من منطلق اهتمامها برصد الواقع الاقتصادي في الكويت، تصدر شركة «آراء للبحوث والاستشارات» مؤشرا شهريا لثقة المستهلك بالتعاون مع جريدة «الأنباء» وبرعاية شركة «لكزس»، حيث يعتبر مؤشر «ثقة المستهلك» المؤشر الوحيد الذي يقيس العوامل النفسية للمستهلك، مرتكزا على آراء الناس وتصوراتهم عن الوضع الاقتصادي الحالي والمستقبلي، وتوقعاتهم لأوضاعهم المالية. ويرتكز المؤشر على بحث أجري على عينة مؤلفة من 500 شخص، موزعة على المواطنين والمقيمين العرب في مختلف المحافظات، حيث يتم إجراؤه بواسطة الهاتف من خلال اتصالات عشوائية، وتمت مراعاة أن تكون العينة مماثلة للتركيبة السكانية في الكويت. وتستخلص نتائج كل مؤشر من المؤشرات الست بالاعتماد على إجابات أفراد العينة التي يحددها الاستبيان بـ «إيجابي» أو «سلبي» أو «حيادي»، ويتم تحديد نتائج المؤشرات في الشهر الأساس كمقياس للحالة النفسية للمستهلكين في الكويت، وهي تساوي 100 نقطة، وتكون هذه النقطة (الرقم 100) الحد الفاصل بين التفاؤل والتشاؤم لدى المستهلكين.
أصدرت شركة آراء للبحوث والاستشارات التسويقية مؤشرها لثقة المستهلك في الكويت لشهر ديسمبر 2020، بالتعاون مع «الأنباء» وبرعاية «لكزس»، حيث سجل المؤشر العام 99 نقطة بتراجع نقطة واحدة خلال شهر وبخسارة 5 نقاط مقارنة مع ديسمبر 2019، عاكسا بذلك المزاج العام للمستطلعين حيث حافظ على ثقتهم من جهة، مع تراجع بسيط لمعدلات 4 مؤشرات من أصل 6.
ويعتبر استقرار المؤشر العام الذي عبر عنه المستطلعون إنجازا كونهم يواجهون معادلة جائحة كورونا من جهة والأوضاع الاقتصادية والمالية من جهة أخرى، ويمكن طرح إشارات عابرة من تلك التداعيات:
1- الانكماش الاقتصادي أدى إلى تحويل الفوائض المالية إلى عجز.
2- تراجع تنفيذ مشاريع النفط والغاز بنسبة 37%.
3- مستوى الانكماش الاقتصادي، وجمود بعض القطاعات كالنقل الجوي، الظاهرة شملت كل الدول في العالم بما فيها الكويت.
هذا فضلا عن النفقات المباشرة لمواجهة الوباء ومعالجة المصابين وتقديم العون الاجتماعي للمحتاجين.
مؤشرات الاقتصاد
وفي خضم الظروف الاستثنائية الضاغطة، سجل مؤشر الوضع الاقتصادي الحالي معدلا بلغ 93 نقطة بتراجع 3 نقاط، كما سجل مؤشر الوضع الاقتصادي المتوقع مستقبلا 112 نقطة بخسارة نقطتين من رصيده السابق وبإضافة 13 نقطة مقارنة بشهر ديسمبر 2019.
وتشير هذه الأرقام إلى مستوى جيد من ثقة المستهلكين في النتائج المستقبلية وقد يكون نتيجة ارتفاع سعر النفط والتدابير التي قررتها منظمة أوپيك بالحفاظ على حجم الإنتاج الحالي، وإبداء الاستعداد لخفض إضافي عند الضرورة، فضلا عن إطلاق ورشة عالمية للقاح الوباء الذي من المفترض أن يؤدي الى تخفيض الانكماش الاقتصادي ورفع مستوى الطلب على النفط وارتفاع أسعاره بشكل متدرج.
وضمن هذه المناخات المالية والاقتصادية المتقلبة، برزت عدة وقائع في هذا السياق ومنها:
٭ التوقعات تشير الى أن النمو الاقتصادي الحقيقي للكويت لن ينطلق قبل بداية سنة 2022.
٭ انكماش نسبي لقطاع الإنشاءات، والأكثر أهمية انخفاض إيرادات المنتجات النفطية في الكويت خلال العام 2020 بحوالي 37.4%.
٭ من جهة أخرى أثبت المصارف الكويتية صلابتها، حيث سجلت بعض النمو للاحتياطي المالي وحجم الأصول ونسبة السيولة.
إن هذه المرحلة الحرجة تؤكد أهمية تضافر جميع المراجع والهيئات الرسمية، التشريعية منها والتنفيذية والإدارية، لمواجهة التداعيات بشكل موحد وصلب يؤمن استقرار الكويت ويضمن قدرتها على النهوض الاقتصادي والمالي.
اتساع الهوة بين مؤشري الدخل الفردي
سجل مؤشر الدخل الفردي الحالي معدلا بلغ 73 نقطة، هو أدنى مستوى منذ سنوات، متراجعا 4 نقاط مقارنة مع شهر نوفمبر، وفاقدا من رصيده السنوي 26 نقطة، بينما استقر معدل مؤشر الدخل الفردي المتوقع مستقبلا عند 106 نقاط لإحرازه نقطة واحدة إضافية خلال شهر وكذلك متراجعا نقطة واحدة على أساس سنوي.
وبالعودة إلى معطيات البحث، يتبين لنا اتساع هوة الثقة بين مؤشري المداخيل الفردية الحالية مقارنة بالمستقبلية، حيث بلغ الفرق 33 نقطة.
وهذا يكشف بعض المعاناة في أوساط العاملين في القطاع الخاص الذين تعرضوا للبطالة أو للبطالة الجزئية، نظرا لانكماش القطاعات الاقتصادية، وتقلص حاد لبعضها الآخر الذي فرض إغلاق بعض الشركات.
ومن الطبيعي أن انحسار الطلب على القوى العاملة يؤدي بحكم قانون العرض والطلب الى انخفاض أجور الوافدين وحتى بعض موظفي القطاع الخاص العاملين في ميادين مختلفة.
هذا الواقع فرض فارقا كبيرا بين مستوى الثقة للوضع الحالي وبين التوقعات المستقبلية علما بأن الكويت حافظت على القدرة الشرائية للدينار، ووقفت نسبة التضخم النقدي.
3 قضايا رئيسية بحاجة للاهتمام
بانتظار التغلب على الوباء، يتبقى 3 قضايا رئيسية تحتاج للمزيد من اهتمام المراجع المختصة، الأولى: إنتاجية القطاع العام الذي يعمل في مختلف مؤسساته ما يوازي 82% من مجمل القوى العاملة الوطنية، ولا بد من مراجعة جدية للقطاع خاصة بظل الظروف الضاغطة وأسعار النفط المتدنية.
وهذا يتطلب تشكيل شركات مشاركة بين القطاعين العام والخاص من أجل تنويع الاقتصاد، ورفع الموارد المالية، وتشجيع أو نقل عددا وافرا من العاملين حاليا في قطاع الدولة، للعمل في هذه الشركات.
أما الثانية: فهذا التوجه يساعد في رفع مستوى تكويت القوى العاملة وتنويع قطاعات عملها. والثالثة: تطوير وتنظيم أسس وشروط تنظيم عمل الوافدين.
تفاوت في مستوى الشراء
استقر معدل مؤشرات المنتجات المعمرة عند 113 نقطة بإضافة 4 نقاط خلال شهر، وبـ 5 نقاط تراجع سنوي.
ولكن البارز في أرقام البحث، هو التفاوت بين معدلات مختلف مكونات البحث، فعلى الصعيد المناطقي أضافت محافظة الأحمدي ومحافظة الجهراء 36 نقطة على التوالي لكل منهما، بينما تراجع معدل محافظة حولي 19 نقطة.
هذا التباين في المحافظات ظهر مع مختلف الفئات الاجتماعية والمناطقية المكونة للدراسة وللبحث، عاكسين بذلك المناخ العام المسيطر على نمط الشراء في مواجهة تداعيات الجائحة، بما يملي التأكيد بأن القدرة الشرائية بين شرائح القوى العاملة، متباينة فضلا عن تنوع الحالات النفسية عند المستطلعين.
انفراجات بالحركة الاقتصادية
سجل مؤشر آراء لفرص العمل المتوافرة في السوق حاليا 106 نقاط، بإضافة 4 نقاط خلال شهر وبخسارة 31 نقطة على أساس سنوي.
ومما لا شك فيه أن انتشار وباء كورونا خلال 2020 والذي لم يزل يتمدد في كافة دول العالم، شكل العامل الأساسي في الانكماش الاقتصادي العالمي وبالتالي الاضطرار الى مواجهة الانقطاع عن العمل كليا أو جزئيا.
هذه الظاهرة فرضت تداعياتها على العالم وأثرت سلبا على أسواق العمل ودوام حركة الإنتاج، وبالعودة إلى معطيات البحث تبرز تباينات في تقييم المستطلعين لمؤشر فرص العمل، فقد تراجع المعدل في أوساط المواطنين 9 نقاط، بينما ارتفع معدل المقيمين العرب 33 نقطة عاكسا بذلك بعض الانفراجات في الحركة الاقتصادية.