ما الذي يجعل فيلما يبقى في الذاكرة؟ ما الذي يحدد لنا درجة بقاء الفيلم على قائمة الأعمال القوية؟ في الكثير من الأوقات سيخبرك النقاد المثقفون ذوو النظارات السميكة والمكتبات الجدارية الضخمة بأن ذلك لا يمكن حصره، وأن عظمة الفيلم تنبع من عدة عناصر تتمثل في أسماء ومصطلحات أكاديمية معقدة، لكن في الحقيقة الأمر أبسط من ذلك بكثير.
السينما علم أكاديمي، لكن الفيلم ذاته خاضع لأبسط الأمور مثل: منطقية القصة الدرامية، الصراع، جودة الأداء، والتقنيات السمعية والبصرية الجيدة.
نحن سنأتي لك بأعظم 25 فيلما دون التحدث عن الأفلام الدارمية القديمة، أو الأفلام الأوروبية السايكودرامية.
من أهم أفلام السينما الكلاسيكية فيلم «ذهب مع الريح» الذي أنتج عام 1939 عن رواية مارغريت ميتشل الشهيرة والذي حصد عددا من جوائز الأوسكار، وكان من بطولة فيفيان لي وكلارك غيبل، وتدور أحداث قصته حول انعكاسات الحرب الأهلية الأميركية على المزارعين الجنوبيين، وصعود المجتمع الصناعي مع فرض قيم المنتصرين، وتحرير العبيد، وانهيار المجتمع الإقطاعي، وتأثير ذلك على الأفراد عبر قصص حب متشابكة محورها البطلة الجنوبية سكارليت أوهارا التي تحب أحد ورثة الإقطاع في الجنوب آشلي ويلكس الذي لا يبادلها الحب بدوره، لتتزوج من تشارلز هاملتون شقيق زوجة ويلكس ميلاني، لتبقى بالقرب من حبيبها، ومن ثم يظهر البطل المغامر ريت بتلر الذي يحب سكارليت، لكنها لا تفطن لذلك إلا في النهاية بعد أن يتركها رغم أنها تزوجته.
يبدأ الفيلم في مزرعة قطن تسمى تارا في ولاية جورجيا الأميركية عام 1861 عشية الحرب الأهلية الأميركية، حيث تظهر سكارليت أوهارا، الابنة الكبرى لمهاجر إيرلندي يدعى جيرالد أوهارا (مالك مزرعة تارا) مع أمها إيلين، وتبدو مستاءة جدا بسبب خطبة آشلي ويلكس قريبته ميلاني هاملتون.
في الحفلة الكبيرة تلتقي سكارليت البطل ريت بتلر (كلارك غيبل)، الذي تدور حوله الفضائح، ويتقرب منها، كما تدور نقاشات حول نتائج الحرب الأهلية، يقول فيها بتلر ان الحرب ستنتهي لمصلحة الشمال بسبب تقدمه الصناعي، وتقرر سكارليت أن تتزوج تشارلز هاملتون، شقيق ميلاني، لتبقى قريبة من آشلي.
يذهب آشلي وتشارلز إلى الحرب، ويبقى ريت بتلر ليعمل في التهريب.
يموت تشارلز هاملتون بالتهاب صدري فتصبح سكارليت أرملة، غير أنها تتصرف بما لا يلائم وضعها، ويظهر حين ذاك انجذاب ريت بتلر الشديد لها، كما يظهر معدنه الشجاع.
تضطر سكارليت إلى الهروب من مزرعتها إلى مدينة آمنة، فتستعين بريت ليساعدها، وتأخذ ميلاني وطفلها الذي ولدته قبل أن يرحلا إلى المدينة.
ويذهب ريت للانضمام إلى جيش الجنوب المنهزم فيقاتل ويأسره جنود الشمال، وتموت والدة سكارليت لتصبح مسؤولة عن أختيها وعن ميلاني زوجة آشلي فتعود بهم جميعا إلى تارا حيث يعانون الجوع، وتحاول اللجوء إلى ريت، لكنها تخدعه فيبتعد عنها، وتضطر للاعتماد على نفسها في إعالة الأسرة، والخدم، والعودة بالمزرعة إلى الحياة، خصوصا بعد وفاة والدها جيرالد أوهارا الذي عانى من خبال قبل ذلك بسبب تأثير الحرب المدمر على الجنوب.
تساعد ميلاني الجنود العائدين، وذات يوم يعود آشلي وتعود مشاعر سكارليت إلى حرارتها القديمة لكنها تتزوج فرانك كينيدي، حبيب أختها سوالين، طمعا في أعماله المزدهرة، وتصبح سيدة أعمال ذات شأن.
تتسبب سكارليت في مقتل زوجها الثاني كينيدي بعد خروجه مع آشلي ويلكس وآخرين لتأديب السود الذين حاولوا الاعتداء عليها عند عبورها منطقة خطيرة، حيث ينقذها عبد والدها السابق الشهير ببيغ سام، وتطاردهم الشرطة غير أن ريت بتلر يتدخل لإنقاذ من بقوا أحياء ويرسلهم إلى منزل صديقته سيئة السمعة بيل واتلنغ حفاظا عليهم من استجواب الشرطة، ولا تأبه سكارليت لمصير زوجها المتوفى حيث تواصل أعمالها بشكل متصل، وتواصل تعلقها بآشلي ويلكس فتعطيه عملا في ورشتها.
يكثر ريت بتلر من المجيء لزيارة سكارليت، ويحوم حولها، ثم يعترف لها في النهاية بحبه ويطلب منها أن تتزوجه، ويقيم معها في قصر كبير بناه لها، ويبدأ في تحسين صورته وسمعته بين الناس بالمساهمة في نشاطات المجتمع بشكل دائم، وتلد سكارليت له ابنة يسميها بوني بلو بتلر، ويستقيم تماما لأجل أن يكسب سمعة جيدة لابنته.
تستمر سكارليت في إهمالها الشديد لزوجها وابنتها، فيغادر بعد سنوات برفقة بوني إلى بريطانيا، لكنه يضطر إلى العودة فيما بعد بسبب شوق بوني إلى أمها، وتستقر الأمور بينهما، حيث يبدو أن علاقتهما في سبيلها إلى التحسن، غير أن سقوط بوني بلو من على حصانها وموتها بكسر عنقها (كما حدث لجدها جيرالد أوهارا) يصيب ريت بتلر بصدمة عنيفة تدفعه إلى ترك سكارليت.
تأتي ميلاني هاملتون لتعزية سكارليت وريت والإصلاح بينهما، غير أنها تسقط محتضرة وهي حامل، وتوصي سكارليت بالاعتناء بزوجها آشلي لأجلها، كما اعتنت بها من قبل لأجله، وحين تخرج سكارليت لرؤية آشلي تجده يبكي على ميلاني ويقول إنها كل شيء بالنسبة إليه، فتكتشف أخيرا أنها قضت حياتها في مطاردة وهم، وتكتشف أنها تحب ريت حقا، وأنها تريد بقاءه.
يرفض ريت البقاء، وحين تسأله: ماذا ستفعل؟ ومن سيهتم بها؟ يجيبها بأنه لا يأبه على الإطلاق ويغادر تاركا إياها منهارة على درج القصر الكبير، وبين دموعها الغزيرة تتذكر سكارليت كلام أبيها وريت وآشلي عن مزرعة تارا التي تملكها الآن، فتقرر العودة إليها والاستقرار فيها لتبدأ من جديد، ومن ثم تفكر في كيفية استعادة ريت، وتقول: غدا يوم آخر، لينتهي الفيلم بها واقفة في شموخ.