- عمل طفولي أبطاله الدمى من إخراج د. نبيل بهجت وتأليف مشترك مع الكاتبة هدى الشوا وإنتاج شركة طاقة للإنتاج الفني
أميرة عزام
amira3zzam@
في عمل طفولي جميل من اخراج د.نبيل بهجت وفكرة هدى الشوا، تم تقديم قصة الأميرة «جلنار» الخيالية مع «طائر النار» في عرض مسرحي مبهر يدور حول اميرة في زنجبار تقوم برحلة بحرية وعن طريق المصادفة تقودها الرحلة من افريقيا الى الكويت، لتعرض الكثير من المعلومات عن الرحلات البحرية وتراث الكويت البحري بشكل عام، مع استخدام مفردات من التراث لتعليم الأطفال مفاهيم مهمة مثل التخلص من الحلول السحرية.
يركز العرض على ان القوة والضعف في عقل الإنسان، وليس في البنيان الجسدي، من خلال قصة فتاة تقودها الأقدار لرحلة دون ان يكون مخططا لها، وتقع في صندوق ويحمل هذا الصندوق البحارة، وتعصف بها عاصفة شديدة لتجد الفتاة نفسها وحيدة على السفينة في ظروف صعبة فيقع على عاتقها عدد من المهام، المهمة الأولى مساعدة صديقها طائر النار الأسطوري ليتجاوز مخاوفه، والثانية ان تعثر على البحارة الذين فقدوا، والمهمة الثالثة المحافظة على السفينة.
ومن خلال التنقل في الرحلة تمر بجزيرة عجيبة ثم قاع البحر ثم البحر نفسه حتى الوصول الى مشارف مدينة الكويت، وهنا نكتشف معها عالم غرائبي كبير جدا لكنه مؤسس على عدد من القيم الأساسية، منها ان المعرفة تزيل الخوف وان علينا ان نسمع لغة الأشياء ونتأمل لأن كل شيء في الكون له لغته وله سره الذي يجب ان نتعلم منه، وعلينا ايضا ان نساعد كل من يحتاج الى مساعدة دون مقابل سواء كان إنسانا او طيرا، لكن بالفعل والإرادة لا بالسحر ولا الأوهام، وهذه هي الجملة التي يختتم بها العمل، للتأكيد على قدرة الفعل الإنساني في تجاوز الأزمات المستمرة التي تعصف بالإنسان وليست في الأساطير والخرافات.
وخلال عروض المسرحية في مركز الشيخ جابر الاحمد الثقافي (دار الاوبرا الكويتية) التي حضرها عدد كبير من الجمهور في مقدمتهم السفير المصري طارق القوني وحرمه، التقت «الأنباء» كاتب ومخرج مسرحية «جلنار وطائر النار» د. نبيل بهجت الذي قال: أتشرف بوجودي في الكويت لتقديم عمل مشترك مع شركة «طاقة للانتاج الفني» بقيادة الأستاذة هدى الشوا لعرض «جلنار وطائر النار» الذي قمت بإخراجه والاشتراك في كتابته معها، وايضا بكتابة أغانيه وأشعاره، هذا العمل الذي استمررنا في التجهيز له لمدة 24 شهرا تقريبا، وهو نتاج جهد كبير جدا سواء في مجال تصنيع الدمى أو في مجال صناعة كل مفردات هذا العمل الذي يقف عند بعض المفاهيم المهمة التي نحاول تقديمها للأطفال، لكن العنصر الأساسي الذي نتناوله فيه هو كيف أن تصبح الفتاة نموذجا، لأن كل تراثنا قام بتقديم البطل انه البطل الذكوري (سندباد ـ علاء الدين)، وحاولنا من خلال هذا العمل ان يكون لدينا نموذج مغاير للبطولة، نموذج للفتاة التي تقوم بمغامرة بمساعدة صديقها الطائر ليتحرر من خوفه، وايضا الفكرة الأساسية هي كيف نتحرر من مخاوفنا وتدريب الأطفال على تجاوز مخاوفهم الشخصية من خلال المحاولة، المعرفة، وترك الحلول السحرية ايضا التي تمتلئ بها قصص الأطفال، وسعادتي بهذا العمل لأنه اول عمل كويتي للعرائس يقدم في اوبرا الكويت، وفخور كوني مخرجه الذي يفتتح به باكورة انتاج الدمى في اوبرا الكويت.
وأضاف د.بهجت: نحن لا نعيش في الكون بمفردنا، لكننا نعيش بمصاحبة أشياء مختلفة، واظن ان هذه القيم من المهم جدا ان نكسبها للأطفال، واننا نتخلى في الكتابة للأطفال عن الأفكار السطحية، التوجيهية، لأنني مؤمن بأن عقلية الطفل شريك في العمل الإبداعي بما يصنعه في مخيلته من تفسيرات، انت فقط تطرح المعلومة وتطرح شكل المسرح لكن ما ينتج في عقل الطفل هو اروع وأفخم واكثر بهاء مما تقدمه له، لأن عقلية الطفل عقلية منتجة ومبدعة.
وعن أهمية دمج العرائس في اوبرا الكويت للمرة الأولى وعما اذا كانت تلك الأهمية نابعة من القصة فقط ولماذا العرائس تحديدا في هذا الوقت، وهل أطفال الجيل الحالي تلائمهم الدمى والعرائس كما الأطفال السابقين، أجاب: سعيد جدا بهذا العرض الافتتاحي لنشاط الدمى في «أوبرا الكويت»، ويعتبر افتتاحا لنشاط العرائس، وهو من انتاج كويتي (شركة طاقة) بالاشتراك مع كاتبة كبيرة داخل الكويت هدى الشوا، والحاصلة على جائزة الدولة بالكويت، كما سبق لها ان حصلت على جائزة الشيخ زايد، وهي مهمومة بالطفل بشكل عام، فأهمية هذا العرض انه «سبق» سيسجل التاريخ ان اول عرض دمى في اوبرا الكويت كان «جلنار وطائر النار»، وهنا تكمن أهمية العمل، اما بالنسبة للعرائس فهي وسيلة مهمة في التعامل مع الطفل لأنه يتقمص الشخصية بشكل كامل، وكذلك العرائس تختزل مساحات تلقي من جانب الطفل، بمعنى ان الدمى مرتبطة بوعي الإنسان منذ صغره، ومن السهل ان يتفاعل الطفل مع الدمى اكثر من تفاعله مع الممثل، وكلنا نعلم ان الدمى على مسرح الطفل لها حضور اكثر تأثيرا من الممثل في حد ذاته، كما ان اطفال الجيل الحالي تلائمهم الدمى كأطفال الأجيال السابقة، فلقد حدثت تطورات كبيرة واصبح طفل الآن مختلف عن طفل الماضي.
وحول مدى معالجة الاطفال لمثل هذه التطور حاليا، قال د.بهجت: اظن اننا من نطلق ونردد هذه المقولة تن طفل الآن مختلف عن طفل الماضي، واختلف مع هذا الحكم، لان طفل الآن لا يختلف عن الماضي، وطفل الآن في حاجة اكثر الى الدمى وفي حاجة اكثر الى التفاعل المباشر، لأن وسائل التواصل الاجتماعي والتي أسميها «وسائل اللا تواصل اجتماعي» عزلت الأطفال من خلال الشاشات الصغيرة داخل مفاهيم توحد ومفاهيم انعزالية، حتى داخل الاسرة الواحدة نجد ان الطفل لديه آي باد والأب لديه لاب توب والأم لديها موبايل والاخ والاخت كذلك، فانعزلوا تماما واتصلوا بمن هم خارجهم.
وتابع: مسرح العرائس فرصة لإعادة بناء التلقي المباشر مع الأطفال، وحينما سافرت الى اوروبا واميركا كان لدي نفس السؤال: هل سأنجح في تقديم عروضي في هذا المحيط الذي شغلته التكنولوجيا الحديثة؟ وأنا ليس لدي عداء مع وسائل التواصل الاجتماعي، ولكن ثبت ان لديها سلبيات كبيرة على النشء سواء كانت امراضا متعلقة بها او فرض حالة من الانعزالية، فالعرائس تعالج هذه السلبيات لأن هناك تواصلا وتفاعلا مباشرا، اتحادا وتوحدا مع الدمية، حتى لو الدمية أخطأت ففي النهاية هي دمية، مستدركا: هناك حالة تصالح في عروض الدمى، لأن عروض الدمى في النهاية تهدف الى استمرار الحياة والتصالح واستمرار التفاعل، فنحن ينقصنا الكثير في هذه الأيام من ممارسة هذه الطقوس مع أطفالنا لفرضية الانعزاليات.
وأردف: أوجه نداء حقيقيا لكل الأسر التي لديها أطفال «أنقذوا أطفالكم من بؤر التوحد مع الأجهزة الإلكترونية وادمجوهم في حالات تفاعلية مستمرة»، لأنني أتوقع أن بعد 20 عاما سيكون لدينا جيل مشوه بأمراض نفسية مختلفة تماما بأمراض عقلية مختلفة تماما، بأمراض بصرية مختلفة تماما، وسنحصد أثر هذا كله بأن أطفالنا ستكون كائنات غير قادرة على التواصل المباشر، تحيا في عوالم افتراضية، عرض الدمى مختلفة تماما عن كل هذا، فهي تقدم حالة من التفاعل المنفتحة مع الجمهور، لذلك كلما كانت المجتمعات أكثر ثراء مثل الكويت ودول الخليج فهي في حاجة حقيقية وماسة وتربوية للعودة الى عروض الدمى مرة أخرى، ولذلك عرض «جلنار» أظن أنه نجح هنا بالكويت، وكذلك سبق أن العرض الذي قدمته بالمدينة مع شركة «طاقة» نجح ايضا.
وعن الملحن الذي قام بتنفيذ ألحان العرض، قال د.نبيل بهجت: انه د.ألفريد جميل الذي قام بالتلحين وهو ثاني تعاون له معي ومع شركة «طاقة»، لأن العمل الذي قدم في المدينة كان من ألحانه ايضا، فالألحان مصطبغة بألحان شرق أفريقيا والثقافة البحرية للكويت، وبها تأثر من الفن الشعبي البحري الكويتي، فسنسمع النهمة مثلا، ولكن موضوع الألحان ليس نقل التراث الشعبي الكويتي بقدر التعبير عن درامية العمل المسرحي.
واختتم حديثه قائلا: «جلنار وطائر النار» هي باكورة انتاج الدمى في اوبرا الكويت، لذا أتقدم بالشكر لفريق العمل الذي بذل قصارى جهده كي يخرج العمل بالشكل اللائق، وللكاتبة المبدعة هدى الشوا التي شاركتني رؤية هذا العمل حتى تحقق، وكذلك شركة طاقة الإبداعية للإنتاج الفني.
القوني: عرض مبهر
حظي عرض مسرحية الدمى «جلنار وطائر النار» بإقبال جماهيري كبير، وذلك لما تضمنه العرض من رسائل هادفة ومهمة، وكان من الحضور السفير المصري طارق القوني وحرمه، حيث عبر القوني عن سعادته بما شاهده من حالة مسرحية متكاملة من حيث الإبهار، والعمل الجماعي بين فريق المسرحية ما انعكس إيجابيا على الحضور الذين استمتعوا بالقصة الجميلة.
فريق العمل
فرح الحجلى في دور جلنار ومصطفي عبد العزيز في دور الطائر وعلى ابوزيد في دور بلبل وفالين فخري في دور الحكيمة وَعَبَد الله الهويدي في دور الملك وبدر دشتي ومصطفي خير الله وعمر سرعاوي في دور البحارة، تصميم وصناعة الدمى: نورهان ترفاوي، تأليف موسيقي وألحان: الفريد جميل وغناء سارة رشاد وعدنان بالعيس، ديكور د. ابراهيم سلام وياسر بلاط.
الشوا: تجربة رائعة
قالت منتجة المسرحية الكاتبة هدى الشوا لـ«الأنباء» عما اذا كانت تنوي عرضها في مكان آخر: حقيقة كانت هذه التجربة رائعة في هذا المسرح الصغير الملائم جدا لمسرح الدمى، مسرح الاستديو في مركز الشيخ جابر الثقافي، وكان الحضور رائعا، وأتمنى أن يعاد هذا العرض في مراكز أخرى، لأن به ناحية تعليمية، فضلا عن كونه ترفيهيا وممتعا للأطفال، لذا الجمهور الأساسي هم طلاب المدارس، وأتمنى أن يحضر كل الطلاب للتعرف على ماضي الكويت عن طريق القصة المشوقة الممتعة التي ترويها الدمى.
وعن نيتها التعاون مع وزارة التربية مثلا لعرض المسرحية في أماكن أخرى، ردت: اعتقد ان هذه المسرحية يمكن ان تصل الى اي جمهور عربي في اي مكان، فهي تعكس تاريخ الكويت القديم بطريقة جميلة ومغايرة، وبالنسبة للتعاون مع وزارة التربية، فطبعا هذا من أهداف مؤسسة الطاقة الإبداعية التي أسستها لتقديم المحتوى النوعي التعليمي.