منه.
متى تصبح المذيعة نجمة؟
٭ النجمة بالنسبة لي هي عندما يشتد الظلام من حولك يكون بريقها أعلى في السماء، لذلك يجب على المذيعة الذكية لكي تصبح نجمة أن تظهر على الشاشة بشيء جديد يخالف المتعارف عليه عن بعض المذيعات اللاتي يستخدمن الشو والبهرجة، فأنا ضد اعتماد المذيعة على المكياج الأوفر أو على «تضاريس جسمها» لكي تجذب المشاهد، ولا أريد مخاطبة هذا النوع من المشاهدين، انما أخاطب الطفل والأب والأم والعائلة لأنهم عندما يشاهدونني على الشاشة يستطيع ان يقول الأب لأبنائه هذه المذيعة محترمة وقدوة.
لمن تقرأ علياء جوهر؟
٭ منذ الصغر وأنا أحب قراءة الكتب التاريخية في مكتبة والدي، مثل كتب الفرزدق وديوان ابو نواس على الرغم من ان «ابوي هاوشني» لأنني قرأت لـ «أبو نواس» من ورائه، لأنه كان ينبه علينا بعدم قراءته خصوصا انه كان يرى ان قصائده ماجنة بعض الشيء، وعندما قرأته لم افهم ما المقصود، بجانب حبي لقصص «كليلة ودمنة» وغيرها من الكتب.
كيف تربطين بين حياتك الخاصة والعمل؟
٭ أعطي كل جانب منهما حقه ولا أخلط بينهما، فأنا حياتي الشخصية لا اصرح بها على الملأ، لأنه في النهاية الإنسان يجب ان يحتفظ بحياته الخاصة لنفسه.
ماذا تحب علياء وماذا تكره وبمَ تحلم؟
٭ أكره السذاجة والغباء والجهل والعنصرية، وأحب الإنسانية بكل معانيها السامية، وأحب إعطاء الأمل، وأحلم على الصعيد الشخصي بأن احتفظ بأحلامي لنفسي، وأحلم بأن أشاهد أحفادي.
هل تذكرين إطلالتك الاولى على الشاشة؟ وما انطباعك عنها؟
٭ (ضاحكة) كنت جميلة، المشكلة أنني لا أحب مشاهدة برامجي ودائما اشجع نفسي على الاستمرارية.
ما مدى استفادتك من «السوشيال ميديا» في مجال عملك كمذيعة؟
٭ لم أستفد منها او بالأحرى «ما اعرف استغلها»، ربما يكون تقصيرا مني او انني ما فهمت اللعبة «عدل»، وربما عندما أقدم البرنامج الذي أطمح له ممكن وقتها أستغلها.
ما أبرز عيوبك؟
٭ اعترف بأنني متسرعة.
في ظل ثورة التكنولوجيا الحالية، ما رأيك في صناعة مشاهير أشبه بالفقاعات من قبل البعض؟
٭ صراحة أنا ضد أن نصنع من الحمقى مشاهير ونلقي باللوم على الناس جميعا، لأنني اعتقد أن من يتابع هؤلاء من فئة المراهقين لا توجد عليهم رقابة أسرية لأنه مستحيل رجل عاقل ورب أسرة محترم يشغل وقته بمتابعة أصحاب الفقاعات على سبيل المثال، وهل نحن بحاجة الى وجود ناس تنصحنا بماذا نلبس وماذا نأكل وماذا نشتري ويجبروننا على متابعة ترويجهم لأشخاص وليس لبضائع معينة وماركات معينة؟
هل لك أصدقاء في الوسط الإعلامي؟
٭ لا، فدائرة أصدقائي محدودة، وصديقاتي معي منذ الطفولة وأيام الدراسة وبشكل عام علاقتي محدودة مع الناس.
ماذا عن علياء جوهر الأم؟
٭ سبق ان ذكرت لك أنني أحب الأمل، وابني من الأشياء التي تعطيني الأمل في الحياة، لأنني أرى فيه كل الصفات الحلوة، وانه فرد سوي في المجتمع ويفتخر بأمه.
رأينا مذيعات اقتحمن عالم التمثيل وأخريات أصبحن ينافسن «الفاشنيستات»، فهل من الممكن أن نراك تسلكين المسار نفسه؟
٭ بالتأكيد لا، والتمثيل أصبح مهنة من لا مهنة له، وهناك بالفعل مذيعات أثبتن أنفسهن في مجال التمثيل، ورغم انني أحب التنويع في العمل لكنني إنسانة حقيقية ولا أجيد التمثيل ولن أفعلها مهما كانت الإغراءات.
هل يشترط في المذيعة أن تتمتع بروح الدعابة وخفة الظل؟
٭ نعم، لكن الأمر يعتمد على طبيعة البرنامج، فالبرامج السياسية لا تعتمد على خفة الظل او القدرة على استلهام المزحة رغم ان تلك البرامج تقدم في الغرب بشكل ساخر، وكذلك قدمها الإعلامي المصري باسم يوسف.
من تتابعين من الإعلاميين العالميين؟
٭ هناك مذيعة بريطانية تعمل في الـ «سي.ان.ان» اسمها كريستيان آمانبور تعجبني كثيرا.
ما نوعية البرامج التي تحوز إعجابك بشكل عام؟
٭ تستهويني البرامج الحوارية الإخبارية أكثر من الفنية، وأحب برامج «التوك شو» الحقيقية، بمعنى انه في الخارج النجم يقبل على البرنامج ليروج لعمله الذي هو بصدده أو سيشرع في دخوله قريبا، أما في عالمنا العربي فالبرنامج هو من يلهث وراء النجم ويدفع له من أجل استضافته، وهذا في رأيي زلة إعلامية كبيرة.
شخصيات أتمنى محاورتها
تحدثت علياء جوهر عن الشخصيات التي تتمنى محاورتها، وقالت: على الصعيد العربي يستهويني محاورة نجوم الفن القدامى وموسيقيين وسياسيين قدامى، لأنني احب استرجع ذكرات الماضي معهم، واحب الاشياء التي لها قيمة، وعلى الصعيد العالمي أرغب ان أحاور مخرجين سينمائيين كوني أحب السينما وايضا أحاور الكتّاب وأصحاب المخيلة الواسعة والجميلة.
هوايات غريبة
كشفت علياء عن هواياتها التي بعضها غريب، قائلة: أحب القراءة، وعندي هواية قديمة من أيام المراهقة هي تركيب الأدراج والكبتات، وأحب الأشياء الهندسية التي تعتمد على تشغيل المخ، وكذلك الألغاز، بالإضافة الى الرسم والفلسفة، فقراءاتي أكثرها فلسفية، وتجمعني بوالدي هواية غريبة عندما نشاهد الأفلام نتحدى بعضنا من يذكر أسماء الكومبارس المشاركين في هذه الأفلام، وأحب ايضا تجميع أكواب «المجات» من كل الدول، وتجميع «الماجنيت» التي تلصق على باب الثلاجة.
حب السينما
أكدت علياء جوهر انها من محبي السينما، وقالت: أعشق مشاهدة الأفلام، ومن الافلام التي لا أنساها، والذي حصل على أعلى تقييم من قبل النقاد فيلم «The Shawshank Redemption»، والذي تدور قصته عن عدم فقدان الأمل، وايضا فيلم «Scent of a Woman» لآل باتشينو.
ضغوطات وتنازلات
قالت علياء إن هناك ضغوطات تتعرض لها المذيعة. وأردفت: سأتحدث عن نفسي وليس بشكل عام، أرى أنني كمذيعة معرضة في أي وقت لتقديم تنازلات مرفوضة، وليس بالضرورة هنا ان تكون تنازلات تحمل طابعا أخلاقيا، إنما تنازلات عن مبادئ معينة أو أفكار ترتبط بها وجدانيا، كما أنني لاحظت من البعض تعمد تهميش المذيعة وعدم إعطائها أي فرصة لإبراز قدراتها الثقافية أو المعلوماتية، خاصة أنني بطبعي نشأت في عائلة تهتم بالثقافة والقراءة والاطلاع، كذلك هناك مناخ متوافر في بيتنا كي تبدي المرأة فيه رأيها بكل أريحية، بل وأحيانا يطلب مني إخفاء قدراتي الثقافية عن عمد