ياسر العيلة
هناك سؤال دائما ما يحاصرني وهو «هل للشهرة ثمن؟»، ويتبادر هذا السؤال إلى ذهني عند رؤية كثير ممن وهبهم الله شهرة في مجتمعاتهم، حيث عرفتهم الجماهير من خلال وسائل الإعلام المقروءة والمرئية ومواقع التواصل الاجتماعي سواء من المثقفين أو الصحافيين أو اللاعبين أو الفنانين أو المذيعين أو شعراء المحاورة ومشاهير «السوشيال ميديا» أو غيرهم، فكل هؤلاء جميعا عليهم واجبات كثيرة تجاه أفراد مجتمعهم.
فقبل سنوات، كانت تدور أخبار عن الحراك الإنساني والدور المجتمعي لفناني هوليوود ومشاهير الرياضة والأعمال، عبر وسائل الإعلام المختلفة، وتبرعاتهم للمحتاجين، كنت أتساءل: «أين مشاهيرنا وفنانونا من هذا الميدان الشاسع من أعمال البر الإنسانية؟».
معادن الناس
ومع المحن تظهر معادن الناس، تظهر المواقف النبيلة التي سيتحدث عنها العالم بعد انتهاء أزمة وباء «كورونا»، تلك الأزمة العالمية التي تضررت منها كل الدول، وهناك عدد كبير من نجوم الفن ونجوم الكرة في العديد من الدول العربية تسابقوا للمشاركة في مبادرات خيرية لمساعدة المتضررين من «كورونا»، ومن هذه المبادرات مبادرة «تحدي الخير» التي انطلقت فـــــي مصر لمساعدة الفقراء عـــن طريــــق التكفل بأسرهم في مواجهة الازمة، وتبارى المشاهير ولاعبو كرة القدم في مصر وعدد من الدول العربية مثل المغرب وتونس ولبنان في تقديم مساعدات مالية لتجاوز هذا الاختبار الصعب الذي تواجهه البشرية حاليا، وشاهدنا نجوما مثل وائل كفوري ومحمد رمضان وتامر حسني واللاعب المعتزل محمد ابوتريكة تبرعوا بمبالغ كبيرة للمحتاجين، بالإضافة الى قيام الكثيرين من الفنانين ولاعبي الكرة بالتكفل بنفقات معيشة الكثير من الأسر المحتاجة الى ان تمر هذه الأزمة على خير.
منبع الخير
وفي الكويت «منبع الخير دائما» ما يزال الكثير من الفنانين ومشاهير «السوشيال ميديا» المؤثرين وتحديدا «الفاشينستات»، يتقاعسون عن أداء هذا الدور الاجتماعي الخيري والتطوعي على الرغم من تضخم حساباتهم البنكية بشكل مخيف وفي فترة وجيزة، ودائما ما يتباهون بثرواتهم، والاستعراض بارتدائهم أغلى وأثمن المجوهرات «والتي كشفت كذب بعضهن بعد ان اتضح انها تقليد» والساعات والسيارات الفارهة، والتي يقدر ثمنها بملايين الدولارات، بالاضافة الى امتلاكهم لعدة منازل وقصور في بلدان ومناطق مختلفة «الله يزيد ويبارك».
وقبل «السوشيال ميديا» كان بعض هؤلاء المشاهير مجهولين معظمهم لا يكاد يقتات قوت يومه أو يستطيع اقتناء أي شيء بل لا يملك أي علم ولا معرفة حتى أصبح بعد متابعات الناس البسطاء له يركب السيارات الفارهة ولا يأكل إلا في المطاعم الراقية ولا يسافر إلا لدول أوروبية بعد أن كان لا يخرج إلا لأقرب حديقة عامة من منزله! وبعضهم يوصفون بأنهم ماديون، أو يجيدون «التطبيل» ولكنهم مكشوفون أمام الجمهور والمؤسسات العامة.
وأقول لهؤلاء مهما بلغ الإنسان من شأن في الرفاهية والتحضر، فلا قيمة لذلك دون الحس الإنساني، وعلى الرغم من ان الكويت وضعها الاقتصادي افضل بكثير من غيرها من البلاد والحمد لله فإن هذا لا يعني ان هناك الكثير من الأسر المتعففة التي تحتاج الى المساعدة المادية وأيضا هناك البسطاء الذين تضرروا من الحجر المنزلي وحظر التجول الجزئي وبحاجة ماسة الى المساعدة، وهذه رسالة عتب لكل المشاهير أيا كان مجالهم والذين يبخلون على أبناء مجتمعهم ويترفعون عن مشاركتهم ماديا، لذلك فمكانهم ما يزال في خانة المقصرين وعليهم ألا يتفاجأوا إذا وجدوا صفحة مساهماتهم التطوعية «بيضاء» لا تسر الناظرين!