من منطلق اهتمامها برصد الواقع الاقتصادي في الكويت، تصدر شركة «آراء للبحوث والاستشارات» مؤشرا شهريا لثقة المستهلك بالتعاون مع جريدة «الأنباء» وبرعاية شركة «لكزس»، حيث يعتبر مؤشر «ثقة المستهلك» المؤشر الوحيد الذي يقيس العوامل النفسية للمستهلك، مرتكزا على آراء الناس وتصوراتهم عن الوضع الاقتصادي الحالي والمستقبلي، وتوقعاتهم لأوضاعهم المالية.
ويرتكز المؤشر على بحث أجري على عينة مؤلفة من 500 شخص، موزعة على المواطنين والمقيمين العرب في مختلف المحافظات، حيث يتم إجراؤه بواسطة الهاتف من خلال اتصالات عشوائية، وتمت مراعاة أن تكون العينة مماثلة للتركيبة السكانية في الكويت.
وتستخلص نتائج كل مؤشر من المؤشرات الست بالاعتماد على إجابات أفراد العينة التي يحددها الاستبيان بـ «إيجابي» أو «سلبي» أو «حيادي»، ويتم تحديد نتائج المؤشرات في الشهر الأساس كمقياس للحالة النفسية للمستهلكين في الكويت، وهي تساوي 100 نقطة، وتكون هذه النقطة (الرقم 100) الحد الفاصل بين التفاؤل والتشاؤم لدى المستهلكين.
أصدرت شركة آراء للبحوث والاستشارات التسويقية مؤشرها لثقة المستهلك في الكويت لشهر ابريل 2022 بالتعاون مع جريدة «الأنباء» ورعاية «لكزس».
وأظهر المؤشر تعزيز ثقة المستهلك في الكويت خلال مرحلة يواجه خلالها العالم صراع جيوسياسي وتوترات اقتصاديه ومالية شديدة الخطورة.
وجاء ضمن المؤشر «ساهمت عوامل خارجية، أهمها الارتفاع في أسعار النفط والغاز مع توقعات بالمزيد من الارتفاع» ومجموعة من العوامل الداخلية على مختلف الأصعدة النقدية والمالية والاقتصادية التي ارست الطمأنينة عند المستهلكين الذين عززوا مستوى ثقتهم بشكل مغاير لمعظم دول العالم، حيث تنتشر مشاعر القلق وعدم الاستقرار في بعضها، كبعض الدول الافريقية والآسيوية التي تفتقر إلى الأمن الغذائي.
وتشير نتائج البحث الميدانية الى ان أربع مؤشرات من المؤشرات الست المكونة منها الدراسة رفعت مستويات معدلاتها لثقة المستهلك، واستقر مؤشر واحد عند معدله الشهري السابق، بينما تراجع معدل مؤشر توقعات الدخل الفردي في المستقبل نقطة واحدة خلال شهر.
وسجل معدل المؤشر العام 111 نقطة باكتساب خمس نقاط اضافية على أساس شهري ومضيفا 16 نقطة على أساس سنوي.
وتضافرت مجموعة من العوامل الإيجابية الداخلية التي ساهمت في رفع مستوى ثقة المستطلعين، وتساهم بضمان الاستقرار ونشر مناخ الثقة بين المواطنين والمقيمين، ومنها ما يلي:
1 ـ ارتفاع أسعار النفط التي تراوحت بين 100 و112 دولارا للبرميل، خلال شهر ابريل، وشكل المرتكز الرئيسي لضمان الاستقرار النقدي والمالي والاقتصادي والاجتماعي في الكويت وكافة الدول المصدرة للنفط والغاز.
2 ـ حققت الميزانية العام إنجازا تجلى بتجاوز مرحلة عجز الموازنة منذ العام 2014 وسجلت فائضا مهما.
3 ـ توقع صندوق النقد الدولي ارتفاع مستوى النمو الاقتصادي في الكويت خلال السنة الحالية بنسبة 8.2%.
4 ـ مع الإشارة إلى تعزيز القدرات المالية الكويتية والتطور الاقتصادي المحقق وتأثيره الإيجابي لمسار قدرات المصارف، والتي بدورها تعود لتقوية الاقتصاد الوطني وامداده بالسيولة الكافية لضمان تطويره ورفع مستويات النمو الاقتصادي والدخل الوطني.
في سياق متصل، برز تباين على الصعيد المناطقي، بحيث رفعت مكونات البحث في أربع محافظات معدلها للمؤشر العام بين 13 نقطة كحد اقصى ونقطة واحدة كحد أدنى، بينما تراجع معدل العاصمة 3 نقاط ومعدل محافظة مبارك الكبير 19 نقطة خلال شهر، وارتفع معدل مؤشر الوضع الاقتصادي 18 نقطة خلال سنة، وسجل المؤشر الحالي 102 نقطة بإضافة 4 نقاط مقارنة بشهر مارس المنصرم و18 نقطة على أساس سنوي.
وذكر المؤشر ان ظاهرة ارتفاع ثقة المستطلعين بالأوضاع الاقتصادية جلية وذلك على الرغم من الخسائر المباشرة وغير المباشرة والنفقات الباهظة التي فرضها انتشار وباء كورونا، بالإضافة الى التوتر العسكري والتجاري والسياسي والضغط على مستويات الحركة التجارية العالمية، وما نتج عن هذا الصراع من انكماش لنمو الاقتصاد العالمي ومن تعثر الحركة التجارية وتخفيض قيم النقد في الكثير من البلدان.
وعلى الرغم من كل القضايا السلبية الضاغطة والمتداخلة، فإن ثقة المستهلكين في الكويت بالأوضاع الاقتصادية لم تزل تسجل العديد من النقاط، وهذه الثقة لم تأت من الفراغ، بل تستند على جملة من الانجازات والعوامل الإيجابية ومنها أن الطلب على الطاقة وارتفاع أسعارها التي تجاوزت 119 دولارا للبرميل احيانا،على الرغم من القرار الذي اتخذته منظمة أوپيك برفع الانتاج اليومي للنفط بمقدار 432 ألف برميل.
يأتي ذلك إلى جانب المكاسب القياسية التي تسجلها بورصة الكويت والتي تجاوزت 6.5 مليار دولار خلال 3 أشهر، مع ارتفاعات ملحوظة للتداولات، وضمن هذه المناخات الداخلية المشجعة، تباينت المعدلات الممنوحة لهذا المؤشر مع الاشارة الى تراجع ملحوظ بمعدل العاصمة التي اكتفت بتسجيل 97 نقطة بخسارة 15 نقطة خلال شهر. كذلك انخفض المعدل في محافظة مبارك الكبير 16 نقطة.
أما بالنسبة للوضع الاقتصادي المتوقع مستقبلا، قد راوح المعدل واستقر على نفس المستوى المسجل في شهر مارس والبالغ 105 نقاط، بحيث تعادلت الأسباب السلبية في قناعات المستهلكين المتأتية من التوتر الآني العالمي وتداعياته السلبية على كل الصعد الأمنية والاقتصادية والمالية مقابل العوامل الإيجابية السالفة الذكر حول الاوضاع الايجابية في الداخل الكويتي، وهذه المعادلة ارست مناخا متوازنا في نفسية المستهلكين بانتظار التطورات القادمة.
تجدر الإشارة إلى التراجع الحاد لثقة الفئة المكونة للمستطلعين في العاصمة، بحيث تراجع المعدل لديهم 43 نقطة خلال شهر، تراجع ملحوظ لابد من متابعة مساره ومحاولة كشف أسبابه إذا استمر ولم يكن عابرا.
وذكر المؤشر أن القطاع الخاص يجذب العمالة الوطنية، حيث ارتفع معدل مؤشر فرص العمل المتوفرة في السوق إلى 157 نقطة بإضافة 14 نقطة خلال شهر وقافزا بنسبة 52 نقطة على أساس سنوي، وهذه الأرقام تؤكد مدى ارتفاع الطلب على العمالة عامة وعلى بعض الوظائف في القطاع الخاص، حيث أكدت المعطيات أن بعض الميادين في القطاع الخاص تجذب العديد من المواطنين والمواطنات للعمل، مما يؤكد نجاح سياسة تشجيع المواطنين للانخراط خارج إطار القطاع الحكومي.
ومن المتوقع ارتفاع وتيرة عمل المواطنين والمواطنات في القطاع الخاص في المستقبل أكان بصفة موظفين او بتكوين مؤسسات صغيرة ومتوسطة، وكنموذج فإنه خلال 2021 تضاعف عدد المواطنين العاملين في قطاع المطاعم 23 مرة وزاد عددهم 41 ألفا خلال عام واحد، وغادر سوق العمل خلال العام 2021 حوالي 134 ألف وافد وتراجع عدد العمالة الوافدة الى 1.450 مليون مقارنة بـ 1.580 مليون في أواخر 2020، مع الاشارة الى ان حجم العمالة الوطنية في القطاع الحكومي بلغ 447.6 الف عامل وعاملة.
وبلغ إجمالي عدد العمالة في الكويت في نهاية 2021 حوالي 1.88 مليون شخص وهذه المعطيات ذات دلالة مهمة تشير الى بداية إعادة التوازن لعمل المواطنين بين القطاعين الحكومي والخاص، وكذلك انخراط العمالة الوطنية بالعمل في ميادين جديدة لذوي المهن المتنوعة لاسيما ذوي المستوى العلمي والمهني المرتفع.
3 عوامل رفعت ثقة المستهلك
ذكر المؤشر أن ثقة المستهلك في الكويت ارتفعت بفعل ثلاث عوامل رئيسية:
1 ـ مستوى الرواتب والأجور في الكويت الذي يعتبر من المستويات العالية عالميا، فضلا عن دعم المواد الغذائية وبعض السلع.
2 ـ ضبط مستوى التضخم النقدي في الكويت ضمن أدنى المستويات حاليا مما حافظ على القدرة الشرائية للدينار.
3 ـ التطور المالي والاقتصادي الكويتي الذي برز في تخطي العجز في الموازنة، وبدا واضحا في الانجازات والمكاسب المحققة في البورصة، بالإضافة إلى انتعاش مجموعة من القطاعات الاقتصادية.