عمر راشد
بين استمرار وتيرة «السقوط الحر» وتراجع القيمة السوقية وغياب الثقة جاءت انطباعات المشاركين في الاستبيان الذي أجرته «الأنباء» من خلال 4 محاور رئيسية على أكثر من 200 عينة شملت عددا كبيرا من المتداولين ورجال الأعمال في مختلف قطاعات السوق.
وقد عكست المحاور الأربعة، إلى حد ما، أبرز العوامل المؤثرة في أداء السوق خلال المرحلة المقبلة والتي غلب عليها الطابع التشاؤمي أكثر من الطابع التفاؤلي فيما يتعلق بتوقعات تعافي السوق خلال النصف الثاني من العام الحالي والأسباب الحقيقة وراء تراجع السوق والمسؤولية وراء تراجعات الأداء في النصف الأول.
وكان لغياب الجهات الحكومية في إبداء رد فعل مناسب من وجهة نظر المتداولين والمستثمرين السبب الأكبر في تعاطي المستثمرين لأداء السوق الذي بات مستقبله أكثر غموضا مع استمرار تفاعل المتعاملين فيه مع عوامل انعدام الثقة أكثر من أي عوامل أخرى.
التراجع سيد الموقف
وفقا لتوقعات المشاركين حول السؤال الأول للاستبيان بشأن اتجاه السوق للتعافي في النصف الثاني من العام الحالي، رأى 80% ممن شملهم الاستطلاع أنه في ظل استمرار عوامل انعدام الثقة وتردد الجهات الحكومية في ضخ سيولة بالسوق ومع استمرار الضغوط التي يواجهها القطاع البنكي وكذلك قطاعا الاستثمار والخدمات، فإن السوق مقبل على مزيد من التراجع خاصة مع التردد الحكومي في اتخاذ خطوات فعالة لإنقاذ السوق من عثرته الحالية.
وفيما أبدى 10% ثقتهم بعودة السوق إلى اللون الأخضر مجددا واكتساب عوامل دعم جديدة، لم توضح نسبة الـ 10% المتبقية موقفها من أداء السوق موضحين أن المسار الهابط للسوق بات قدره الوحيد.
وعلى الرغم من سيادة أجواء التشاؤم التي سادت أوساط المتداولين، إلا أن التعلق بمبادرات إيجابية قد تطلقها الحكومة في النصف الثاني من تنفيذ مشروعات عملاقة تعزز وضع السيولة وتقود قاطرة النمو مجددا احدى أهم آليات التفاؤل لدى الكثير من المتداولين.
وبين صمت الجهات الحكومية المستثمرة في السوق إزاء التراجعات العنيفة لمؤشراته التي استهل بها أول أيام تداولات النصف الثاني من العام الحالي وتوقع تراجعات أرباح الشركات في النصف الأول وغياب السيولة والتخوف من نتائج الشركات القيادية وكذلك غياب محفزات السوق التي قد تعزز الاتجاه التفاؤلي لدى المتداولين جاءت إجابات المشاركين عن السؤال الثاني حول أسباب تراجع السوق في النصف الأول من العام الحالي.
الجهات الحكومية مسؤول رئيسي عن تراجع السوق «العنيف»
فقد حمل 40% من المشاركين الجهات الحكومية مسؤولية ما يحدث في السوق، مشيرين إلى أن هناك تعمدا واضحا من قبل البعض في ترك السوق يسقط دون تقديم الدعم له، وأرجع 30% التراجع لغياب السيولة التي تساعد على اتخاذ قرار المخاطرة بالشراء موضحين أن الرغبة في امتلاك السيولة والابتعاد عن الاستثمار في السوق بات هدفا للكثير من المتداولين.
وجاءت العوامل النفسية وانعدام الثقة في أداء السوق في الترتيب الثالث بين أبرز الأسباب التي ساهمت في تخلي السوق عن كل مكاسبه منذ بداية العام.
وفيما أشار 15% إلى أن ما يحدث في السوق أمر «طبيعي» ورد فعل «منطقي» في ظل الوضع الاقتصادي الذي يعاني من غياب الإرادتين التشريعية والتنفيذية على التعامل الجاد مع الملفات التنموية العالقة، رأى 10% من المستجوبين أن عدم استجابة السوق للمحفزات التي واكبت أداءه في الربع الأول من إعلان الانتهاء من إتمام بيع أصول زين في أفريقيا وكذلك صدور تشريعات مهمة مثل قانون هيئة أسواق المال حيث تفاعل السوق سلبا مع الأخبار الخارجية السلبية والتي حملتها أزمة الديون السيادية في أوروبا إضافة إلى التقلب العنيف الذي واكب أداء أسواق المال الخارجية خلال النصف الثاني من العام الحالي، وامتنع 5% من المستجوبين عن الإدلاء بأجوبتهم، معللين ذلك بأنه «لا جدوى من التعليق».
خروج شركات من السوق «طبيعي»
وفي السؤال الثالث حول التوقع بخروج شركات من حلبة المنافسة على خلفية حالة التعثر «الشديدة» التي تواجه الكثير من الشركات على خلفية التزاماتها «القصيرة الأجل» مقابل استثماراتها «طويلة الأجل»، أوضح 50% من المستجوبين أن هذا أمر «طبيعي» موضحين أن الانفلات الائتماني وقرارات مجالس إدارات تلك الشركات كانت المسؤولة وراء ضياع مدخرات المساهمين.
ورأى 20% من المستجوبين أن السوق بحاجة إلى «فلترة» حقيقية تكون على أساس واضح ومعايير سليمة وألا تكون مجحفة بحق المجتهدين من أصحاب الشركات الذين حاولوا تصحيح أوضاعهم منذ بدايات الأزمة المالية.
وفيما رأى 15% من المشاركين أن هناك شركات استثمارية وعقارية تستحق السقوط منذ فترة بعيدة، أوضح الـ 15% المتبقية أن إطلاق أحكام إفلاس الشركات وخروجها من حلبة المنافسة يجب أن يراعي خصوصية بيئة الأعمال الكويتية التي تفضل وجود شركات «ورقية» ذات هياكل فارغة عن الاعتراف بسقوطها وذلك تحت مسمى «الوجاهة الاجتماعية» حيث إعلان الإفلاس عيب لا يمكن السماح به.
40% من التراجع سببه الأخبار الكاذبة
وفي السؤال الرابع حول المسؤولين عن تراجعات السوق الحادة في النصف الأول، أوضح 40% من المستجوبين أن السبب وراء التراجع العنيف للسوق يعود بشكل رئيسي إلى الأخبار الكاذبة الصادرة عن الإعلام أو على لسان مسؤولي الشركات حيث كانت السبب الحقيقي وراء تضليل المساهمين واحتراق مدخراتهم، فيما حمل 30% من المستجوبين الجهات الرقابية مسؤولية التراجع الحاد بنسبة لا تقل عن 90% مشيرين إلى أن التحيز في التعامل من قبل إدارة السوق مع بعض الشركات دون أخرى كانت وراء تذبذب الأداء لبعض الأسهم وهو ما هوى بالأسهم دون مستويات أسعارها الحقيقية وجاء التشدد الائتماني غير المبرر «أحيانا» من قبل البنوك المحلية ضمن أبرز الأسباب وراء التراجع الحاد الذي يعانيه السوق، حيث أرجع 10% من المستجوبين التراجع العنيف للسوق إلى التشدد الائتماني للبنوك المحلية والتي تزيد من ضغوطها على الشركات المحلية الراغبة في تحسين وضع السيولة لديها للبدء في تنفيذ مشروعات جديدة تمكنها من سداد التزاماتها واستمرارها في العمل لمدة أطول.
وفيما رأى 10% في التأزيم المستمر بين السلطتين التشريعية والتنفيذية سببا رئيسيا وراء التراجع الحاد الذي يعانيه السوق والذي يتقلب صعودا وهبوطا وفقا لحالة العلاقة بين الطرفين، أوضح 5% من المستجوبين أن سلوكيات بعض المجاميع الاستثمارية المضاربية كانت وراء الغياب الواضح للمستثمر طويل الأجل على حساب صغار المستثمرين الذين يتحركون وفق رغبة من يدير أداء تلك المجاميع تحت بصر وسمع إدارة السوق والتي لم تحرك «كالعادة» ساكنا تجاه تلك التداولات.
وأوضح 5% من المتداولين أن هناك مسؤولية حكومية واضحة في عدم التدخل بشكل مهني لعلاج الضعف الذي يعانيه السوق، لافتين الى أن هناك الكثير من الشركات يمكن الاستثمار فيها عبر الدخول بشكل مهني يعزز من ربحية المال العام ويدعم السوق بشكل انتقائي على أسهم يتم تقييمها من خلال بيوت استشارية عالمية.