قال تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني إن أسعار المستهلك في الولايات المتحدة سجلت أعلى معدل نمو في 12 شهرا منذ عام 1982، مما أضعف القوة الشرائية للأميركيين ومهد الطريق لمجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي لبدء رفع أسعار الفائدة في مارس المقبل.
وارتفع مؤشر أسعار المستهلكين بنسبة 7% في عام 2021، مسجلا أكبر مكاسب سنوية منذ 39 عاما، وعلى أساس شهري، ارتفعت قراءة المؤشر أعلى من التوقعات وبنسبة 0.5% مقارنة بمستويات نوفمبر.
أما معدل التضخم الأساسي الذي يستثني أسعار المواد الغذائية والطاقة المتقلبة، شهد أيضا نموا أعلى من المتوقع وبنسبة 0.6% على اساس شهري وبنسبة 5.5% على أساس سنوي. وتمثل وتيرة نمو التضخم الأساسي السنوي أعلى معدل نمو منذ عام 1991.
وتعزى الزيادة في مؤشر أسعار المستهلكين إلى حد كبير إلى ارتفاع أسعار السكن والغذاء والسيارات المستعملة. فيما تراجعت أسعار الطاقة الشهر الماضي بعد أن كانت المحرك الرئيسي للتضخم خلال معظم عام 2021.
رفع الفائدة
وتعزز بيانات التضخم الأخيرة من التوقعات بأن الفيدرالي الأميركي سيبدأ رفع أسعار الفائدة في مارس المقبل، وستعكس تلك الخطوة تعديلا حادا في السياسات المتبعة مقارنة بالجدول الزمني الذي وضعه الفيدرالي قبل بضعة أشهر فقط، مما يثبت استمرار ارتفاع التضخم في ظل وصول الطلب على السلع إلى مستويات قياسية، إلى جانب قيود العمالة وعدم توافر المواد الخام.
من جهة أخرى، تراجع معدل البطالة تحت مستوى 4%، مما أفسح المجال أمام بعض واضعي السياسات للتعبير عن آرائهم للبدء في تقليص الميزانية العمومية الفيدرالية بعد رفع أسعار الفائدة بوقت قصير.
أما على صعيد المهمة المزدوجة لمجلس الاحتياطي الفيدرالي ـ التضخم والتوظيف ـ يبدو البنك المركزي في طريقه لرفع أسعار الفائدة في مارس.
وشهدنا مؤخرا قيام الأسواق بتسعير إمكانية رفع سعر الفائدة بمقدار 0.25 نقطة أساس في مارس بنسبة 84%، أي دون تغيير يذكر إلى حد كبير بعد صدور تقرير مؤشر أسعار المستهلكين.
ومستقبليا، فإنه على الرغم من أن ظهور سلالة أوميكرون المتحورة قد يعطل سلاسل التوريد الهشة بالفعل في ظل انتشاره الذي سيمنع الموظفين من الذهاب إلى العمل، إلا أنه من المتوقع أن يكون التأثير مؤقتا.
وعلى مدار هذا العام، يتوقع الاقتصاديون أن يتراجع نمو مؤشر أسعار المستهلكين إلى نحو 3% مع عودة سلاسل التوريد إلى وضعها الطبيعي وانخفاض أسعار الطاقة.
إلا أن هناك بعض العوامل التي تزيد من مخاطر ارتفاع معدلات التضخم بما في ذلك تكاليف السكن، والنمو القوي للأجور، وربما موجات من تفشي فيروس كوفيد-19.
مؤشر أسعار المنتجين
وفي ذات الوقت، قدمت البيانات الخاصة بأسعار المنتجين إشارات تدل على استقرار معدلات التضخم نظرا لصدور بيانات أقل من التوقعات. إذ ارتفع مؤشر أسعار المنتجين بنسبة 0.2% على أساس شهري بعد ارتفاعه بنسبة 1% في نوفمبر وتسجيله لمعدل نمو سنوي بنسبة 9.7%.
من جهة أخرى، ارتفع المعدل الأساسي الذي يستثني أسعار المواد الغذائية والطاقة المتقلبة بنسبة 0.5% على أساس شهري وبنسبة 8.3% على أساس سنوي.
وتكشف التقارير المختلطة عن ارتفاع معدل التضخم بصفة عامة، إلا أن ضغوط الأسعار الأساسية معتدلة. وعلى الرغم من ذلك، ما يزال المنتجون يواجهون نقص المواد الخام، وقلة العمالة، واختناقات النقل.
انخفاض مبيعات التجزئة
تراجعت مبيعات التجزئة الأميركية بنسبة 1.9% في ديسمبر مقابل توقعات بانخفاضها بنسبة 0.1% مع ارتفاع حالات الإصابة بأوميكرون ووصول معدلات التضخم إلى مستويات قياسية.
وتمثل تلك القراءة أيضا تسجيل أول انكماش شهري للمبيعات منذ يوليو 2021.
ومع ذلك، كانت هناك عدة عوامل ساهمت في هذا التباطؤ مثل ارتفاع حالات الإصابة بالفيروس، وعدم تلقي المتسوقين نفس الدعم التحفيزي إلى جانب ارتفاع الأسعار، والقيام بالتسوق لفترة الأعياد في وقت أبكر من العام الماضي نظرا للتحذيرات من تأخير عمليات الشحن.
التضخم في أوروبا
في أوروبا، أكدت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد يوم الجمعة التزام البنك المركزي بتحقيق استقرار الأسعار. حيث أشارت لاغارد إلى أنه من المتوقع أن تتراجع العوامل المحركة لزيادة معدلات التضخم خلال عام 2022، مضيفة أن البنك المركزي الأوروبي سيتخذ أي تدابير ضرورية لضمان تحقيق مستوى التضخم المستهدف البالغ 2.0% على المدى المتوسط، وأنه ما تزال هناك حاجة إلى التكيف النقدي للوصول الى ذلك الهدف.
وعلى الرغم من ثقة البنك المركزي من تراجع معدلات التضخم هذا العام، إلا أن نمو الأسعار وصل إلى 5% الشهر الماضي ـ أي أكثر من ضعف المستوى المستهدف البالغ 2%.
وصرحت لاغارد يوم الجمعة قائلة: «نحن نتفهم أن ارتفاع الأسعار مصدر قلق لكثير من الناس، ونحن نأخذ هذا القلق على محمل الجد».