فيلم «Predestination» واحد من الأفلام التي للأسف من الصعب إيجاده في مفضلات أي شخص، إلا انه فيلم متميز جدا، وأهم ما يميزه هو فكرته التي عبرت حاجز الجنون، ولكن الأهم من ذلك هو طريقة التنفيذ والتعبير عنها من خلال سيناريو وطريقة السرد التي كانت أكثر من رائعة، فالسيناريو هو الأساس الأهم في «Predestination» بالذات، بالإضافة إلى فكرته المجنونة، وإذا سألت نفسك هل كان يمكن لهذه القصة أن تسرد بصورة أخرى؟ ستظل تفكر لفترة حتى تجد أن ذلك تقريبا مستحيل، وان حاولت سرد الأحداث لنفسك أو لأحد الأصدقاء فلن تستطيع غالبا، فالفيلم ليس معقدا بالعكس فقد قدم حبكته بأبسط الطرق الممكنة وكانت النهاية واضحة ومفهومة تماما، ولكن النقطة الأهم كانت طريقة سرد هذا الفيلم والتي تذكرنا أحيانا ببعض طرق السرد في أفلام كريستوفر نولان التي تتلاعب بالزمن ليجعل من فيلمه تجربة أكثر إمتاعا.
يجعلك هذا العمل السينمائي في حالة دائمة من التيقظ وخاصة في النصف الثاني منه، حيث تتلاحق من فترة لأخرى صدمات تفاجئك في الحبكة بشكل ممتع جدا، حتى مفاجأة النهاية التي عندما تراها ستجد أن اكتشاف الأمر لم يكن بتلك الصعوبة.
من مميزات السيناريو أنه عندما تشاهد هذا الفيلم مرة ثانية وكانت كل أحداثه واضحة لك، بالطبع ستجد روعة الإخراج والأداء الممتاز من الممثلين بالإضافة للسرد الممتع والسيناريو المتميز وكذلك الحوار ومدى أهميته في فك اللغز وهو النقطة التالية.
حوار «Predestination» فوق أنه كان حقا رائعا ويلمس الإنسانية بداخل كل منا بشكل ذكي ويثير فكرك ويشغل عقلك في بعض الأمور أحيانا، كان أيضا ذكيا في أن يعطيك تلميحات طوال الطريق الى النهاية، لكنك لن تفهمه فهما كاملا الا في نهايته والمشهد الختامي الرائع.
يحتوي الفيلم على عدد يمكن وصفه بالقليل من الشخصيات وكذلك الممثلين ما جعل لهم فترة أطول على الشاشة وفرصة أكبر للإبداع والتميز، نبدأ بالحديث عن «سارة سنوك» التي كان لها الوقت الأطول على الشاشة والتحولات الكبرى في الشخصية وكان أداؤها رائعا ومعبرا بصدق عما بداخل الشخصية واستطاعت الإقناع، خاصة بحدوث تحول جذري للشخصية وهو ما يغير من طريقة الأداء والتعبير بالكامل وقد نجحت بهذا الاختبار بامتياز.
ونذهب الى الممثل الثاني والذي كان الأفضل في هذا الفيلم وهو «إيثان هوك» الذي قدم أداء يصعب على كلمة (رائع) وصفه أو أن تعبر عنه وربما أثناء المشاهدة لن تستوعب روعة الأداء بالكامل لعدم اكتمال جوانب الشخصية إلا في نهاية الفيلم.
الإخراج هو تلك الأداة المهمة التي تنقل إلينا صورة ما يحدث في السيناريو وكان لدى الأخوان سبيرج كل العوامل لإخراج فيلم متميز كما أوضحنا، ولم يضيعا الفرصة وقدما إخراجا رائعا ساعد هذه العناصر على الظهور بالشكل المتميز الذي خرجت به.
يضم «Predestination» بعض الأفكار الإبداعية التي لا يمكن نسبها لشخص بعينه مثل فكرة الفيلم بالطبع أو تأثير التنقل عبر الزمن أو شكل الجهاز نفسه وكذلك تأثير القفز عبر فجوات الزمن على الإنسان ولا بد من أخذ ذلك بالاعتبار.
في النهاية، يعتبر «Predestination» تحفة فنية أخرجها لنا الأخوان سبيريج وجسدها سارة سنوك وإيثان هوك وجميعهم أبدعوا.