محمود عيسى
أجمع خبراء في شركة ستراتيجي اند الشرق الأوسط على ان الحكومات والشركات في دول مجلس التعاون الخليجي تركز على الاستدامة البيئية، لكن القطاع المالي لم يواكب هذا التطور حتى الآن.
وتحدث الخبراء عن التمويل الأخضر، حيث قالوا انه يمكن أن يساعد على تطوير الهيكل والآليات الصحيحة في إطلاق فرص استثمار هائلة في المنطقة تصل الى 2 تريليون دولار من النمو الاقتصادي بالإضافة الى أكثر من مليون وظيفة بحلول عام 2030.
وعلاوة على ذلك، فإن التمويل الأخضر، الذي يستهدف تحقيق النمو الاقتصادي مع الحد من التلوث وانبعاثات الغازات، ينظر في التأثير البيئي للاستثمارات إلى جانب العوائد المالية البحتة، يمكن أن تسرع أهداف المنطقة في التنويع الاقتصادي وخلق فرص العمل، وإذا تم تنظيمها بشكل صحيح، يمكن أن تجتذب الاستثمار الأجنبي.
وقال الخبراء انه من أجل تحويل هذه الفرصة الى حقيقة واقعة، يجب على حكومات دول مجلس التعاون الخليجي التركيز على مجموعة من الأولويات يتصدرها وضع وتفعيل سياسات الاستدامة التي أصبحت الأولوية المجتمعية الرئيسية في جميع أنحاء العالم، حيث لا تتخذ المؤسسات المالية الرئيسية اليوم قرارات الاستثمار إلا بعد دراسة المخاطر البيئية والاجتماعية والحوكمة ESG بعناية.
ويقوم أكبر مديري الأصول وشركات التأمين وبورصات الأوراق المالية في العالم بإعادة توجيه الموارد على نطاق واسع نحو الاستثمارات المستدامة، مع ما يترتب على ذلك من آثار عميقة على الحكومات والمستثمرين والشركات.
ويمكن ان يساعد هذا النوع من الاستثمار في معالجة الانخفاض الحاد في الاستثمار الأجنبي المباشر الذي شهدته المنطقة مؤخرا. في العقود السابقة، كان بإمكان دول مجلس التعاون الخليجي جذب المستثمرين الأجانب الباحثين عن الهيدروكربونات منخفضة التكلفة لقطاعات مثل البتروكيماويات والتكرير. ومع زيادة التدقيق في المخاطر البيئية والمجتمعية والحوكمة ESG، تراجعت شهية المستثمرين لهذه الصناعات بشكل متناسب، ما أدى إلى انخفاض في الاستثمار الأجنبي المباشر. وبحسب البنك الدولي، فإنه يقاس كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي، فقد انخفض هذا الاستثمار في دول مجلس التعاون الخليجي بنحو 40 ضعفا على مدار العقد الماضي.
ولتعويض ذلك يمكن على دول مجلس التعاون الخليجي الاستفادة من ميزتها التنافسية الجديدة - وهي الموارد المتجددة منخفضة التكلفة للغاية. وطبقا لأرقام الوكالة الدولية للطاقة المتجددة ووكالة الطاقة الدولية، فان تكلفة إنتاج الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والهيدروجين الأخضر أرخص بمقدار 2.5 إلى 3 مرات في دول التعاون مقارنة بالمتوسطات العالمية.
وقد تكون المشاريع التقليدية القائمة على الهيدروكربونات في المنطقة أقل جاذبية من حيث جذب التمويل الأخضر، ولكن الفرص الناشئة في مجال الطاقة المتجددة واحتجاز الكربون والاستفادة منه مطلوبة بشكل كبير، ومن الأولويات الأخرى إنشاء هيئة استثمار خضراء جديدة، مع تحديد فوائد الاستثمار الأخضر من حيث التنويع الاقتصادي والنمو.
وحدد الخبراء 6 قطاعات رئيسية غير نفطية في دول مجلس التعاون الخليجي هي قطاعات الطاقة، والمياه، والبناء، سهولة التنقل، والغذاء، وأخيرا إدارة النفايات. وقدروا أن تصل مساهمة الناتج المحلي الإجمالي التراكمي لهذه القطاعات إلى 2 تريليون دولار حتى 2030. ومع التوسع في هذه القطاعات يمكن أن تضيف أكثر من مليون وظيفة بحلول عام 2030.