علينا الاعتراف بأن سلسلة أفلام «Saw» وصلت بالأداء الدرامي الى درجة من التمثيل منافية للعقل، فبعد سبعة أجزاء دموية من التعذيب النفسي والتعذيب الجسدي، يطل علينا فيلم «Jigsaw» الذي يعد الجزء الثامن من السلسلة بأحجيات جديدة في أماكن تصوير مختلفة، ففي هذا الجزء يقوم القاتل السايكوباتي بحبس مجموعتين من الأشخاص في مكانين منفصلين، مجموعة من الشباب في حظيرة، والمجموعة الأخرى من رجال الشرطة في اسطبل للخيول، وكالعادة يمرون باختبارات نفسية عليهم اجتيازها للنجاة بحياتهم من أن يقطعوا بالمناشير.
اعتدنا في سلسلة «Saw» أن نرى الضحايا يموتون تقطيعا بالمنشار ولذلك سمي الفيلم بـ «المنشار»، وتدور أحداث «Jigsaw» حول استمرار التحقيقات بظهور جثث غريبة، كل الأدلة تشير إلى مشتبه به واحد هو «جون كريمر» الذي مات جراء إصابته بالسرطان منذ عشرات السنين، وكان كريمر متمسكا بالحياة ومقدرا لمعناها.
نرى في هذا الجزء أنه أكثر انحرافا من الناحية النفسية، وتخطى بكل أحداثه المقززة حدود المعقول بالرغم من تصدره قائمة شباك التذاكر، وهنا نطرح تساؤلا: هل وصل الجمهور إلى هذا الحد من الانحراف النفسي لإنجاح هذا العمل المقزز؟ وللإجابة عن هذا السؤال لابد أن نراجع الأعمال السابقة.
علينا أولا التركيز على خلفية العمل وحبكته، حيث تحمل السلسلة حبكة قوية فلا يمكنك وضع قصة معينة وتربطها بالفيلم، ففي الجزء الأول كان موقع التصوير غالبا في مكان واحد وفي الأجزاء التالية توسعت أماكن التصوير وازدادت تعقيدا وفي الشخصيات أيضا، يعتمد الخط الدرامي في الفيلم على عرض المشاهد حسب تسلسل معين ولكن يبدأ من وسط الأحداث، ثم يبدأ بالرجوع إلى البداية وكيف تشكلت تلك الأحداث وذلك بطريقة ذكية محكمة جدا تعتمد على التشويق وعنصر المفاجأة.
إجمالا يمكن اعتبار قصة الفيلم عبارة عن اختبارات يقوم بها صاحب الشخصية الرئيسية والتي سميت في وسائل الإعلام بـ «Jigsaw» وتعني «منشار التخريم»، على أشخاص لا يعتقد أنهم يقدرون حياتهم جيدا ويعطونها الأهمية الكافية.
جون كريمر هو اسم الشخصية الرئيسية مصاب بمرض السرطان وقد بدأ العد التنازلي لموته، وهذه الفكرة نجدها في أغلب اختباراته على التفنن بتعذيب الأشخاص، والتي غالبا ما يرفقها بشريط فيديو وكذلك شريط صوتي وإشارات لدخولهم الاختبار الصحيح، واعتاد كريمر أن يبرز شعاره الخاص قائلا: «هناك العديد من الجاحدين بنعمة الحياة»، وهنا يشير إلى انه لا يقصد قتل هؤلاء الأشخاص إنما يعذبهم لجعلهم يدركون مدى أهمية الحياة التي يعيشونها لكن إن لم يتمكنوا من تجاوز الاختبار فسيموتون لأنهم لا يستحقون هذه الحياة - حسب رأيه - والجزء الثاني يقوم على اختبار فتاة تدعى أماندا، ولكنها تنجح في الاختبار وتنقذ نفسها، ثم يقوم بتبنيها وتصبح مساعدته وتقوم باختباراتها الشخصية على الناس كما تقوم بتصميم ألعابها وطرق التعذيب الخاصة بها، لكن لاحقا يكشف لنا جون كريمر أن أماندا كانت تهدف الى القتل أكثر مما تركز على هدفه وهو تقدير الحياة التي يعيشها الناس.
هذه باختصار الحبكة الدرامية في القصة بأكملها، إلا أننا نرى أن عمل جزء ثامن كان غير مبرر، خصوصا ان العمل لم يأت بجديد، ولكنه زاد من الاختبارات المعقدة ومن المشاهد الدموية التي تؤدي إلى إصابة المتفرج بالفزع، فبالرغم من الذكاء والفلسفة التي تعتمد عليها الاختبارات، إلا أن الفيلم يبعث على الاشمئزاز.
!SPOTLIGHT
توبين بيل.. منشار التخريم
توبين بيل هو ممثل أميركي، ولد في 7 أغسطس سنة 1942 بمدينة نيويورك درس الصحافة، ثم حصل على دكتوراه في العلوم البيئية من جامعة مونت كلير، بينما كانت بدايته مع التمثيل في بداية الثمانينيات، حيث شارك بدور ثانوي بفيلم «Tootsie» عام 1982، شارك بعدها بعدة أعمال بأدوار ثانوية أيضا، قبل أن يحصل على دور في فيلم «Mississippi Burning» عام 1988، والذي يعد بدايته الحقيقية لتتوالى بعدها أعماله، ومن أبرزها دوره في سلسلة أفلام الرعب «Saw»، ومن أهم أعماله ايضا «The Quick and the Dead» و«Manson Family Vacation» الا أن الناس يتذكرونه دائما بدوره في سلسلة أفلام «Saw»، حيث يعتبر النقاد أنه أعظم أداء له على الاطلاق، فقد استطاع توبين تخليد شخصية «جون كريمر» في ذاكرة السينما والجمهور بفلسفته الدموية.
عرف هذا النجم الكبير بلقب «Jigsaw» أو «منشار التخريم» بسبب سلسلة أفلام الرعب التي أصبح بيل جزءا منها سواء بظهوره أو عدمه فقد أصبح العمل وبطله متلاصقين.