بيروت - بولين فاضل
يوم آخر تكون لفيروز فيه الصدارة في التعليقات والتغريدات والتمنيات بعد الحدث الماكروني- الفيروزي في سبتمبر الفائت.
يوم آخر يكون فيه هاشتاغ فيروز عابرا للناس في كل مكان لأنها في يوم الواحد والعشرين من نوفمبر أكملت عامها الخامس والثمانين، وفي كل سنة تكبر نحبها أكثر من سنة على ما تقول أغنيتها «سنة عن سنة».
ولأن عيدها هو عيد الدني على ما أجمع مغردو مواقع التواصل الاجتماعي، ولأن في حياتنا لا مكان لفيروز بل كل المكان هو لفيروز وحدها على ما قال الشاعر الكبير الراحل أنسي الحاج، وهو الذي كان صديقا مقربا لفيروز، فيض من كلام الحب ملأ الصفحات والمواقع وهو حب حتى العشق والهوس برفيقة الصباح وجارة القمر وشاعرة الصوت والسفيرة الى النجوم وعصفورة الشرق.. والى كلام الحب صور لها من خبايا الأرشيف كصورة زفافها من عاصي الرحباني في العام 1955 وفيديوهات ومقاطع غنائية تستعيد أيام العز أيام لقاء فيروز على الخشبة بالمحبين وما أكثرهم في لبنان والعالم العربي والعالم بأسره.
فيروز وعلى ندرة أحاديثها للصحافة لم يفتها ذات يوم بعيد الحديث عن حب الناس لها، حيث قالت حينها: «حب الناس كبير أنا بعرف إنهم بحبوني بس مش هالقد، لدرجة إنهم ما تقبلوا موتي بمسرحية «جبال الصوان». بذكر، بالمشهد يللي إنقتلت فيه غربة، في ناس صرخت، يكسر إيديك، فيروز ما بتموت».
وفيروز التي يشتاق إليها عشاقها من دون التمكن من رؤيتها هي التي غنت فيما مضى «بشتقلك وما بقدر شوفك» كانوا حسدوا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على تحقيق أمنيته بزيارتها في منزلها وقضاء ساعة وربع الساعة في حضرتها، وقد شعر كما قال برهبة أن يقف أمام ديفا مثل فيروز وأن يرى جمالها وهذا السحر الذي تتمتع به وهذا الوضوح والوعي السياسي، معتبرا أن صوتها ليس قطعة أكسسوار في مثل هذه الأزمة اللبنانية حيث تحمل بشكل واقعي أو غير واقعي جزءا من لبنان الحلم.
وأضاف: «لن أتحدث عنها بالتأكيد لأنني أعتقد أن هذا هو جزء من الحلم والسر الذي تحيط نفسها به. هذا السر هو جزء من فيروز».
وإذا كان الرئيس ماكرون احترم خصوصية فيروز وعالمها ولم يدع أحدا يكشف تفصيلا عما دار في تلك الأمسية، فإن أسرار هذه السيدة الآسرة لن تكشف إلا على يدها بعدما تبين أنها تكتب مذكراتها أو سيرة حياتها باعتبارها الوحيدة التي تملك حق كتابة سيرتها على ما أكدت ابنتها ريما الرحباني في مقابلة أجراها معها أخيرا موقع النهار اللبناني تحدثت فيها عن فيروز «القوية والقادرة بإيمانها على هزيمة الخيبات وكأن إيمانها ساطع أكثر من الغضب الساطع».
كما تحدثت عن حب الناس لها الى حد التأليه واختزلت السر كله بشخصها ثم شخصها ثم شخصها، لأن هنا يكمن السر كله قائلة إن الكلام واللحن والتوزيع والمواضيع والنبل والعبقرية والموهبة والصوت أشياء مهمة بالطبع وجميلة ولكن لولا شخص فيروز لما كان حدث ما حدث، وهذا ما كان يعرفه عاصي الرحباني منذ البداية فأذاب الأخوان رحباني بفيروز لأن فيروز تختزن بصوتها عبر شخصها كل نبوغهما.
نعم، السر يكمن في هالة فيروز العاصية على فقه سرها والتي من يوم خرجت الى الدنيا «صار القمر أكبر» وحبة من صوتها «بكنوز الدني».